رأي ومقالات

كسلا .. انتشار الألغام .. تنمية معطلة وضحايا

[JUSTIFY]ثقيلة هي تلك الآثار التي تخلفها الحروب والنزاعات التي يتسبب فيها الإنسان بنفسه، ويكون هو نفسه أول ضحاياها ومتضرريها، فآثار تلك النزاعات والحروب يفوق حصرها في قائمة أعداد الأرواح التي زهقت والمصابين الذين سقطوا فحسب، فهنالك آثار تظل باقية لسنوات طوال، فلك ان تتصور الخوف الذي ينتاب الشخص من ان تطأ قدمه لغماً ينثر اجزاء جسد ويبعثرها الي اشلاء، وهو علي يقين بأن هذه الارض قد تخفي في باطنها اجساماً قاتلة، فذاكرة مواطني مناطق ارياف ولاية كسلا تحفظ مشاهد مروعة للألغام حصدت ارواحاً من بينهم، وضحايا آخرين منهم من بقي بساق مبتورة او اعاقة مستديمة شاهدة علي قسوة الحروب، ولعل هذا استحقاق ضريبي تدفعه ولاية كسلا لأن قدرها انها كانت مسرحاً لحروب ونزاعات دامت سنوات، فهنالك قرى أفرغت باكملها من ساكنيها، وقضت هذه الإجراءات أن يكونوا نازحين، وبقي التحدي في إزالة تلك الآثار التي في مقدمتها هذه الألغام المنتشرة بصورة عشوائية في مناطق قد لا يعرف اليوم من وضعوها بأنفسهم اين تكون، فقد كانت ولاية كسلا مسرحاً لنزاعات طويلة ومن اطراف متعددة، الأمر الذي اقعد الولاية عن اللحاق بركب التنمية لسنوات، على الرغم من جهود المركز القومي لمكافحة الالغام الذي تمكن منذ بداية عمله في عام 2003م من نظافة «346» منطقة من الألغام حسب افادات العاملين بالمركز، حيث يؤكد المهندس عادل ابراهيم حمد الله مسؤول ضبط الجودة بالمركز بولاية كسلا، انه تمت نظافة طريق «كسلا ــ اللفة» و «كسلا ـــ قلسا» وطريق «همشكوريب ــ كركون ــ تهداي ــ تلكوك»، بالاضافة الي تطهير أجزاء كبيرة من حقل طوقان وتنظيف منطقة دمن باقدير بمحلية ريفي كسلا، وقال حمدنا لـ «الإنتباهة» ان اعمال الازالة تجري حالياً في كل من طوقان بخمس فرق متخصصة ومدعومة بكاسحة للالغام، بجانب منطقة قرقر ــ برتياي ـــ درست بمحلية تلكوك بفرقة من الوحدات الوطنية مدعومة بالكلاب المدربة، كما تعمل فرق اخرى في منطقة عد اقلوب ومنطقة القرضة، وقال ان هنالك فريقاً يعمل بمنطقة حمدايت بمحلية ود الحليو مدعوم بكاسحة للألغام، واشار حمدنا الى الاشكاليات التي تواجه أعمال الازالة الآن لأن اجزاءً من حقول الالغام تقع داخل الاراضي الاريترية، مما يتطلب التنسيق مع دولة اريتريا لأن الحدود مفتوحة والحركة متداخلة بين البلدين، بالاضافة الى انعدام المعلومات وعدم توفر الخرائط الدالة على مناطق زراعة الألغام، وذلك لأن أغلب الالغام مزروعة بشكل عشوائي، بجانب ارتفاع الحرارة في تلك المناطق والظروف المناخية القاسية، ورغم تلك الجهود المقدرة تفيد المعلومات بأن عدد الذين تضرروا جراء الالغام بولاية كسلا بلغ «20133» شخصاً، وأن عدد الاشخاص الذين توفوا بلغ «478» شخصاً، وان عدد الالغام التي تمت ازالتها وتدميرها بلغ «70516» لغماً مضاداً للافراد، وفيما بلغ عدد الألغام المضادة للدروع «22661» لغماً فإن ما تم تدميره في عام 2013م فقط بلغ «339» لغماً مضاداً للأفراد و «86» لغماً مضاداً للدروع، لتكون مساحة المناطق التي تمت نظافتها «50916032» متراً مربعاً بولاية كسلا، وتؤكد المعلومات الواردة من المركز ان هنالك «54» منطقة خطرة ومفتوحة لم تتم فيها أعمال الإزالة بعد، وان كانت هنالك جهود مستمرة في مجال التوعية والتنوير بمخاطر الألغام، الا ان الأمر يمثل مهدداً امنياً للكثير من المواطنين، ويهدد اعداداً لا حصر لها من الثروة الحيوانية، فضلاً عما يمثله من تحدٍ امام اي عمل تنموي في تلك المناطق.

ويفيد أحد زعماء منطقة ابو قمل بأن المواطنين باتوا يعرفون الكثير عن مخاطر تلك الألغام، ويعرفون مناطق انتشارها، وذلك بفضل التوعية المستمرة التي تلقوها من المنظمات العاملة في هذا المجال، الا انهم لا يستطيعون السيطرة على مواشيهم التي ترعى في تلك الامتدادات، وطالب الجهات المسؤولة ببذل المزيد من الجهد لأنهم يرغبون في العودة الي مناطقهم التي نزحوا منها، وقال: ان ارتباطنا بتلك المناطق كبير ولا يكمن ان نتخلى عن اراضينا.

ويبقى الأمل معلقاً في استمرار التمويل للجهات العاملة في مجال إزالة الألغام، بعد الزيارة التي قام بها شركاء العمل والمانحون من اليونسيف ومكتب الأمم المتحدة لخدمات الألغام والمنظمة اليابانية للإغاثة أخيراً الى المناطق التي يجري فيها العمل، حتى يأتي اليوم الذي يسير فيه مواطنو تلك المناطق مطمئنين .

صحيفة الإنتباهة
أحمد بامنت[/JUSTIFY] ع.ش