محمد حامد جمعة : الأنسب والمناسب
إن الاتفاق علي مشروع حزب جديد لن يكسب الصف الوطني إلا مغاضب آخر، فقد خرج من عباءة الإسلاميين والاتحاديين وحزب الأمة والشيوعي كثير من الذين قالوا إنهم أهل إصلاح وتجديد، وانتهي الأمر بأغلبهم إما بالعودة إلي الفرع الرئيسي الذي خرجوا منه، أو في أحسن الأحوال تأسست منابر وأحزاب يكون لها بريقها الذي سرعات ما يخفت، فكم من رجل نابه ونبيل انتهي به الأمر إلي الجلوس أمام تل أفكاره وتصوراته الرصينة، وظل الحال في كل الأحزاب علي ما هو عليه مما نعلم.
مجموعة الإصلاحيين أو الدعاة لذلك بقيادة (غازي) ومن معه لا يبدو أن لهم مشكلة مع (الرئيس)، وهكذا الحال مع غالب أوساط قواعد المؤتمر الوطني، ففي ذروة جدل هذه القضية حسب ما علمت فقد التقي “غازي” الرئيس “البشير”، وفي وسط لجة مياه نقاشات المذكرة ولجنة المحاسبة ظلت المجموعة المعنية بهذه الإجراءات محل قبول كتلة عظيمة من عضوية الحزب الحاكم، وبهذا فإن الخروج لتأسيس كيان جديد وحزب يفقد هذا التيار وبضربة واحدة مكانه عند “البشير” ووضعيته بين قواعد الحزب الكبير، وقطعاً فإن هذه خسارة لا أظن أن وزنها بموازين التقدير والاعتبار قدي فوت علي فطنة أشخاص بقامة “حسن عثمان رزق” أو “الدعاك” أو “العتباني” نفسه.
أنا قد أبحث عن مشتركات تجمعني بتيار الإصلاح، رؤية واقعية أو أمنيات أو وقائع أحسها، وسيكون سهل عندي أن أبحث تلك الروابط واختبرها، طالما أن الإصلاحيين في نطاق تواصلي الحزبي والتزامي، إذ لن يكون في الأمر حرج، ولكن القفز إلي خارج السياج سيملأ المسافة بين موقفي وموقف الآخر في الإصلاح، بتقديرات سيغلب عليها التشاكس الحزبي وولاء الانحياز للجماعة، مما يجعل إمكانية النظر في المشروع الآخر بموضوعية إمكانية ضئيلة وخافتة الأضواء كثيرة العتمة، ولن يخسر حينها المؤتمر الوطني لأنه سبق واختبر خروج ومنافسة من هم أكبر قوة وتنظيمياً ممثلين في المؤتمر الشعبي الذي به الأمر والشيخ “الترابي” ليكون محض عنصر مزعج، ولكنه غير قاتل.
علي أي حال بالتوفيق لغازي إن ذهب أو بقي، وإن كان لخيار الثاني هو الأنسب والمناسب.
صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]