حسن ادروب : تغيير الولاة (إنما تأسف على الحب النساء) !
إذن ليتسق التغيير بما يمكن الحكومة الاتحادية من مهامها على الوجه المطلوب وجب ذهاب كل الولاة بلا استثناء وإسناد مناصب الولاة لشباب في إطار الروح الشبابية التي عمت الحكومة الاتحادية لأن الميدان الحقيقي لزيادة الإنتاج والإنتاجية وزيادة المساحات الصالحة للزراعة والتوسع في حركة التعدين والتنقيب عن الذهب والمعادن الأخرى لا يتم إلا بإزاحة كل الولاة والإتيان بولاة جدد تتسق مفاهيمهم ورؤاهم مع رياح التغيير حتى تغدو ولايات السودان هي الداعم الحقيقي للخزينة العامة.
نريد بذلك ولاة جددًا بروح جديدة وثابة لاستنهاض همم الناس بولايات السودان المختلفة وإشاعة الحيوية والأمل بما يدفع إنسان كل ولاية للعمل بجد واجتهاد فقد أهملنا الولايات حين تركنا أمرها لولاة لا يعلم أحد ماذا يفعلون بتلك الولايات فوالله لو كان الذي يفعلونه فيه خير أو تقدم لما امتلأت العاصمة بكل هذا الكم الهائل من البشر حتى ضاقت على سعتها وتمددت بالاتجاهات الأربعة وأضحت بعض أحيائها الطرفية على مرمى حجر من حدود الولايات المتاخمة للخرطوم، ولو أن الولاة نجحوا (وكل بمقدار) في إدارة الشأن الولائي في مجال التنمية والقطاع الخدمي لحدثت هجرة عكسية من الخرطوم للولايات وليس العكس ولكن الحال المائل في معظم الولايات هو الذي دفع الناس دفعاً فأتوا رعاة ومزارعين زرافات ووحداناً نحو الخرطوم.
أعلم أن هذه المناشدة بتغيير الولاة سوف تُغضب بعض الولاة بسبب (الكنكشة) في المنصب والتوجس من أي إشارة تكتبها الصحف عن ولايته حتى لو كان نقداً بناء وهادفًا، وأذكر بهذه المناسبة أني كتبت قبل أعوام في واحدة من صحف الخرطوم أقول إن السيول والأمطار تحاصر لمدة ثلاثة أيام مدينة ولائية عريقة وأن لا أحد من حكومة الولاية قد تفقد مواطنيها الذين تحاصرهم المياه من كل جانب وهم على حافة المجاعة بسبب انقطاعهم عن التواصل مع عاصمة الولاية، نشرنا الخبر فثارت ثائرة الوالي الذي اتصل بمدير التحرير عبر الهاتف وهو يقول أن لا أمطار ولا سيول في ولايته ثم ختم محادثته لمدير التحرير وهو يضحك:
(قول لحسن أدروب المطرة دي صبت وين)؟!
اعتذر له مدير التحرير بلطف ووعده بتصحيح الخبر بعد إجراء بعض الاتصالات بمصادر محايدة، وفي صبيحة اليوم الثاني وقبل أن يتمكن مدير التحرير من إجراء تلك الاتصالات وقف أحد نواب الولاية بالمجلس الوطني وقدم مسألة مستعجلة وهو يقول أهلي الآن تحاصرهم المياه وهم مهددون بالموت جوعاً وأن لا أحد من مسؤولي الولاية قد قام بتفقدهم وأن المعتمد والذي تقع هذه المدينة في نطاق مسؤوليته الإدارية لم يتمكن من الذهاب إليهم لأن السيارة التي يستقلها قد تعطلت في الوحل والآن المعتمد (ذاتو داير نجدة).
دخلت على مدير التحرير لأبلغه بهذا التطور الجديد عن خبر تلك المدينة وقبل أن أتحدث إليه بادرني بالقول:-
مندوب وكالة السودان للأنباء كتب تقريرًا إخباريًا عن مأساة تلك المدينة وقد استمعت عبر الإذاعة السودانية لذلك التقرير فوجدت أن الخبر الذي نشرناه بالأمس صحيح مئة في المئة وهذا سبق صحفي ممتاز.
قلت له شكراً وأنا أهم بمغادرة مكتبه ولكنه استبقاني قليلاً ليقول لي بشيء من الحسرة والندم:-
(شوف يا حسن أدروب أنا كنت واثق إنو خبرك صحيح وكمان مصادرك موثوق بها) سكت لبرهة ثم قال:-
(بس الوالي قال ما قاعد يحب كتاباتك)!
قلت له: لا بأس سيدي المدير، إنما تأسف على الحب النساء!!
صحيفة الإنتباهة
ع.ش