رأي ومقالات

عبير زين : و رَجُلُ تصدَّقَ (أخفى)!

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) رواهُ البُخاري.
ساهمت الأمطار التي هطلت على السودان مؤخراً في إزالة الكثير من نظرة الظُلم الواقعة على شبابنا والزاوية المظلمة التي يُحكم بها عليهم و ضحدّت الفِكرة التي تضعهم في خانة الهشاشة الفكرية والسلبية وعدم المسئولية فأبرزت مقدراتهم الحقيقية على توظيف طاقاتهم في خدمة قضايا مجتمعهم وقدراتهم الحقيقية على التغيير والحراك الإجتماعي الصاخب.

وكذلك فقد غسلت هذه الأمطار مساحيق التجميل التي كان يضعها البعض سواءً مؤسسات أو أفراد وجرفت في طريقها السور الساتر الذي كانوا يحتمون به، فظهروا في قِمة السماجة والفجاجة وهم يتهافتون للدعم (الصوري) لمتضرري السيول بهدف الظهور الإعلامي لا بهدف عمل الخير بحد ذاته.

ألم يُفكر هؤلاء الذين يذهبون إلى المناطق المُتأثرة مُدججين بكاميرات التصوير وبطاقم إعلامي متكامل لتصويرهم وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ويتلقون الدعم والمساعدات العينية والمعنوية، ألم يفكروا بماذا يحسُ هؤلاء؟ وأىُ جرحٍ يجنون من خلال تلك الضوضاء التي تؤرق هدوئهم وبساطتهم؟ لو كان لدى سُلطة لمنعت أى جهة من تصوير الإعانات أياً كانت مصدرها، فمن كان عمله لله فلن يرجو إلاه لا كاميرات ولا سُمعة ولا صيت!

لا نُنكر دور الإعلام الكبير في عكس الأوضاع التي يعيشها المنكوبون ولكن هنالك شعرة رفيعة تفصل بين عكس الحقائق والتشهير بخصوصياتهم، فقد تعدى الكثيرون على هذا الحد الفاصل وقطعوا الشعرة وفضحوا المستورين بهدف الترويج وربما فعل البعض ذلك بنية سليمة وبعفوية لا يشوبها رياء ولكن بطريقه خاطئة أدت إلى تذمر عدد من المتضريين ورفضهم لبعض السلوكيات المصاحبة لحملات دعمهم ومساعدتهم.

حملة دعم المتأثرين لم تعد حصراً على مجموعة أو مؤسسة بعينها بل أصبحت حراكاً إجتماعياً مُتكاملاً وقد أدى الأعلام فيها دوره بكل الكفاءة وأصبح الآن من المُمكن بل من الضروري وضع الكاميرات أرضاً بعد أن تحقق الهدف من التنوير بما حدث لأهلنا جراء السيول، آن الأوان في هذه الفترة أن تتم الجهود بعيداً عن اللأضواء والضوضاء حتى لا نؤذيهم أكثر ونحملهم عبئ إقتحام خصوصياتهم وإنتشار صورهم في كل مكان على أن تستمر التغطيات الإعلامية مُركزة على الجوانب التي تُبقيهم قيد الذاكرة إستقطاباً للدعم المُمكن دون منٍ أو أذى!

همسة:

سُنَن للريدة ثابتة اُصـول .. خسـارة وبيـع زي التُجّار

عشان بالخير يعدّي خصام .. دا احسن تاجر العطّار

اذا باع يوم بضاعتو بقوم .. معطّر زي شذى النـوّار

وتصبـح سمعتو السـابقـاو .. يلاطِف قدَرو في الأقـــدار

ولا محتاج رؤؤس اموال .. بكون ربحان بدون أسعار

همسات – عبير زين