[JUSTIFY]
قديماً كرر السودانيون من شطري السودان الحالي هتاف (لا شمال بلا جنوب ولا جنوب بلا شمال) باعتبار الوجود المتكامل وليس المتناقض أو المتماهي بالضرورة ،بيد أن ذلك أصبح الآن من مذكرات التاريخ ،ولم يبق للجنوب صلة بالشمال إلا عبر قطاع الشمال الذي هو جزء من الشمال ويتبع للجنوب في الوقت ذاته ،بما يناقض سنن الله الكونية في الطبيعة حيث لا يمكن أن تكون قطبية الشمال والجنوب جزءاً من قطب واحد في النهاية حتى في (المغناطيس الطبيعي ذي القطبين الشمالي والجنوبي) ،لعب قطاع الشمال دوراً حثيثاً من أجل إيجاد نقيضه الجغرافي المسمى بالجنوب الجديد الذي يشمل المناطق الثلاث جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي ،وسعى لأن يجعل منه جنوباً عصياً على السودان (الشمالي) من خلال تمرد جديد ومحاولات لتفادي المواثيق السابقة التي تحكم التعامل معها من خلال بروتوكولاتها إلى التمرد والتصعيد القتالي المفضي إلى فتح مسارات تفاوضية جديدة، وبالتالي القفز فوق الحقائق السابقة والتعامل بسياسة الأمر الواقع من أجل سقوف تفاوضية جديدة تستنسخ قطاع الشمال بإعتباره حركة شعبية جديدة مثيلة بتلك التي أفرزتها نيفاشا تصبح شريكاً مشاسكاً للمؤتمر الوطني من خلال محاصصة على السلطة والثروة وشرعنة على الصعيد القومي لا تكتسبها بأية خصائص ذاتية وإنما بشريعة القتال والتسوية فقط فتصبح معبراً عن التيار الليبرالي الشمالي وتحالف المعارضة داخل الحكومة وخارجها في الوقت نفسه ،وهو ما فطنت له الحكومة منذ البداية ورفضت أن تتحاور مع قطاع الشمال إلا على المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق وبإعتماد مرجعية بروتوكولات نيفاشا الخاصة بهما ،إذن فشل قطاع الشمال حتى الآن في تحقيق أي هدف ذي بال من أهدافه الإستراتيجية ،لكنه نجح لحد ما في تحقيق بعض الأهداف التكتيكية المتعلقة بتوتير علاقة دولة الجنوب مع السودان وذرع مسار التفاوض بحقل ألغام تجعله لا يتقدم في كل جولة إلا وتأخر من خلال تحالف القطاع مع مجموعة أولاد قرنق وأبيي ويساريي الحركة الشعبية في الجنوب وعلى رأسهم باقان أموم ،فحققت أهدافها تجاه السودان مرحلياً في استمرار الحرب واستنزاف الموارد بل وحرمانه من عائدات معالجة وتمرير نفط الجنوب ما أزم الوضع الاقتصادي ليكون ذلك أحد أهم المعطيات للمعارضة في اسقاط النظام بحجج الغلاء وتدهور الوضع المعيشي ،لكن هؤلاء لم يفطنوا إلى المجازفة التي ينطوي عليها هذا العمل بالنسبة للجنوب الذي هو بمثابة دولة وليدة وليس مجرد حركة نضالية تتبع حرب الغوريلا ،فمصالح الشعب والدولة تقتضي مسلكاً مختلفاً لا يهدد عرش الحكم أو كيان الدولة ويعطيها الموارد.صحيفة الراي العام
مرتضي شطه
[/JUSTIFY]