حوارات ولقاءات

سكرتير الحزب الشيوعي (محمد مختار الخطيب): (الصادق المهدي) يمثل الشريحة الاجتماعية اللي هو فيها عشان كده ما عندو مصلحة في تغيير كامل لهذا النظام (3-3)

[JUSTIFY]ما عرفه عنه خصومه قبل أصدقائه داخل الحزب الشيوعي هو حزمة صفات لافتة في شخصيته على صدرها النزاهة والأمانة والشفافية المطلقة في كل ما يخص العمل العام أو التنظيمي، بالإضافة إلى كونه مناضلاً عتيقاً خبر المعتقلات والسجون منذ عهد عبود.. ويعد مثالاً نادراً في التمسك بالخط العام للحزب الشيوعي السوداني، ولعل تلك الصفات وغيرها هي ما دفعت بـ”محمد مختار الخطيب” ليخلف الراحل “محمد إبراهيم نقد” في سكرتارية الحزب رغم بعض التحفظات على خيار اللجنة المركزية.
“الخطيب” الذي ولد في عام 1942م قدم إلى الحزب الشيوعي من صفوف الزراعة التي كان يعمل بها مهندساً زراعياً، قاد إضراب عموم نقابات الفنيين في السودان عام 1978م إبان النظام المايوي، ومن مؤسسي ورئيس تجمع نقابات العاملين بـ(مؤسسة حلفا الجديدة الزراعية) في العام 70 1971م، وكان من مؤسسي وعضو اللجنة التنفيذية لاتحاد الشباب السوداني بمنطقة حلفا الجديدة في الفترة من 64 – 1971م.
وجود “الخطيب” على قمة الحزب الشيوعي خلال هذه الفترة بالذات تضع أمامه وأمام الحزب حزمة تحديات داخلية وخارجية، وفي هذا الحوار رد سكرتير الحزب الشيوعي على كل الأسئلة مهما كانت حدتها ولكن ببسمته المطبوعة على محياه.

} من الذي جندك للحزب الشيوعي..؟
– تم تجنيدي من خلال هذا الوسط.. وجود العمال والنضال أدى إلى أن أدخل الحزب بشكل طبيعي ودون تعقيدات.
} تقدمت بطلب للانضمام.. أم أن شخصاً معيناً هو من دفعك إلى ذلك؟
– يجب أن تقدم طلباً للحزب.
} أعني هل هناك شخص معين تكفل بتجنيدك للحزب؟
– عندما تصل إلى قناعاتك تتقدم بطلب الانضمام وينظر فيه ويعطونك فترة تدريب كافية زي ستة شهور وثلاثة شهور للعمال، وبعد ذلك يحدد الحزب أن تكون عضواً فيه أم لا، في البداية يلقنوك الجانب الفكري والنظري، ثم تمارس عملاً نضالياً داخل الفرع وبعد ستة شهور يحدد الحزب منحك ستة شهور أخرى أو تدخل كعضو، وفي نفس الوقت يكون المرشح نفسه قد حدد موقفه في المواصلة أو التراجع.
} هل أولادك شيوعيون؟
– عدد منهم شيوعيون.
} هل منهم من هو منضم إلى تنظيمات أخرى؟
– إما ديمقراطيين أو شيوعيين.
} آخر مرة قابلت “الترابي” متين؟
– قبل عشرة أو خمسة عشر يوماً من الآن (هذا الحديث كان يوم 7 ديسمبر).
} ما الذي دار بينكما؟
– كنا نناقش قضايا التحالف حول كيفية تفعيل التحالف ومواقفهم ومناقشة جزء من مواقفهم في التحالف.
} هل سبق أن التقيت برئيس الجمهورية “عمر البشير”؟
– لا.
} ولا حتى في مناسبة اجتماعية؟
– ولا في مناسبة اجتماعية.
} ولا حتى التقيت بأحد من الحكومة مصادفة؟
– لم أفهم السؤال تحديداً.
} ألم تلتق بالنائب السابق “علي عثمان محمد طه” أو “د. نافع” أو غيرهما؟
– وجهاً لوجه لم يحدث.
} قبل أن تصبح سكرتيراً أو يصبحوا هم نافذين في الحكومة.. ألم يحدث أن قابلتهم وجهاً لوجه؟
– رأيتهم.. ولكن لم يحدث أن وقفنا وتبادلنا حديثاً.
} ألا يمكن أن تلتقي بهم؟
– لا أستطيع أن أرد على هذا السؤال.. لن ندخل معهم في أي حوار أو عمل حول القضايا المطروحة لأن موقفنا الآن هو ثابت جداً في أنه لا يوجد حوار مع هذا النظام.. ولن ندخل الانتخابات المقبلة وخطنا واضح جداً وهو إسقاط هذا النظام.
} ننتقل إلى محور آخر.. الحزب الشيوعي السوداني ضمن منظومة التحالف المعارض رغم الفرص الكثيرة لاسقاط النظام مثل التعبئة الجماهيرية أبان فترة الربيع العربي وزيادة الأسعار الأخيرة لم يستطع مع المعارضة استثمار تلك الفرص؟
– الثورة أو الانتفاضة أو هبة الجماهير هي ليست مسألة مزاج، ولا أحد يستطيع أن يحرك هذا أو ذاك لكنها مرتبطة بظروف موضوعية محددة هي التي تحدد نتائج هذه الهبة مستقبلاً، وهناك العنصر الذاتي الذي يؤثر على هذه النقطة في كيفية عمل هذه القوى المنظمة وسط الجماهير ووعيها وتنظيمها واستنهاض حركتها.. اتفق معك على أن العمل السياسي هو عمل تراكمي، فليست هناك هبة جماهير أو نضال عام، من الممكن أن نقول إنه (راح ساكت)، ولكن أي نضال هو عمل تراكمي في النهاية يتحول إلى شكل نوعي جديد وبالتالي يحدث التغيير، وفي الأثر يقال إنه ليست آخر موجة ضربت السد هي التي أدت إلى تحطيم السد، ولكن كل الموجات التي قبلها هي التي أدت إلى أن تكون الضربة الأخيرة هي التي عجلت به، وهذا التراكم النوعي هو الذي يؤدي إلى التغيير.. لا أعتقد أن هناك نضال (راح ساكت) والظروف ماضية ومواتية لإسقاط هذا النظام.. والعامل الذاتي كان ضعيفاً لأن التحالف لم يستطع حتى الآن أن يكون عميقاً وسط الجماهير وينظم عملاً حقيقياً، وهذا ما نعمل من أجله الآن لسد هذا الضعف الموجود، وأن يتحول شكل التحالف الفوقي إلى تحالف قاعدي تُبنى على أساسه تحالفات إجماع وطني في القاعدة، وأن تتكون لجان مقاومة تقود هذا العمل.. الأمر الآخر ما يزال التحالف محصوراً في الأحزاب وقوى اجتماعية بسيطة، ويجب أن يتوسع ويضم كل القوى التي لديها مصلحة في إسقاط النظام مثل القوى الاجتماعية وتنظيمات الشباب وتنظيمات الطلاب والنساء والمهنيين وسط العمال والمشردين، بمعنى أن كل هذه القوى يجب أن يصلها التحالف وينصهروا في بوتقة واحدة ويعملوا لإسقاط هذا النظام.
} كيف يكون ذلك؟
– حقيقة يجب أن يمثل تحالف الإجماع الوطني طيف الشعب السوداني.
} خروج حزب (الأمة) أضعف التحالف؟
– حزب (الأمة) لم يخرج من التحالف حتى الآن، ولكنه جمد نشاطه.. هو يدعو إلى خط محاورة ومشاركة مع هذا النظام الذي يجب إسقاطه وتغييره، وأعتقد أن الكلام الذي قلته أولاً إن أي شكل من أشكال المشاركة مع هذا النظام أو الحوار معه أو ترقيع مواقفه لن يؤدي إلى تغيير حقيقي وإنما سيؤدي إلى تغيير شكلي، في النهاية سيأتي نفس النظام أو ما شابهه، وبالتالي ستكون الأزمة السودانية مستمرة.
} ما هو رأيك في “الصادق المهدي”؟
– “الصادق المهدي” يمثل الشريحة الاجتماعية اللي هو فيها عشان كده ما عندو مصلحة في تغيير كامل لهذا النظام.
} مولانا “محمد عثمان الميرغني”؟
– ح توديني لحتة بتاعت أحزاب..لا أستطيع التحدث عن أفراد وشخصيات.. لأن هؤلاء قادة أحزاب وأحزابهم واسعة تضم شرائح اجتماعية واسعة، تضم رأسمالية واسعة وعمالاً ومزارعين وأحزاباً بنيت على ولاء طائفي، لهذا فهي تضم شرائح واسعة عشان كده تجد وجود صراع داخل هذه الأحزاب. والقوى النافذة فيها هي شرائح بتاعت رأسمالية، والشرائح الرأسمالية الطفيلية فيها هي الأقوى، لذلك فهي (تجر) الآخر في اتجاهها حتى يتعاون أو يتحاور أو يشارك في هذا النظام، والقوى التي ليست لديها مصلحة في هذه السياسات المطروحة والتي أدت فعلاً إلى تفاقم المشكلات وغيرت حياتها إلى حياة متدنية، فإنهم يناضلون لإسقاط هذا النظام كلياً وتغييره.. هذا هو أصل الصراع الموجود داخل هذه الأحزاب.. ولا يوجد شك في أن القوى القاعدية لـ(الاتحاد الديمقراطي) أو حزب (الأمة) وبعض القيادات لديها مصلحة في إسقاط هذا النظام، لأن هذه السياسات والأيدلوجيات التي تمضي الآن لا تحقق مطامحهم ولا تخدم مصالحهم، وبالتالي سيكونون مع الإسقاط وسيغيرون اتجاه هذه القوى لصالح التغيير الكامل والجذري.
} بماذا ترد على المقولة بأن الحزب الشيوعي (مات وشبع موت).. هل ترد مثلما قال “نقد” (ليه ما جيتو شلتو الفاتحة)؟
– أطلق ضحكة عالية وهمهم قائلاً: (فعلاً رد جميل من نقد).. ثم استطرد: الحزب الشيوعي ما قايم (بروس) هو قام لأنه يعبر عن مصالح ومطامح قوى طبقية واسعة، ويحمل مطامح قوى اجتماعية موجودة في السودان، وما دام هذه القوى الاجتماعية موجودة وتلعب دوراً في الحياة السياسية، فإن الحزب الشيوعي لن يموت.
} يعني لم يمت؟
– لا يمكن أن يموت لان المستقبل عنده، ولان هذه القوى الاجتماعية التي يحمل الحزب مطامحها هي التي لديها المستقبل لكي تبني السودان ويحظى بالرفاهية والسلام والديمقراطية.
} ما هو رأيك في التغيير الأخير للحكومة وخروج قيادات إنقاذية وصعود أخرى؟
– التشكيل الوزاري الأخير لا يعني الشعب السوداني كثيراً.. بل يعني المجموعات الموجودة داخل (المؤتمر الوطني) والتي تتصارع من أجل الوصول إلى السلطة والثروة.. أي تغيير إذا لم يكن جذرياً لن يكون نافعاً.. وهذا النظام نتيجة لأيدلوجيته التي يبني سياساته على أساسها هي التي أدت إلى هذا الوضع الذي نعيش فيه من تغييب الديمقراطية والحريات ومصادرتها والحروبات القائمة نتيجة لتبنيها سياسات التحرير الاقتصادي كرأسمالية طفيلية ليست لديها مصلحة في العمل الإنتاجي، ولكنها تعيش على أكتاف المنتجين وانهارت الصناعة والزراعة وانهارت الخدمات الاقتصادية سواء أكانت سكة حديد أو نقل بحري أو نهري أو طيران مدني، وانهارت كل الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، وهذه الحروب القائمة نتيجة لأيدلوجية النظام الذي يريد أن يذعن كل الأطراف عن طريق العنف والقوة ويستولي على الموارد. وبدون إسقاط هذا النظام لن يحدث أي تحسن بل سنعيش في مزيد من الأزمة، ويمكن أن يؤدي إلى تفكك الدولة السودانية وليس هناك أي بديل سوى إسقاطه تماماً.

حوار – محمد إبراهيم الحاج: صحيفة المجهر السياسي[/JUSTIFY]