القيادي الإسلامي البروفيسور “عبد الرحيم علي” في حوار الأوضاع الراهنة بمصر وقضايا المرحلة بالمنطقة (1)
*دعنا نبدأ بما تفرضه الأحداث علينا حيث نحن على تماس بما يجري ، كيف تقرأ الأحداث بمصر ؟
-أوافق على ما قدمت به من أن الأوضاع في الإقليم متصل بعضها ببعض، وكلها تتصف بأنها أوضاع أزمة في بعض مواقع الأزمة أشد، ولكن الإقليم كله في أزمة حقيقية، ويبدو أنها أيضاً تاريخية بمعنى أن فيها ينعكس التاريخ كاملاً بمشكلاته وآفاته وعيوبه وسماته، وأيضاً يكتب تاريخ جديد ويتشكل بحسب ما يقع الآن، طبعاً هذا ليس ببعيد عن الواقع العالمي، لأن الأزمات التي تقع في بلادنا أعتقد أن هنالك يداً أجنبية فيها.
هل كل الأزمات من صنع الأجنبي؟
-ليست كلها من صنع الأجنبي طبعاً، ولكن اليد الأجنبية أحياناً تساعد وتؤجج، وتطوع المشكلة، ما حدث في مصر في تقديري هو أن الثورة المصرية التي قامت عقب الثورة التونسية مباشرة، وكانت مفاجئة، كانت نتيجة لتأزم الوضع السياسي والاقتصادي لدرجة حادة الذي جاء في عهد “مبارك” ، لكن الذي حدث في مصر باعتبارها دولة مؤسسات كانت فيه محاولة لتلافي الثورة حتى لا يتسع مداها، وعملية تلافي الثورة كان المقصود منها المؤسسة العسكرية التي جاء منها كل رؤساء مصر في الماضي بعد الملك مباشرة، تستولي على الأمر وتوجه دفة السفينة.
*كيف ذلك ؟
كان المفروض أن يأتي “عمر سليمان” ولكن الثورة لم تمكنه من استلام السلطة، كان المفروض أن يأتي “أحمد شفيق” والانتخابات لم تمكنه من الفوز،ولذلك تلافي عملية الثورة لم يكتمل ،فجاء شخص ليس جزءاً من تاريخ الحكم في مصر وهو الرئيس “مرسي” وكان هذا بداية الأزمة لأن الرئيس “مرسي” من المؤسسة العسكرية ولا الأمنية، بل هو في تقدير المؤسسة العسكرية من خارج المسرح السياسي تماماً، وهو رغم أنه وجد تأييد أكثر من (51%) من الشعب المصري لكنه بالنسبة للنخبة المهيمنة في مصر لم يكن هو شخصاً مناسباً، باعتبار أن مصر في نصف قرن تقريباً تشكلت على أن الحاكم أو الرئيس يأتي من صفوة معينة، وهذه في كل بلد لها شكل..
مقاطعة..
*عفواً، ولكن الرئيس “مرسي” أتي عقب انتخابات حرة ونزيهة ووصل “الإخوان المسلمون” إلى سدة الحكم عبر الانتخاب حيث سارت الأمور بشكل طبيعي، ألا ترى أن “ثورة 25 يناير” مرحلة جديدة كلياً في مصر؟
-هذه المرحلة الجديدة لم تبدأ لأن قطاعاً عريضاً من الشعب المصري هي النخبة التي تكونت عبر تاريخ طويل فيها من لا يرى للإسلاميين” مكاناً في الحكم، وفيها من لا يرى أن الديمقراطية أصلاً يمكن أن تنجح وتستقر في مصر..
مقاطعة:
*لكن الإخوان بالفعل وصلوا إلى الحكم ودانت لهم كل الدولة؟
-الذي حدث في الحقيقة هو أن الرئيس “مرسي” وصل إلى “قصر القبة” وأصبح رئيساً مبايعاً، لكن باختصار شديد أن الأجهزة التي حكمت في أيام “مبارك” لم تتغير،”الجيش” لم يتغير كثيراً، “الأمن” لم يتغير لا كثيراً ولاقليلاً، الإعلام لم يتغير لا كثيراً ولا قليلاً ، كل محاولات التغيير الجزئية التي قام بها “مرسي”..
مقاطعة
المصريون قالوا إنها “أخونة” لمؤسسات الدولة المصرية هل المطلوب من الإخوان المسلمون أن يغيروا الجيش مثلاً وهو مؤسسة عسكرية محترفة؟
كانت جملتي بالضبط هي جواب على هذا، كل محاولات الرئيس “مرسي”..
*سمِّيت بأ”الأخونة” “سياسة الأخونة” التي لم يكن الهدف منها الشعب نفسه، بل تمت عملية إحلال وإبدال لمنسوبي الإخوان وذلك ما أثار غضب المصريين ؟
-أنا لم أشهد “أخونة” في الحقيقة، كلمة “أخونة” هي كلمة اختيرت بذكاء لمنع أي تغيير في الأجهزة القديمة، بمعني أن أي تغيير سيسمي “أخونة”، وعندما يقول الإخوان إن هذا ليس أخاً يقولون لهم ولكنه قريب منكم، وممكن هذا ينطبق على جميع المصريين.
قام “مرسي” باختيار وزير الدفاع المصري الفريق أول “عبد الفتاح السيسي” إلا أن “السيسي” إنحاز إلي خيار الشعب المصري وعزل “مرسي” حتى لا تنهار الدولة المصرية؟
-لا أستطيع أن أقول شيئاً عن اختيار “السيسي”، فهو مختار من داخل المؤسسة العسكرية ، واختياره كتغيير جزئي في العسكرية، بما يساوي واحداً أو اثنين بالمائة داخل هذه المؤسسة، لم يغير حقيقة اتجاهاتها وتفكيرها ، وفي النهاية كما تفضلت أنت انحاز إلى شريحة من الشعب.
*خرج أكثر من (30) مليون مصري إلى الساحات والشوارع رافضين استمرار حكم الإخوان وطالبوا برحيل “مرسي” ؟
-وكم الذين خرجوا من الطرف الآخر ؟
*حوالي (4) ملايين..
-أعتقد أن هذه الأرقام مغلوطة، هنالك حرب أرقام الآن، والذي حدث في الحقيقة هو صور فضائية لميادين مليئة بالناس، كم من الناس يملأ هذه الميادين لا أحد يستطيع أن يحدد، هنالك من يقول إن (40) مليون الآن خرجوا مع “مرسي” وهنالك من يقول (45)، وهنالك من يقول أقل من ذلك بكثير، أنا أعتقد أن ذلك لا يمكن التعويل عليه، التعويل يجب أن يكون على صندوق انتخابات حرة نزيهة لها قواعد ،هذا ما انتهت إليه التجربة البشرية ، أما أن نحسب الملايين بطائرة محلقة من الأعلى ونقول إن الشعب اختار أو قرر، فهذا يعني أن نكتب دستوراً جيدا نسميه “ديمقراطية الفضائيات، ديمقراطية الجماهير، وهذا ممكن، ولكن يجب الاتفاق عليه..
*مقاطعة :
*المصريون قالوا إن تجربة “الإخوان المسلمون” فشلت في مصر حيث مارسوا سياسة إقصائية، بالإضافة لممارستهم الفتنة الدينية، والعديد من المسائل الأخرى وقالوا إن الإخوان هددوا وجود الدولة المصرية نفسها ؟
-هنالك قطاع من الشعب المصري أصلاً لم يقبل بـ”مرسي” منذ البداية ، كل الذي حدث هو أنه التقط أنفاسه ونظم نفسه ووجد التمويل المناسب وخرج ليسقط الرئيس المنتخب، وهذا من الممكن أن يحدث في كل مكان، لا يوجد الآن رئيس لا في أمريكا، ولا في لا السودان، ولا مصر، ولا بريطانيا، ولا في أوروبا معه كل الشعب، هناك قطاع يصوت له وهناك قطاع يصوت ضده، الفرق بين ما يحدث في البلاد الديمقراطية وما حدث في مصر هو أنه عندما تنتهي الانتخابات ويصح أنها انتخابات نزيهة، يقبل الناس برأي الأغلبية إلي فترة معينة ثم تكون هنالك فرصة لتغيير جديد بحسب الحكم على الاختيار السابق.
*الشعب المصري قال إنهم لا يستطيعون الصبر على فشل “الإخوان المسلمون” ؟
-أنا لم أسمع كلمة الشعب المصري هذه، فإذا كنت سمعتها فعلى مسؤوليتك، الحقيقة أن التحدث باسم الشعب هو مرض عربي وأفريقي، ويستطيع شخص واحد أن يذهب إلى الإعلام ويقول الشعب يقول كذا وكذا، ويطلب منا أن نصدق، طبعاً الشعب مسكين مغلوب على أمره في القرى والبوادي إذا ذهبت إليه لتطلب منه الصوت سيقول رأيه، إذا لم تذهب إليه تستطيع أن تتكلم باسمه ما شاء الله من السنين، هذا ما حدث في كل البلاد الأخرى.
*لماذا لا يمارس “الإسلاميون” نقداً ذاتياً لتجاربهم التي يصفها البعض بالفاشلة ؟
-الإسلاميون لم تكن لهم تجارب فاشلة، الإسلاميون تجاربهم في السجون وأمام المشانق والمعتقلات والتعذيب، هذه هي التجربة الحقيقية لإخوان مصر.
*يقال إنهم فاشلون في مصر و في غيرها؟
-أي تجارب إسلامية ؟
*في السودان أو تركيا أربكان ؟
-السودان استثناء، نعم “أربكان” إسلامي صعد إلى الحكم وأقصاه الجيش، مرة الجيش ومرة القضاء، وما حصل لأربكان حدث ل”مرسي”، معناها أن مؤسسات الدولة العميقة تقاوم إرادة الشعب.
حوار : صلاح حمد مضوي
صخيفة المجهر السياسي
هذا تنظير وما يسمى بفكر البنا فاشل وقشل في مصر بس اسأل الله أن يزيلكم عاجلا وينتقم منكم لهذا الشعب المقهور