قير تور

توثيق قوانين النوير

[ALIGN=CENTER]توثيق قوانين النوير [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]يسعدني جداً بل إنه من مصادر الفخر،أن القي في عمودي المتواضع هذا الضوء على عمل مهم جداً ليس في طقوس قبائل محددة إنما يمكن الإستفادة منها للدولة ككل. في هذا الصباح نلقى نظرة سريعة معاً أعزائي القراء على المجهود المقدر والثمين الذي قام به الأخ الأستاذ كوال جوك بير.
الأخ كوال جوك بير عمل معلماً وضابطاً إدارياً، ثم هاجر إلى استراليا.وفي العام الماضي عاد إلى السودان وهوحالياً دبلوماسي بوزارة الخارجية .
خلال مناقشاتي معه وجدت عنده الإهتمامات بالتوثيق وحفظ القوانين والتراث بصفة عامة وقوانين النوير بصفة خاصة.وقد عرفت الكثير منه خلال الفترة القليلة التي بقينا فيها مع بعض لأنه ثبت لي معلومات قديمة كنت أبحث عنها. فمثلاً كان يستغرب عندما كنا نتحدث عن مجموعتنا القبلية التي تنتمي إليها دينكا نقوك ابيي عندما عددت له المناطق الأصلية الممتدة على طول النهر في اعالي النيل التي ينحدر منها اسلافي، بل ادرك اكثر عندما قلت له بأن بانتيو قريبة منا .
أهم ما في الأمر هو أنه قام بتدوين قوانين النوير بمختلف مناطقها الأربع الرئيسية المعروفة بمراكزها (فانجاك بانتيو اكوبو الناصر).إثنان من هذه المناطق المذكورة هما (فانجاك واكوبو) تشترك فيهما النوير السكن مع قبائل اخرى.ولكل مدينة من هذه المدن أهمية ومعاني معينة عند القبائل المختلفة للنوير.
فانجاك هي مدينة الإبن الكبير ويعتبر نوير (ثيانق) هو الإبن الأكبر، ولذا فمدينة فانجاك هي مقر صدور أو تعديل القوانين والدساتير .وأما إسم المدينة فقد إنحرفت من (فانقاك) ويبدو أن هذا التحريف حدث في زمن الإنجليز والمصريين فتم تبديل حرف القاف بالجيم أو الحرف الإنجليزي (G) ترجم إلى (ج) في العربي، وتقطن مع النوير في هذه المنطقة مجموعة من الدينكا .
اما مقر ولادة النوير فتمت في منطقة لييج التي هي مناطق البترول وتسمى حالياً بـ(هجليج).وهي جزء من مناطق نوير (بُوُل) التي عاصمتها بانتيو.
في منطقة اكوبو تتم الطقوس الدينية للنوير وتعتبر العاصمة الدينية للنوير، بينما تنفرد منطقة الناصر بأنها العاصمة الحربية والتخطيط للمعارك التي تود النوير القيام بها.
أهم في القوانين المدونة الجزء المتعلق بالقتل في الحرب، فقد تغيرت الكثير من الأشياء منها مثلاً وسائل القتال التي لم تعد كالسابق.وبالتالي تبدلت معها مبادئ القتال والقيم.
فمن القانون الثابت للنوير في الحرب أن الشخص (غير المشلخ لا يقتل) كذلك فعند مقابلة الرجل لرجل مثله في قتال وجرى أحدهما ثم إلتحف زياً يخص النساء فإنه يترك لحال سبيله،المرأة بصفة عامة لا تقتل ولذا فالذي لم يشلخ أو يلبس زي النساء مثل المرأة لا يجب قتله في الحرب.
من القانون الثابت أيضاً ان الذرة لا تحرق ومن جرى ليحتمي داخل غرفة بها ذرة يترك.
هذا كان مجرد تسليط ضوء على المجهود الذي بذله الأستاذ كوال جوك، وأتمنى أن نجد بعض ابناء النوير القادرين على ترجمته حتى نستطيع جميعاً الإستفادة منه لأنه أعطاني النسخة المكتوبة باللغة الإنجليزية.[/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1093- 2008-11-29

تعليق واحد

  1. في تراثنا السوداني القديم والأعراف الكثير من القيم الفاضلة والجميلة لكنها على كل حال لا ترقى إلى أن تكون مصدراً للتشريع ، وإذا أخذنا مثلاً ما تقدم به الأخ قير عن أن الرجل الذي يلبس ملابس النساء لا يقتل او يخفي نفسه في مخزن للذرة لأن الذرة لا تحرق..!! وعليه يكون المحتمي بها في مأمن .. وهنا يظهر السؤال المهم وهو: ماذا لو احتمى الرجل بالذرة ولكن الشخص الذي يلاحقه لم يتركه وقتله؟! ما هو القانون الواجب اتخاذه في الحالة؟ … قديماً في تاريخ العرب حدثت قصة لا أذكر تفاصيلها بالضبط لكنها تتحدث عن رجل قتل رجل في الأشهر الحرم وهي أشهر مقدسة عند العرب قديما .. أو ربما قتله وهو متعلق بأستار الكعبة … في نظري أرى أن التوثيق يكون للمفاهيم المتكاملة والمستوفية لكافة الشروط سواء كانت على الصعيد الأدبي أو التقني أو الاجتماعي وتكون منظومة متكاملة في حد ذاتها تؤدي غرضها في زمانها ويستلهم منها العبرة للأزمان التالية … أما أن يكون التوثيق لمفاهيم يعتريها القصور فلا أرى أنها تصلح لأن تكون مصدراً للتشريع ولا تحمل في طياتها أكثر من أنها تشرح البعد الفكري لأصحاب تلك القوانين في فترة من الزمن وتبين مدى اتساع ذلك الأفق في تحقيق حقوق الإنسان على وجه متكامل دون نقيصة أو خلل او جريرة.. لأنه ببساطة يمكن لرجل أن يقتل رجلاً آخر أو يسلبه ماله أو يهتك عرضه أو يظلمه بأي شكل من الأشكال ثم يعيش في مزرعة للذرة شاسعة بقية حياته … وبذلك يكون في مأمن من الملاحقة .. وهذه ثغرة قانونية كبيرة يمكن أن تضيع حقوق الناس بسببها؟!!!!!