رأي ومقالات

هاشم عبد الفتاح : نبض المجالس .. اتهامات «مبعثرة»

[JUSTIFY]بين وزارة الزراعة والبنك الزراعي واتحاد المزارعين اشتعل الجدال وتوارت حقيقة بذور القمح الفاسدة واللعنة أصابت الموسم الشتوي بالفشل مهما حاول الدكتور المتعافي قتل الحقيقة وقبرها.. ولجنة التحقيق الخاصة بهذه البذور لم تتهم أحداً وربما لا يحق لها ذلك وفي غمرة هذا الجدال الكثيف يخرج الدكتور المتعافي وزير الزراعة باعتراف جديد يحمل فيه البنك الزراعي المسؤولية كاملة بل يطالبه بتعويض المزارعين جَراء هذه البذور الفاسدة ولكن البنك يبرئ نفسه واتحاد المزارعين الشريك الثالث في هذه الجريمة يعفي البنك الزراعي من المسؤولية ويحمّل وزارة المتعافي ورطة البذور وفسادها.. أليس من حق أي مزارع أو أي مواطن بالجزيرة أن يتأسى ويطلق تساؤلاته الحيرى.. أين الراعي وأين الحكومة ومن هو الذي لديه الحق والمصلحة في حجب الحقيقة بل ما هي الجهة التي تجني ثمار فشل زراعة القمح بالجزيرة؟ بالطبع هناك جهة معتبرة تقف خلف القضية وتحاول تسويفها.. ستكون الحقيقة قاسية ليس على مزارعي الجزيرة وإنما لعموم أهل السودان حينما تتساقط الأقنعة وتشرق الحقيقة.
٭ مصيبة «زعيمين».. ما الذي يفيد حزب الأمة القومي من تلكؤ الاتحادي «الأصل» أو استعجاله للانسحاب من الحكومة.. وبأي حق أو صفة يطالب السيد الصادق المهدي حزب «مولانا» لحسم موقفه من هذه الشراكة والمهدي يحذر جماعة مولانا من خطورة التلكؤ ومن التمادي في عدم الاستجابة لمطالب الجماهير الاتحادية المنادية بالخروج من الحكومة، لأن هذا من شأنه أن يقود الاتحادي الأصل إلى مزيدٍ من الجراحات والانشقاقات، ولكن الذي يقوله المهدي إن مصيبة حزب الأمة ليست أقل خطورة من حزب مولانا فحزب الأمة من أكثر الأحزاب التي أصابتها موجة التصدع والتمزق الداخلي، فالسيد الصادق المهدي نفسه لم يحسم بعد حالة «الغبش» في مواقف حزبه هل هو في ضفة المعارضة أم في ضفة الشراكة.. يبدو أن زعيم الأمة يلعب على حبلين ليمضي بهما إلى نهاية الشوط.

٭ البحث عن «جرعة» دواء.. من غرائب هذه الدولة أن سلطة الدواء والعلاج خارج مسؤولية وزارة الصحة، فالقوس ليس في يد بارئه فالدواء سلعة محتكرة كغيرها من السلع الإستراتيجية التي تسيطر عليها شركات «الحظوة» وترعاها مجموعات نافذة من خلف ستار فانفلت سوق الدواء جنوناً في الأسعار وندرة في العرض وفساداً في الصلاحية وحتى الحكومة وبكل سلطانها وصولجانها ففشلت في أن تقتلع جزور الأزمة أو تمسك بتلابيبها، وتلاشت الحلول الممكنة فاتسعت دائرة المرضى والبؤساء فاكتظت المشافي بالمرضى الجدد والقدامى، أما الذين أنعمت عليهم الحكومة بعسلها وامتيازاتها ومخصصاتها فلا يشعرون بانفلات أسعار الدواء ولا يهمهم كذلك رهق الباحثين عن جرعة دواء.. وجمعية حماية المستهلك تحاول تصحيح بعض الأخطاء من خلال مطالبتها بأيلولة عملية استيراد وتسجيل الأدوية لوزارة الصحة بدلاً من المجلس القومي للأدوية والسموم.

٭ لا تجارة بلا أمن.. قبل أن تشرع السلطة الانتقالية بدارفور في تسويق فكرة المنطقة التجارية الحرة على الحدودية السودانية التشادية يجب أولاً أن تحشد الحكومة والسلطة الانتقالية إرادة قوية لانهاء حالة الاحتقان الأمني وتهيئة الأجواء تماماً وتنتهي إلى الأبد حالة اللا أمن ولا سلم بهذه المنطقة التي تنشط فيها عمليات استنساخ الحركات المسلحة ولهذا فإن أي منطقة للتجارة الحرة تقتضي أولاً البحث عن منظومة أمنية قوية تلعب دور حائط الصد يحمي الحركة التجارية والاقتصادية والتنموية ويجب كذلك ألا يكون الرهان فقط على حالة الاستقرار الأمني «المؤقت» بين الخرطوم وتشاد لأن ما بينهما علاقة مطاطية قابلة للمد والجزر كما لا يجب أن تبني ولاية غرب دارفور رهاناتها على الحركات المسلحة التي انخرطت في مشروع سلام دارفور فالتجربة أثبتت أن كل جندي مسلح يحمل بداخله مشروع حركة مسلحة. فيا ولاة الغرب قبل أن تدخلوا الأسواق والتجارة الحرة احسموا أولاً ملفات الأمن ونزاعات السلطة وأعيدوا للنازحين واللاجئين ديارهم المهجورة والمحروقة ثم أعيدوا ترميمها.
٭ قبة بلا فكي.. من بين مساجلات النواب ومناقشاتهم تضيع قيمة الممارسة البرلمانية الراشدة كنا نظن أن تحت القبة «فكي» ولكن هكذا هم يتجادلون ويتعاركون على حواف القضية وهوامشها يتحدثون في كل شيء حتى الحفل الراقص، ولكن ربما لا يجرؤ أحد أن يكسر قيده ويأتي بما لا يشتهي الحزب «الكبير».. ولا صوت هنا يعلو على صوت الحزب ودولة الحزب مهما كان صدق القضية ومشروعيتها.. بالأمس أقرت قيادة البرلمان جدول أعمال المجلس للمرحلة القادمة وتم حشد هذا الجدول بعدد كبير من البيانات والتقارير يقدمها السادة الوزراء أليس من الأجدى والأوفق لهذا البرلمان أن يتيح لكل نائب أن يستعرض ويعكس بكل شفافية حقيقة ما يجري بدائرته الجغرافية لأن نظرية أي برلمان في الدنيا مبنية على الرقابة والشفافية وحماية الحقوق وما نرجوه من «مولانا» أحمد إبراهيم الطاهر أن يبحث عن صوت آخر يعيد للبرلمان توازنه.

٭ استقالة أم «غضبة»؟ يبدو أن لعنة الشراكة في الحكومة دفعت الشيخ حسن أبو سبيب أحد أبرز قيادات الحرس القديم بمعسكر «مولانا» إلى خارج أسوار الاتحادي «الأصل» مغاضباً فكتب كلماته واستقالته الحزينة في وداع أخير منهياً تاريخاً حافلاً بالعطاء والمعافرة والمدافعة في سبيل إرساء دعائم ومبادئ الحركة الاتحادية.. ولكن المشفقون على الحزب اعتبروها غضبة حليم يمكن أن تتلاشى بطيب الخواطر ورجاءات الحكماء والعقلاء بالحزب، وآخرون اعتبروها غضبة بلا رجعة ولو أن الشيخ أبو سبيب مضى في مشواره الغاضب أو أنه استجاب للرجاءات فإن مولانا يظل هو الخاسر في كلا الحالتين طالما أن الحزب ما زالت تطارده لعنة «الشراكة».. ولأن الاستقالة كانت فاجعة ومباغتة رفضها مولانا وقابلها أبو سبيب «بالصمت».

صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]