حوار مع عضو مجلس قيادة الثورة السابق أحد الموقعين على المذكرة الإصلاحية العميد (صلاح كرار) (1-2)
في تطور مثير قام المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني بتجميد النشاط التنظيمي لـ (9) من الموقعين على رسالة الإصلاح المفتوحة إلى رئيس الجمهورية.. وأصدر توصية إلى مجلس الشورى الذي سيلتئم في ديسمبر بفصل ثلاثة من الموقعين.. ما وصفه الدكتور “غازي صلاح الدين” بأنه رصاصة الإعدام التي أُطلقت على جسد الإصلاح بالحزب.
} سعادة العميد “صلاح كرار” كيف قابلت قرار المكتب القيادي القاضي بتوصية فصل بعضكم وتجميد عضوية البعض؟
– والله قرار المكتب القيادي قرار متوقع لأن فكرة الإصلاح أصلاً نشأت بسبب الممارسات غير المؤسسية وغياب الشورى داخل الحزب، فالحزب يقوم على عدد من الأشخاص، هم الذين يصنعون القرار وكل مؤسسات الحزب تابعة لا تقدم ولا تؤخر. وفكرة الإصلاح هذه ليست فكرة جديدة هي بدأت منذ أن كان هناك مجلس قيادة الثورة ومن قبل أن يمر عليه عام شعرنا أن هناك أجهزة تصنع القرار ولا تريد أن تكون هناك مؤسسية في صناعة القرار، وأنا أذكر هنا استقالة أخونا اللواء “فيصل علي أبو صالح” وزير الداخلية في ذلك الوقت ومعه العميد “عثمان أحمد الحسن” عضو مجلس قيادة الثورة، وهذا دليل على أن الناس منذ البداية كانوا يرفضون عدم المؤسسية وانعدام الشورى وهيمنة مجموعة محددة، ومنذ ذلك الوقت بدأت المسيرة إلى أن قام الحزب، كانت لنا رؤى وإن لم نكن متجمعين كلنا في كيان واحد، وكانت هناك مذكرة العشرة، وهناك أكثر من موقف ضد انعدام المؤسسية وضد هذه الممارسات التي ما زلنا نشكو منها.
} إذاً موجبات الإصلاح ودواعيه كانت موجودة منذ قيام الإنقاذ؟
– ما أريد قوله إن المسيرة منذ قيام الإنقاذ وإلى يومنا هذا هي مسيرة سمتها الأساسية عدم المؤسسية وعدم الشورى وإقصاء الآخر.. وأية محاولة لتصحيح هذا المسار هي مرفوضة وأعطيك مثالاً في مؤتمر (الحركة الإسلامية) الأخير تجمعنا نحن نفس هؤلاء الأشخاص الذين يقودون عملية الإصلاح الآن، وتحدثنا عن أن هناك تزويراً لإرادة الناس وهناك تزويراً للانتخابات أثبتناه عبر لجنة شكلَّها الأمين السابق “علي عثمان محمد طه” وألغيت كل القرارات لأنه وجدت فعلاً هناك تزويراً للإرادة.. المسألة أصبحت مؤسفة.
} توقيت رسالتكم الذي تزامن مع خضم التظاهرات والأحداث يجعلها تبدو وكأنها محاولة للقفز من السفينة التي توشك على الغرق.. “أحمد إبراهيم الطاهر” قال إنكم شعرتم بأن الحكومة توشك أن تذهب أو تغرق سفينتها لذلك حاولتم القفز منها؟
– هذا غير صحيح، وكلام “أحمد إبراهيم الطاهر” لا يعتد به، نحن لا نريد أن نتكلم عن “أحمد إبراهيم الطاهر”، لكن نقول فقط كلامه لا يعتد به.
الحدث دائماً هو الذي يحدد التوقيت، نحن كان لابد أن نبدي رأينا في رفع الأسعار لـ (75٪) و(60%) للجازولين.. وقتلى بالرصاص الحي لأول مرة يحدث هذا في السودان بهذه الكيفية.. هناك فرق بين الحدثين الفوضى والتخريب وقتل الذين عبروا عن موقفهم.. هناك فرق.. المتظاهرون السلميون الذين قتلوا نحن عبرنا عنهم قلنا ليس هناك مسلم يقبل قتل النفس التي حرم الله. الحدث هو الذي يحدد التوقيت وما كان يمكن أن نقول (يا أخوانا التوقيت ما مناسب خلو رأينا دا نقولوا بعدين)
} بروز صوت تيار الإصلاح الآن ألا..
– مقاطعاً بسرعة:
– أما عن القفز من السفينة، فنحن نقول وقلنا وأثبتنا حتى آخر لحظة إلى أن تم فصل من فصلوا وتجميد من جمدوا.. نحن قلنا إننا سنبقى داخل الوطني ولن نغادر إلا إذا أجبرنا.. أما الكلام عن القفز فأنا شخصياً أقول إنه لا يجوز عليّ أنا.. باعتبار أنني عملت انقلاباً مع “عمر البشير” فلن استطيع أن أقفز من السفينة.. إن غرقت نغرق معاً وإن سلمت نسلم معها.. الذين سيقفزون من السفينة هم بعض أعضاء المؤتمر الوطني وبعض أعضاء الحكومة الحالية الذين يحملون الجوازات البريطانية والأمريكية والكندية والاسترالية ويجددون سنوياً اقاماتهم في دول الخليج، هؤلاء هم الذين سيقفزون من السفينة لا نحن.
} يقال إن “صلاح كرار” رفض المثول أمام اللجنة وقال ليس في مقدور أحد مساءلتي إلا الرئيس “البشير”؟
– لا هذا ليس صحيحاً.. أنا ذهبت في الموعد المحدد بل الموعد كان الرابعة عصراً في المركز العام للمؤتمر الوطني، أنا ذهبت في الرابعة إلا ربعاً وانتظرت حتى ما بعد الخامسة ودخلت إلى اللجنة.. أنا التزمت بالأمر باعتباري إنساناً منضبطاً، لكن عندما دخلت إلى اللجنة اعترضت على شيئين، فشكلاً هذه اللجنة لا يمكن أن تحاسبني أنا لأن هذه اللجنة على الأقل فيها أمين أمانة الطلاب وهو شاب دون الثلاثين.. وفيها أمين أمانة أخرى وهو فوق الثلاثين وفيها أعضاء آخرون أقل مني سناً – في الإدارة- وأنا تخصصي هو إدارة عامة وأحمل ماجستير من جامعة الخرطوم في الإدارة العامة، إذا أردت أن تحاسب شخصاً فيجب أن تراعي هذه المسألة في لجنة المحاسبة حتى لا يتحرّج الشخص.
} وما هو الشيء الآخر الذي اعترضت عليه؟
– اعترضت على مضمون المحاسبة.. مضمون المحاسبة مكتوب فيه أننا نسعى مع آخرين لإسقاط النظام وتفكيك الصف الوطني.. أنا قلت لهم أنا أرفض هذه التهمة تماماً لأن هذه التهمة كان يجب أن يسبقها تحقيق معي.. كان يجب أن يحقق معي أولاً ثم يقال لي ثبت من خلال التحقيق معك أنك كذا وكذا، ويمكن عند ذلك تحويلي إلى محاكمة جنائية لو اقتضى الأمر، لكن لم يتم التحري معنا أو مساءلتنا أو التحقيق معنا، بل قفزوا ورتبوا التهمة من عندهم وواجهونا بها في لجنة المحاسبة، ولذلك رفضتها شكلاً ورفضتها مضموناً.
} الملاحظ أن هناك تفاوتاً في العقوبات التي وقعت على الموقعين.. بعضهم جُمدت عضويتهم.. وهناك من صدرت توصية بفصله.. وهناك من أُكتُفي بتوجيه اللوم لهم.. وهناك من تمت تبرئته.. لماذا هذا التفاوت في العقوبات؟
– هذا التفاوت يعني الربكة ويعني أن المحاكمة أصلاً لم تقم على أسس ولم تقم على تحقيق، ولجنة التحقيق دائماً تكون محايدة لا علاقة لها بالمحاسبة، هذا لم يحدث ولذلك حدثت الربكة بأن استهدفوا بعض الناس، “غازي” مثلاً لأنه عضو المكتب القيادي.. وكذا.. هذا هو سبب الأحكام المتفاوتة وهذا يؤكد عدم مؤسسية هذه اللجنة والارتباك في عملها.
أنا لأول مرة أرى أحكاماً تعلن في مؤتمر صحفي!
} قد يتبادر إلى الأذهان أن الذين تمت تبرئتهم هم الذين تنصلوا عن توقيعاتهم حيث أُشيع أن هناك من تنصل؟
– لم يحدث.. لم يحدث قط وحتى الآن نحن لا نعرف من هم الذين تمت تبرئتهم.
} الذين تمت تبرئتهم أربعة؟
– لم تذكر أسماؤهم إلى الآن.. لا نعرفهم.
} لكن ألم يتنصَّل أحد من توقيعه؟
– واحد.. واحد من أمانة الشباب قال (أنا ما وقعت أو أنا لم أكن أعرف أنها ستذهب إلى الإعلام).. واحد فقط.. لكن عدداً كبيراً مثل الدكتورة “عائشة الغبشاوي” عضو المكتب القيادي في الحج لم تمثُل أمام اللجنة، و”صفية عبد الرحيم” أيضاً في الحج ولم تمثل وعدد آخر من الناس.. لكن ليس هناك سوى شخص واحد تنصل.. وأنا أقول لك: إذا كانت اللجنة عادلة فأنا كان يجب أن أكون من ضمن الذين سيُفصلون.
} لماذا؟
– لأن دفوعاتي كانت أقوى وما واجهت به اللجنة من أحداث ذكرتها داخل اللجنة ولا يمكن أن أذكرها خارج اللجنة.. كانت توجب المحاسبة أكثر من هذه الرسالة المفتوحة.. يعني أخطاء سياسية ارتكبها قياديون في المؤتمر الوطني.. لم يسألوا عنها.
صحيفة المجهر السياسي
[/JUSTIFY]