رأي ومقالات

المعارضة والثورية .. تحالف (الجردل) و(الكنكة)

[JUSTIFY]الأسبوع الماضي كان شاهداً علي اجتماع رؤساء أحزاب المعارضة والهيئة العامة الذي خلص بيانه النهائي إلي ضرورة التفعيل المستمر للأداء التنظيمي لقوي الإجماع وإقامة وضع انتقالي وفقاً للبرنامج المتفق عليه بين كل مكونات المعارضة، متطرقاً إلي العلاقة مع الجبهة الثورية وحدد موقفاً واضحاً وموحداً بشأن العلاقة مع الجبهة الثورية المتمردة، وأقر التعاون معها بشكل قاطع لإسقاط النظام، في الوقت الذي رفض فيه شروط حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي للاستمرار في التحالف، بحضور زعيم حزب المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي والسكرتير العام للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، بينما تغيب الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي عن ثاني اجتماعات الرؤساء التي التأمت الأربعاء الماضي.

الأمر الذي ينتظر أن يعلن معه حزب المهدي الانسلاخ عن التحالف في حين قررت أحزاب قوي الإجماع الوطني المعارض إنشاء آلية خاصة لإدارة العلاقات مع فصائل الجبهة الثورية المتمردة للتنسيق من أجل إسقاط النظام الحاكم.

في المقابل انتقدت الحكومة السودانية علي لسان مساعد رئيس الجمهورية د. نافع علي نافع تبني أحزاب المعارضة لبرنامج الجبهة الثورية المتمردة، الذي وصفه بـ(الخطوة الخطيرة)، مشيراً إلي ضرورة النظر لتلك الخطوة بالعمل الذي يدل علي تجاوز لقانون الأحزاب عبر التنسيق أو التحالف بين جناح سياسي وآخر عسكري، وأضاف نافع خلال تصريحات صحافية أمي الأول: “نحن كنا نعلم أن بعض الأحزاب لها صلة لكن كونها تتجرأ وتقول إنها تتبني برامج الجبهة الثورية التي تحمل السلاح لتغيير النظام، هذا أمر خطير يستحق أن يؤخذ علي هذه الدرجة الأمر الذي جعل بعض التحليلات تذهب إلي أن خطوة المعارضة تلك من شأنها أن تبرر لحزب المؤتمر الوطني الحاكم حالات جديدة من التضييق علي تحالف قوي الإجماع الوطني المعارض، بحجة أنه ينسق مع قوي مسلحة تسعي لإسقاط نظام الخرطوم بالقوة العسكرية، خصوصاً أن هذه الخطوة تتزامن مع إعلان حكومة البشير تحريك قواتها لتنفيذ حملة عسكرية كبري خلال الصيف المقبل للقضاء علي المتمردين بشكل نهائي في كافة أنحاء بالبلاد.

الشاهد علي بيان وزارة الدفاع الذي تلاه الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين أمام الهيئة التشريعية (البرلمان)، يلحظ استعراض الحكومة لمقدراتها العسكرية في حسم التمرد من خلال قولها بأن هذا الصيف سيكون صيفاً لحسم المتمردين والقضاء علي جميع جيوب التمرد بالبلاد، كاشفاً عن بداية الحركة الميكانيكية للقوات المسلحة في إطار حسمها للتمرد والحركات المسلحة، وكان وزير الدفاع قد حصر مهددات الأمن الداخلي للبلاد في نشاط الحركات المسلحة المتواجدة في إقليم دارفور وولاية وجنوب كردفان والنيل الأزرق بجانب الصراعات القبلية التي تظهر في إقليم دارفور من وقت لآخر نتيجة التفلتات الأمنية وأشار عبد الرحيم إلي تأثر ولايات شمال وجنوب كردفان بنشاط الحركات المسلحة وبعض الحركات المتمردة في وسط وشرق دارفور فضلاً عن النشاط الذي يقوم به المتمردين في جبال النوبة والنيل الأزرق مع وجود عناصر الجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة بجنوب كردفان، وثمة من يري أن بؤرة المهددات الأمنية ربما تتسع إلي ما هو أكبر من ذلك بسبب ما أقرته أحزاب المعارضة من إنشاء آلية خاصة لإدارة العلاقات مع فصائل الجبهة الثورية المتمردة للتنسيق من أجل إسقاط النظام الحاكم.
في ظل هذا الوضع يبدو أن الخرطوم متمسكة بخيار العمل العسكري ضد قوات الجبهة الثورية التي تسقط في مناطق واسعة من الغرب السوداني ولاسيما في إقليمي كردفان ودارفور.

وبدأ هذا جلياً منذ أن هاجم متمردو الجبهة الثورية مناطق إستراتيجية بشمال وجنوب كردفان في النصف الأول من العالم الحالي، حينما علت طبول الحرب، وتراجعت فرص التوصل إلي تسوية سلمية بين الخرطوم ومعارضيها، إذ تؤكد تصريحات المسئولين السودانيين عدم رغبة الخرطوم في الدخول لأي مفاوضات مع مقاتلي الجبهة الثورية قبل كسر شوكتهم عسكرياً وتحرير المناطق التي تحتلها الجبهة الثورية، في الوقت الذي يعد فيه الجيش السوداني بالإعلان قريباً عن انتظار كبير علي التمرد سيكون نصراً ساحقاً يدمر المتمردين الذين ارتكبوا جرائم وفظائع غير مسبوقة في تاريخ البلاد ضد المدنين العزل والأبرياء.
لكن الراصد لمجريات الأمور يلحظ بصورة لا تخطئها الأعين أن المعارضة السودانية منذ بداية الربيع العربي قبل ثلاث سنوات تمني نفسها بأن تلحق بلادها بتلك الثورات، حيث عقدت المؤتمرات والندوات ودعت لإسقاط النظام، إلا أنها لم تسير المسيرات ولم تنظم التظاهرات، فلم يكن لمطالبها أي تأثير، وقد قابلها النظام السوداني باستخفاف ولا مبالاة، ومضي النظام في سياسته المعهودة دون أي تغيير، الأمر الذي يقلل من خطورة التحالف بين المعارضة السلمية والعسكرية، خصوصاً أن المعارضة العسكرية نفسها لطالما خسرت معاركها أمام القوات المسلحة السودانية، الأمر الذي يجعل تحالف أحزاب المعارضة مع الجبهة الثورية أشبه بتحالف (الجردل) و(الكنكة) في الفيلم العربي الشهير (بخيت وعديلة) للنجم عادل أمام والجميلة شيرين، عندما تحالفوا سوياً في سياق الفيلم للفوز بالانتخابات دون أن يكون لديهم أدني مقومات التحالف بمعني (أن لا أحد لديه شئ لكي يقدمه للآخر) مثل حال المعارضة والثورية الآن.

صحيفة الخرطوم
أكرم الفرجابي
ع.ش[/JUSTIFY]