الخبير الافريقي في قراءة للمشهد السياسي للعام 2013م
كيف تقرأ تداعيات الأحداث المتسارعة الآن بدولة جنوب السودان وماهو أثرها على السودان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً؟
– ربما جاء متأخراً هذا الوضع المتفجر الآن بالجنوب ولا يمكن أن يملك ناصيته أو شراءه شخص واحد، والصراع الدائر الآن هو صراع مركب، وكما يقول مكافيلي ليس في السياسة »خوة ولا خيرية« ولكن هي مصالح وتحالفات على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، وإذا القراءة تقول إن هناك تحالفات في الجنوب وقتية وظرفية ومرحلية مثل تحالف رياك مشار والمجموعة الذين كانوا أعداء الأمس أمثال باقان أموم، وتعبان دينق، ولكن العمود الأساسي هو رياك مشار وقوته، وهناك أيضاً بيتر قديت الذي ظهر فجأة ولم يكن معروفاً لمن يعمل، لأن لديه أيضاً تحالفات الآن مع رياك مشار، وهو الآن يستولى على منطقة جونقلي وهي مفتاح الجنوب نحو اثيوبيا، ومفتاح الجنوب نحو جوبا، ومفتاح الجنوب نحو مناطق النفط، إذن لديه ورقة رابحة يمكن أن يلعب بها لمصلحته الشخصية، ويبدو لي أن هناك أربع قوى تتبلور واية مجموعة تمتلك السلاح سوف تصبح قوة في المسرح الجنوبي، ولا ننسى الرئيس سلفاكير الذي دخل في تحالف مع يوغندا بحسب اتفاقيات التعاون بين الدولتين، مما يعني دخول يوغندا في الخط، وهناك مجموعة تلامذة قرنق..
مقاطعاً… هناك أيضاً أبناء أبيي كيف تقيم وضعهم في الصراع ؟
– أبناء أبيي ينظرون الى المشهد وهم في الغالب سيكونون رهن إشارة الأمريكان لأنهم يعتمدون على عرابهم دكتور فرانسيس دينق ابن أبيي وعلى صلاته الخارجية الواسعة، وهذا في القراءة العامة للوضع يشير الى أن الجنوب يتجه الى وصاية دولية.. والسؤال هنا يقول أين الصين وعلامة استفهام من صمتها حتى الآن وهي لديها أكبر استثمار في جنوب السودان وهو النفط.. وكيف ستحمي مصالحها.
مقاطعاً… بحسب الأخبار أن الصين أجلت عمالها وموظفيها في حقول النفط؟
– هذه خطوة إجرائية ضرورية لضمان سلامة الموظفين والعاملين لكن النفط الآن في يد قوات غير حكومية، وهي قوات رياك مشار وبيتر قديت، فكيف تتعامل معهم الصين وهي متعاقدة مع حكومة جوبا ومشار وقد أعلنت بأن نقود النفط يجب أن تذهب للبنك الدولي كطرف ثالث إذاً الصين هل ستتوافق أم لا، وهذا سيؤثر على الجنوب وعلى السودان وعلى بنك السودان الذي بنى ميزانيته أساساً على عائدات النفط، وهنا إجابة على سؤالك عن الأثر الاقتصادي للأحداث في جوبا على الخرطوم وهو أثر مباشر لأن الميزانية حوالي 4 مليارات دولار وهي حوالي 32مليار متوقعه من عائدات النفط في الميزانية الأخيرة وحتى إذا لم يتوقف تدفق النفط هناك أيضاً قسمة جديدة بحكم سيطرة قوة جديدة على الحقول تطالب بحظهم وإذا فرضت وصاية دولية أيضاً المعادلة سوف تتغير في قسمة النفط..
إذن السؤال هو كيف سيتفادى السودان العجز في الميزانية خاصة وأنها اعتمدت على عائدات النفط المهددة الآن بالتوقف؟
– الحكومة الآن جديدة والميزانية جديدة والتحدي الاقتصادي أمامها صعب وسوف تواجه مسئولية كبيرة، لذا لابد أن تواجه بحوار سياسي جديد وتهيئ النقابات والهيئات والعاملين بالدولة لمزيد من سياسات التقشف لسد ثغرات الميزانية.. أيضاً الحكومة لابد أن تلجأ الى خيارات سلمية في الحوارات لإيقاف الصرف على الحروب في دارفور وجنوب النيل الأزرق، ولابد من تجفيف شراء السلاح وتوظيف الأموال الى مشاريع التنمية
هل هذا يعني مزيداً من سياسات رفع الدعم عن السلع؟
– كلها احتمالات مفتوحة إذا استمرت حرب الجنوب وتوقف تدفق النفط، بالتالي الأثر سيكون اقتصادياً واجتماعياً ولكن اذا استخدمت الحكومة سياسات ذكية لكانت أكبر تاجر بالجنوب بكل السلع التجارية عوضاً عن الوجود اليوغندي والكيني والجنوب الآن سيواجه حالات مجاعة أثر الحرب.. وعائداته من النفط لن تفي بحاجة المجتمع للغذاء..
ü إذا نظرنا للخارطة الافريقية في نهاية هذا العام 2013م نجدها ملتهبة بالأحداث.. هل ستستمر الى العام 2014م ؟
– عام 2014م سيكون عاماً مصيرياً لما يسمى بثورات الربيع العربي، وعاماً مصيرياً لكثير من الدول وربما ستحدد خليفة ملس زيناوي في اثيوبيا، وفي السودان سيتحدد مآلات نظام الإنقاذ ونحن نعلم أن إبعاد مجموعة غازي ومجموعة على عثمان ومجموعة نافع وكل هذه المجموعات ستحدد مآلاتها استعداداً لعام 2015م، كذلك الوضع في تشاد ويوغندا وافريقيا الوسطى وليبيا ومصر وتونس، وسيكون هناك مخاض سياسي كبير، وفي بعض الدول يتم بواسطة القوى العظمى امريكا وروسيا، وستكون هي المشكل الأساسي والآن يتم تحضير الطبخة السورية لعقد مؤتمر جنيف وإذا نجحت هذه الطبخة ستبدأ الطبخات التالية للدول الأخرى في العالم الإسلامي ومصر تكون فيها معركة مصيرية بين الحركة الإسلامية أو مايسمى بقوى تحالف الشرعية والقوة المساندة للسيسي وهي قوة الجيش ولكن ستدخل مصر في مرحلة عدم الاستقرار حتى يتم تسوية الأمور الفلسطينية، وأخذ امتيازات من عباس ومجموعته وصياغتها لصالح الدولة اليهودية وأيضاً هناك تركيا وهي مقبلة أيضاً على مخاض كبير لأنه سيتحدد من خليفة اوردغان بسبب فضيحة الفساد، وهناك حركة جديدة في تركيا وسوف تنزع الشرعية منه وسوف تؤثر على كل المنطقة وفي ليبيا أيضاً نفس الشيء، وفي تونس سيحدث التغيير عبر الانتخابات الجديدة، وكذلك الجزائر وهكذا المنطقة كلها ستكون سياسياً متأثرة بالإسلام السياسي وتأثيره.
على ذكر الإسلام السياسي.. هذا المصطلح الذي أثار جدلاً كثيفاً وظهر بقوة عقب ثورات الربيع العربي، ولكنه لم ينجح فكيف سيكون مؤثراً في 2014م؟
– لا اعتقد أنه لم ينجح ولكن لنقل إن التحدي كان أكبر منه، لذلك لم يتقدم في التجربة ففي مصر الجماعات الإسلامية لم تكن تتوقع صعودها هكذا للحكم، وكذلك إبعادها بسرعة رغم أنها كانت تريد أن تمنع الوراثة وكذلك في تونس، فهروب زين العابدين أحدث فراغاً مفاجئاً فكان إن جاء الإسلاميون بدون تخطيط ولكن أعتقد أن نجاح السلام السياسي كان متوقعاً في السودان بعد مجيء الإنقاذ، ولكن أيضاً في السودان حدثت تحديات كبيرة وآخرها التغيرات الهيكلية في الحزب الحاكم، وهذه التغيرات ستتبعها محركات سياسية ليست حتى في حسابات البشير ولا في حسابات المجموعة التي خرجت من السلطة أو تلك الباقية في السلطة..
هذه التحولات اقتصادية ضاغطة وفيها متغيرات محتملة من فئات باتت لا تتحتمل والآن ضباط الجيش- وهم حماة البلد تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، وهناك سخط واضح وهم الذين يتحملون عبء الدفاع عن الوطن، وكل هذا ينطبق على أساتذة الجامعات والموظفين، وكلها ضغوط ربما تقود الناس للخروج عن طوعهم في وقت إن الحكومة أضعفت المجتمع المدني والأحزاب وحتى الحزب الحاكم يعاني وهو في أضعف حالاته..
حوار :عيسى جديد: صحيفة آخر لحظة
[/JUSTIFY]