مدفعية «عبد الوهاب الأفندي» .. هل تهدم الإنقاذ؟!
الدكتور “عبد الوهاب الأفندي” ظل يطلق مدفعية كثيفة النيران والحمم بشكل منتظم، تحمل دخاناً حارقاً من الانتقادات اللاذعة والإشارات الغليظة والهجوم الأكثر إيلاماً ومرارة، إذا قُورن بصواريخ جميع الفئات المعارضة التي تصوب نحو الحكومة الحالية!!
التاريخ يسجل وقائع على وتر الغرابة والدهشة عن تحركات كادر مثقف من الحركة الإسلامية، يتحول إلى خصم مبين، يحارب بني جلدته بلا هوادة بعد أن رأى ما لا يطيقه، حتى صارت الإنقاذ هدفاً رئيسياً لنيرانه الملتهبة مصحوبة بالضجيج والصخب بالشواهد الدالة.
في الصورة المقطعية، هنالك الكثيرون من رموز الحركة الإسلامية الذين انقلبوا على إخوانهم في التنظيم، وتركوا قطار الإنقاذ بعد خلاف طاحن، ابتداءً من الدكتور “الترابي” والمجموعات الأخرى حتى الدكتور “غازي صلاح الدين”، غير أن الدكتور “الأفندي” كان مسلكه مختلفاً عن هؤلاء، فقد ربط الرجل معركته العاتية مع الحكومة بالتنسيق مع الدوائر الغربية والأمريكية من خلال التواصل المباشر والظهور الكثيف على الفضائيات العالمية، في خطوة تنضح بالذكاء والدهاء السياسي، ترمي إلى ضرب الإنقاذ في المنطقة الموجعة والحساسة وتعرية منهج السلطة على منضدة المجتمع الدولي، فضلاً عن ذلك ينظم “الأفندي” حبائل الخوف والشكوك بين الطاقم الأعلى للإنقاذ والمنظومة الأمنية والدفاعية عندما يحذر من مغبة الثقة في حراس النظام، قائلاً إن ديدنهم الطبيعي سيتحول في اللحظة الخاطفة إلى عبء على نظام الإنقاذ والتعجيل بفتح الطريق على سقوطه!!
ها هو الدكتور “عبد الوهاب الأفندي” يرسم البرامج المدروسة لإضعاف الإنقاذ في إطار عقلية متمرسة تدرك ما وراء الحجب، وتحاول اقتلاع (مداميك) السلطة من الأعماق باختراق الخريطة المعنوية، وخلق الحواجز التي تصادم أية محاولة للحديث عن وجود الصور الوردية للحكومة.
من الناحية الواقعية، يعدّ “الأفندي” هو ربيب الحركة الإسلامية وكادر الإنقاذ المثقف، الذي تخرج في جامعة الخرطوم قسم الفلسفة وتحصل على درجة الدكتوراه من جامعة (ريدندج) ليكون الدبلوماسي صاحب اللسان الذرب في الدفاع عن انقلاب 30 يونيو 1989م قبل أن يتحول إلى الضفة المعاكسة، انطلاقاً من المراجعة الذاتية والوقوف على صلب التجربة الانقلابية من محراب العارف، حيث اشتهر الرجل بين صفوف الإسلاميين بقدرته الفائقة على سبر المكنونات وملامسة الزر السحري في وجدانيات الذين يتلقون أفكاره وآراءه.. شيء من الميكافيلية يجعل “عبد الوهاب الأفندي” يستخدم التفكير الإلهامي والإبداعي والقاسي في محاربته الموجعة للمؤتمر الوطني، فالشاهد كلما دخل دهاقنة الإنقاذ في سبات من هجومه عاد للحراك المضاد من جديد، وهو لا يستخدم سيف السامواري في ضرب الإنقاذ والذي يقسم قوة الضربة بين الطرفين، بل يستعمل ضربة لازب القاتلة التي تقطع الأنفاس.
في المشهد السريالي، يهاجم “الأفندي” الإنقاذ بضراوة على الجبهات العديدة من الفكرة وإجراءات التطبيق والماعون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والحياتي والمشروع الحضاري، فضلاً عن محصلة مشاركة القوى الحزبية الأخرى في السلطة والعلاقات مع العالم الخارجي، فالثابت أنه على كل الجنبات يقطع الرجل بسيفه لحمة السلطة!!
في الحكمة الشائعة يأكل القط صغاره، وتأكل الثورة أبناءها، ويأكل الحب عشاقه.. لكننا من داخل فضاءات “الأفندي” نرى الأبناء يأكلون أحياناً مرجعيتهم وآباءهم إذا لزم الأمر.. فهل مدفعية
عبد الوهاب الأفندي” الثقيلة يمكن أن تهدم الإنقاذ؟؟ وربما تكون براعة “الأفندي” أنه يحارب السلطة من خلال إيقاع مختلف.
صحيفة المجهر
[/JUSTIFY]
ربط الرجل معركته العاتية مع الحكومة بالتنسيق مع الدوائر الغربية والأمريكية من خلال التواصل المباشر والظهور الكثيف على الفضائيات العالمية،
يعني كلما تكلم واحد عن الاصلاح وصفناه بالعماله و النزاله.