مَنْ يدفن الكيماوي السوري !!
في مجلس “الدوما” الذي يسيطر الموالون للرئيس فلاديمير بوتن على غالبية مقاعده، بدا وكأن النواب يسعون لبناء ظهير شعبي لدبلوماسية بلادهم، إذ انتهت مناقشاتهم المطولة إلى تبني بيان يرحب بالمبادرة الروسية، باعتبارها “خطوة جدية نحو حل سلمي للنزاع”، ويدعو الكونغرس الأميركي لعدم السماح بتوجيه ضربات إلى سوريا، مستنكراً خطط واشنطن وبعض العواصم الأخرى ضرب دولة ذات سيادة دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
كما اعتبر البيان رفض الكونغرس استقبال وفد برلماني روسي على خلفية تفاقم الأزمة السورية “تقويضا للحوار الثنائي البرلماني بشأن عدد من الملفات، وتهديدا للتعاون الروسي الأميركي”، بينما أراد الحزب الشيوعي الذهاب إلى مدى أبعد بإدراج تحذير بخروج روسيا من معاهدة “ستارت” الجديدة، وبتوريد أسلحة دفاعية متطورة إلى إيران، وبإعادة النظر في شروط نقل الشحنات الأميركية عبر الأراضي الروسية إلى أفغانستان، في حال وجهت واشنطن ضربة عسكرية إلى سوريا.
لكن يبدو أن الرأي قد استقر في النهاية على تجنيب البيان لغة تصعيدية غير مرغوب فيها حاليا، خاصة بعد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تأجيل تصويت الكونغرس على قرار توجيه الضربة العسكرية ضد سوريا.
وبعيدا عن البيانات السياسية حاول البعض الاقتراب من الخطوات العملية المفترضة لتنفيذ مبادرة موسكو، إذ طالب زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي فلاديمير جيرينوفسكي بأن تقوم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بتسليم ما تملك من أسلحة كيماوية إلى روسيا، وأن تضطلع موسكو بمهمة إتلاف تلك الأسلحة على الأراضي الروسية، تحت إشراف الأمم المتحدة.
غير أن الجنرال المتقاعد (يفغيني بوجينسكي) يعتقد أن العملية صعبة التنفيذ على أرض الواقع، مضيفا في حديثه لوكالة “ريا نوفستي”: “نقل الأسلحة الكيماوية السورية إلى الأراضي الروسية ثم إتلافها، يمثل أفضل الحلول، لكني أشك أن يتم ذلك في ظل المعارك المشتعلة في سوريا”.
أما رئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية، ليونيد إيفاشوف، فيرى أن روسيا تملك القدرة والإمكانات لتنفيذ هذه العملية بصورة آمنة تماما، لكنه يقترح أن يتم ذلك تحت مظلة دولية.
صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” تساءلت عن الجهة التي ستضطلع بنقل وإتلاف الترسانة الكيماوية السورية: “هل هي: روسيا؟ الولايات المتحدة؟ دول حلف الناتو؟ دول عربية؟ الصين؟ ومن سيقود العملية؟ وما هي الوسيلة التي ستتبع خلال عملية الإتلاف؟ هل ستحرق في أفران خاصة أم ستدفن في أحد المحيطات”؟
وقال الخبير في مجال الأمن الكيماوي، البروفيسور الإلكسندر غوربوفسكي، للصحيفة: “الخطوة الأولى أن توقع سوريا على وثيقة منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وتضع ترسانتها تحت تصرف المنظمة التي ستتحمل مسؤولية إتلافها، كما حدث في ليبيا في عهد معمر القذافي، إذ كان يمتلك قرابة ألف طن من المواد القتالية السامة، وقد قامت المنظمة بنقل تلك المواد إلى منطقة في الصحراء تبعد مئات الكيلومترات عن الأماكن الآهلة بالسكان وأتلفتها بالتدريج وفق طرق خاصة”.
وبينما يجتهد الخبراء في استعراض الوسيلة الأفضل للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، ينتظر الجميع نتائج مباحثات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري في جنيف، التي قد تمتد إلى السبت المقبل حسب مصادر روسية، على أمل أن يتصاعد بنهايتها دخانٌ أبيض.. غير كيماوي.
سكاي نيوز عربية
[/JUSTIFY]