تحقيقات وتقارير

مواطنو شرق النيل .. معانــــاة مستمــــرة

[JUSTIFY]لم تكن الصورة هي نفسها التي رسمتها بذاكرتي من الأخبار في وسائل الإعلام، فمنطقة الكرياب تكاد تكون أشبه بأطلال مكان قديم دمرته جيوش الاحتلال، فكل المنازل منهارة ولم يتبقى منها الا بقايا أسقف المنازل المتناثرة وبعض الحيوانات التي مازالت قابعة في مكانها، أما منطقة المرابيع فوجوه المواطنين هناك تدل على البؤس والتعاسة وهم جالسون في الشوارع في تجمعات، وبعض النساء جلسن قرب الشارع الرئيسي وكأنهن ينتظرن شيئاً ما. ولا يدركن ماهو حجم الخسائر والانهيارات للمنازل في مناطق المرابيع والكرياب وحي المصطفى أكبر من طاقة المواطن ومقدرته.
فماهو مصير المواطن في هذه المناطق وما حولها، وهل تلقت الدعم والمساعدة والمعينات التي يمكن أن تتجاوز بها هذه الأزمة، وحتى نقف على حقيقة ما يحدثأجرينا التحقيق التالي مع مواطني منطقتي المرابيع والكرياب؟!

٭ محسوبية:
نجاة إحدى مواطنات منطقة المرابيع مربع (71) تجلس هي ومجموعة من النساء قرب الشارع في احد الميادين سألناه ما هذه التجمعات وهل فعلاً وصلتكم معينات وخدمات والى آخره فأجابت كل الدعم الذي وصل حتى الآن قدمته المنظمات والهيئات وبعض النساء الخيرات، ومع ذلك توجد محسوبية في توزيع كل التبرعات وحتى الخيم والمشمعات لم توزع لكل الأسر التي أنهارت بيوتها، وقالت منذ الصباح يجلسون هنا بعد أن أبلغوا بأن هنالك بعض المعينات التي سوف تصل وتوزع للأهالي (ولكن حتى الآن لم تصل وأصبحنا في منتصف اليوم، الحياة أصبحت صعبة جداً في هذه الظروف ولا ندري كيف نتعايش معها).

٭ دعم عشوائي:
أما إسماعيل الذي يقطن منطقة المرابيع مربع (7) ذكر أن المشكلة أن كل الدعم سواء من منظمات أو هيئات أو جمعيات خيرية غير منظم، فالدعم يأتي ويوزع عشوائياً وقرب الشارع دون نظام ودون أن تدخل تلك العربات الى داخل (الحلة)، وقال إن بعض المواطنين يقبعون في بيوتهم ولايمكن أن ينتظروا الدعم والمعينات في الشارع (الأمر يحتاج الى نظام والحق يقال إن الجهات قدمت مساعدة كثيرة وما قدمته ليس بالشيء القليل فهنالك الأستاذة (وداد) صاحبة طلمبة النحلة كانت تحضر كل يوم في الأسبوع الأول وتوزع (4 ألف خبرة) على مواطني الكرياب والمرابيع».
وأشار الى أن هناك جهات عديدة أحضرت دعم ومواد غذائية لكن لا أحد يقف على هذه الأشياء لذلك بعض المتضررين لا يجدون خيم ولا مواد تموينية، وقال إن المواطنين خرجوا للبحث عن عمل حتى يستطيعوا توفير احتياجات أسرهم.
وطالب باسناد مهام توزيع الدعومات لمسؤولي اللجان الشعبية، فهو يرى أن هذه الخطوة تضمن سلامة وعدالة توزيعها على كل المتضررين.

٭ المحتاج أولاً:
أما الحاجة عائشة وهي تسكن المرابيع مربع (71) فقد نفت أستلامها لأي خيمة أو مشمعات رغم أن منزلها قد أنهار كلياً، وأنتهت الخيم قبل أن تصل اليها ومازالت حتى الآن تنتظر خيمة سواء من الجهات المسؤولة أو المنظمات، الحاجة عائشة بنت راكوبة عشوائية حتى تقي نفسها وأسرتها لسعات الشمس وقسوة البرد والمطر، وقالت إنه يجب ان يتم تقسيم الدعم والإغاثات بالعدل خصوصاً لمن إنهار بيته وأخذته السيول (ونسأل الله أن يلطف بنا).

٭ صورة مأساوية:
الحاجة بخيتة تجلس هي وبناتها في راكوبة قرب الشارع بالكرياب، بعد فترة صمت حكت عن معاناتها قائلة: (رغم الوضع الذي نحن فيه ولكن لم يقدم الينا أحد حتى الآن خيمة، ونحن الآن نعيش بهذه الصورة المأساوية فهذه الراكوبة العشوائية ليست مكاناً مناسباً لنقيم بها ولكن الكارثة التي حلت بنا جعلتنا أشبه بالشحادين والمتسولين الذين ينتظرون الاغاثة والدعم والعون من الآخرين، ولا ننكر ما قدم الينا من مواد غذائية ومؤن من المنظمات والجمعيات والنسوان اللي بيجوا هنا ولكن نريد الاستقرار وأن تعود حياتنا الى طبيعتها، والمؤسف أن المعونات لا توزع بطريقة عادلة ومنظمة).

٭ تلاحم الجهود:
الأستاذ مدثر عبدالحميد عبدالرحمن مدير الإعلام بشرق النيل أكد أن هنالك مجهودات كبيرة بذلت من محلية شرق النيل منذ اللحظة الأولى للسيول والأمطار والفيضانات، وأن هنالك أكثر من (91 ألف) وجبة جاهزة قدمت في الفترة الأولى، وعدد (084) جوال ذرة و(06) جوال بصل و(06) الف مشمع وقرابة الـ (3) ألف خيمة وأن التوزيع شمل المناطق المتأثرة بالسيول بوادي سوبا وأبوقرون وأم ضواً بان وود أبوصالح وما جاورها والعيلفون في مناطق مرابيع الشريف والكرياب وأم عشوش وطيبة الكبابيش وأن كل المناطق المتأثرة تشهد أعمال دؤوبة في مجال تصريف وتجفيف المياه ورش البرك والمستنقعات لمكافحة توالد الباعوض والذباب، ونشيد بتلاحم الجهود الرسمية والشعبية في مجال درء آثار السيول والأمطار بالمحلية.

٭ الخدمات الصحية:
بالنسبة للجوانب الصحية والخدمات التي قدمت للمتضررين فقد أوضح د. زاهر محمد الأمين، مدير الإدارة العامة للشؤون الصحية أن إدارته حرصت على معالجة أي تدهور يمكن أن يؤثر سلباً في البيئة الصحية، وأنهم أعتمدوا في ذلك على أربعة محاور، مشيراً الى أنهم بدأوا تقديم الخدمات الصحية مبكراً عبر أسعاف (مشط) كل المناطق المتأثرة لنقل الحالات التي تحتاج لتلقي العلاج في المستشفى.
وقال د. زاهر إنهم فعّلوا كل المناطق المتضررة وإن عملهم كان متواصلاً منذ اللحظات الأولى، الى جانب توفيرهم للأدوية في كل المراكز الصحية بالمحلية، بالإضافة الى إنشاء عيادات ميدانية بالمرابيع.. الكرياب.. عد بابكر.. العسيلات.. وغيرها من المناطق الواقعة في المحلية.

٭ استئناف الدراسة:
فيما يخص استئناف الدراسة، قال الأستاذ عمر الطيب مدير التعليم بمحلية شرق النيل إنهم استلموا ووزعوا (051) خيمة، وأنه تم استئناف الدراسة في كل مناطق محلية شرق النيل، مبيناً أنهم قاموا بتوزيع الخيم على المدارس التي تعرضت للإنهيار، وهي غالباً لا تسع لأكثر من (03) طالباً.
على إن إدارة التعليم لجأت لتقييم فترة الدوام اليومي في المدارس المتضررة عبر اعتماداتهم فترتين للدراسة (صباحية – مسائية).
فيما يخص بعض الأسر التي انتقلت الى مناطق أخرى، فقد أصدر وزير التربية والتعليم بولاية الخرطوم – حسب الأستاذ عمر – قراراً قضى بقبول طلاب هذه الأسر في المناطق التي يتواجدون فيها حتى انتهاء العام الدراسي، مؤكداً عدم وصولهم لأي شكاوي تفيد بعدم حضور التلاميذ للمدارس.

تحقيق: لبنى أبو القاسم: صحيفة الوطن [/JUSTIFY]