تحقيقات وتقارير

شمال كردفان .. حلبة الصراع القادم

[JUSTIFY]حملت الأنباء من كردفان إن تشكيلات من الجبهة الثورية تدير معارك ضارية منذ الثلاثاء حول معسكر سدرة التابع لإدارة الجيش السوداني جنوبي مدينة الرهد عند منطقة جبل الداير وهو المعسكر الأكبر في ولاية شمال كردفان ويوفر الحماية لكامل المنطقة حول جبل الداير كما انه يؤمن الطريق الي أبو كرشولا من ناحية الشمال منها وأفادت مصادر مطلعة من تلك الأنحاء أن السلطات المحلية في مدينة الرهد قامت بإغلاق المدارس أمس تبعاً لتلك التطورات كما تم قفل مسار الحركة بطريق أبو جبيهة أم روابة وبينما تعرض المسافرون علي طريق الخرطوم الأبيض لعمليات تفتيش دقيق بواسطة السلطات الأمنية واقر متحدث باسم الجيش السوداني بوقوع هجوم علي سدرة مؤكداً انه دارت معركة في المنطقة إلا إن قواتهم أجبرت المهاجمين علي الفرار وان المنطقة في هذه الأثناء تحت السيطرة الكاملة للقوات المسلحة..

ويقوم معسكر سدرة 15كلم الي الجنوب من مدينة الرهد احدي أهم مدن شمال كردفان ويعد صمام الأمان للمدينة ومدخلها الجنوبي ذلك سوي انه نقطة الانطلاق الي منطقة أبو كرشولة وشرياناً مهماً لعمليات التزويد والإمداد للجيوش المرابطة هناك.

خارطة الأحداث التي يمور بها إقليم كردفان الكبري وما يزال يتمخض عنها واقع سياسي وامني متغير متقلب لن تتضح ملامحه وتكتمل قماشة لوحته التي يغزل خيطانها الفرقاء في المركز والجبهة الثورية إلا أن تقرا حركة التنقلات الأخيرة لولاة كردفان جنباً الي جنب الأحداث العاصفة التي ضربت تلك المنطقة منذ أن تعرضت لهجوم الجبهة الثورية نحو خواتيم ابريل الماضي اثر انهيار جولة لمباحثات السلام بين الحكومة وقطاع الشمال بالعاصمة أديس أبابا في السادس والعشرين من ذات الشهر لتتخذ الجبهة الثورية التي يمثل جيش قطاع الشمال احد فصائلها الواقعة مناسبة تنقل فيها الحرب الي عمق كردفان وهي تتمدد بغزواتها الي مدن أم روابة والسميح والله كريم داخل ولاية شمال كردفان ممن بعد أن كانت الحرب محصورة الي الجنوب منها.

استقالة الوالي هارون من موقعه كوال منتخب بجنوب كردفان تمهيداً لقرار إعادة تعينه والياً مكلفاً لولاية شمال كردفان يفتح أسئلة ملحاحة تجاهد أن تسبر غور تلك التعديلات وتقف علي حقيقة أمره إذ يجد غالب المراقبين ان همهمة هارون في شمال كردفان لن تكون بحال من الأحوال توطين مشاريع التنمية والإنماء وإذ عرف عن الرجل بأنه الكرت الذي تلقي به الحكومة في مناطقها المتأزمة منذ ما قبل ذهابه شريكاً لعبد العزيز الحلو لإدارة احدي المناطق المتأزمة الثلاث جنوب كردفان- يرشح المنطقة كذلك لان تجتاحها الأزمات.
بدا نجم هارون بازغاً لأول فجر هذه الألفية إذ تم تعيينه مسئولاً عن صندوق السلام والتنمية بولاية جنوب كردفان ثم وزيراً للشئون الاجتماعية بذات الولاية.

لكنه ظهر في هيئة رجل المهمات الصعبة عقب تعيينه منسقاً عاماً للشرطة الشعبية ثم وزيراً للدولة بوزارة الداخلية وهي المواقع التي لعب خلالها أدواراً أساسية في التعبئة وحشد الجهود لمكافحة الحركة الشعبية لتحرير السودان وحركات التمرد التي انتظمت من بعد إقليم دارفور هكذا برز أحمد هارون قبل ان يعلن اسمه بواسطة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مطلوباً للمثول أمام قضاتها.

حلقة مهمة في الخيوط الناظمة للحمة تلك القماشة المنشورة علي ربوع الإقليم الكبير تبدو خلف الإشارات والإيحاءات المتبادلة بين النظام في الخرطوم والجبهة الثورية بواسطة توسيع دائرة عملياتها العسكرية ونقلها الي مناطق اقرب للمركز فإنها في ذات الوقت تعلن استعدادها للنزول لخيار المفاوضات والسلام وفق شروطها علي نحو ما أعلن مني اركو مناوي الذي قال في تصريحات في أعقاب اجتماع بجنيف عقده مع أعضاء من المجتمع الدولي الأسبوع الماضي:” إن الجبهة الثورية مستعدة للدخول في حوار مع النظام يهدف لإيجاد حل شامل لكل قضايا السودان والتخلي عن الحلول الجزئية التي وصفها بأنها تكرار لتجارب متوالية منذ العام (1972) .

وإذا تلوح الجبهة الثورية بالحرب مقابل السلام علي شروطها فإن ذهاب الحكومة الي تعيين هارون والياً لولاية شمال كردفان يحمل كذلك إشارة مهمة مفادها إن الحكومة تنقل مركز إدارة الدفاع والتصدي الي الأبيض والي الولاية التي تتطلع الجبهة الثورية أن تجد فيها موطئ قدم مما يعني أنها تعد العدة كاملة للدفاع عن شمال كردفان بل أن نقل أحمد هارون الي شمال كردفان يعني كذلك ان الحكومة ليست علي استعداد أن تجلس الي التفاوض مع الجبهة الثورية تحت ضغط السلاح والتصعيد العسكري.

وبهجوم الجبهة الثورية علي معسكر سدرة أمس تبدو الصورة كاملة بادية الملامح وإذ تكشف العملية ان شمال كردفان هو الميدان الذي تتطلع الجبهة الثورية ان تنقل إليه نشاطها في قادمات الأيام فإن نقل أحمد هارون وتعيينه والياً الي الشمال يكشف كذلك خطط الحكومة في الدفاع وإدارة عمليات مكافحة التمرد وقطع الطريق علي تطلعاته وخططه.

صحيفة الخرطوم
عبد الحميد أحمد[/JUSTIFY]