السودان والمغرب .. مقارنة حول الربيع العربي..!

ولكن لأن السودان (دولة ضد)! ولان النظام فيها منحاز للحقوق الفلسطينية بشدة وبسبب أمور أخرى… أخذ السودان شكلاً آخر في الإعلام … لا أحد يتحدث عن الإضرابات في المغرب وهي حقيقية ولكن كثيرين يتحدثون عنها في السودان وهي لم تحدث بعد.
ولو حدثت لا قدر الله سيتحدث العالم عن الحكومة الانتقالية وعن الثورية السودانية .. سيقفز أخرون إلى الحديث عن النازحين السودانيين من الخرطوم إلى معسكرات حولها وسيتحدث الإعلام عن أن سكان العاصة حلوا ضيوفاً على (النيقرز) في منازلهم المهجورة حول العاصمة لأن الخرطوم تحولت إلى خرابات تشبه مقديشو في عهد لوردات الحرب.
ولذلك النصيحة للمؤتمر الوطني أن أي هزة في الثقة بين اتحاد العمال والحكومة (ممثلة في وزارة المالية) تعني الضياع الشامل فالاتحاد هذه الأيام هو الشعب لان شعبية الإنقاذ في قواعد العاملين أكبر من شعبيتها وسط طلاب المؤتمر الوطني … والسبب أن العاملين في درجة من النضج والحسابات الدقيقة للوضع أكثر من الإسلاميين المتعصبين للنظام.
نوع العلة في السودان والمغرب يكشف أن نوع العلاج واحد.. وهو اصلاحات سياسية واقتصادية .. وفي المغرب حكومة ائتلافية (تقدمية إسلامية) وفي السودان دخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل للحكومة .. ودخل قائد جيش الأمة الأمير عبد الرحمن الصادق.. ولكن لن تجد إصلاحات السودان السياسية ترحيباً مثلما وجدت المغرب .. وعندما اتخذت الحكومة في السودان قرارات الإصلاح الاقتصادي التي تشمل رفع الدعم وزيادة الحد الأدني للأجور وتوسيع مظلة الدعم والتأمين الاجتماعي .. تسبب الشق الأول في مظاهرات بينما لم ولن يتم الترويج للشق الثاني.
وفي السودان شهد الصيف الماضي احتجاجات منظمة ومدروسة جيداً من قبل الأحزاب، ولكن كانت هنالك حالة من العزوف الشعبي عن التضامن مع المعارضة .. وفي احتجاجات سبتمبر كان هنالك غضب شعبي حقيقي على القرارات ولكن الأحزاب لم تكن منظمة.. لان ما حدث في مصر قرب بين (الوطني والشعبي) ولأن الاتحادي مشارك ولان الأمة شرع في الحوار مع المؤتمر الوطني حول الدستور وثوابت الوطن .. حتى ولو قررت الأحزاب الخروج للشارع فإن هذا سيكون من باب (فاصل وتواصل الحوار) … ورحمة الله على كل من يلقي حتفه في هذا الفاصل! وتقرير خاص يقول .. في السودان قرابة ثلاثة آلاف مسجد ضخم ..وعدد المساجد السلفية أو التي يعتلي منابرها أئمة ذوو ميول سلفية أكثر من ألفي مسجد .. وان السلفيين هم الجماعة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك قناة فضائية واستثمارات وكوادر قيادية في كل المجالات .. واحد الأصدقاء يلكزني بنصف ابتسامة (وصحفيين كبار)! ومن المعلوم ان الجهات المنظمة هي التي تقطف ثمرات التغيير حتى ولو استشهد فيه مواطنون أبرياء لا ينتمون ألي هذه الجهات ..
بل يساريون وتقدميون يعادون هذه الجهات .. وما لم يقله التقرير أن الجيل الثاني مباشرة في الجيش السوداني يمتزج عندهم الانتماء الإسلامي الوطني العام .. بالتوجه السلفي أما الجيل الثالث فانتماؤه (سلفي إلا ربع) .. وفيهم أشخاص لم يمرون بالمراحل السياسية التي مرت بها القيادات من جيل الشيوخ .. وموقفهم من اليسار والحزب الشيوعي يشبه موقف السلفيين.. وموقفهم من الأحزاب الاستعجال بإبرام الصفقة السياسية الملزمة مع القيادات الحالية وتثبيت الحريات بأحكام في الدستور وفي الممارسة الواقعية .. مع مطالبة المؤتمر الوطني بتعديل مفاهيم الأجيال المذكورة .
صحيفة السوداني
مكي المغربي