حوارات ولقاءات

أ. فتح العليم الامين العام ل(سائحون) : ثقافة الإسلاميين قائمة على الدفاع عن التنظيم بالحق أو الباطل

[JUSTIFY]الإسلام السياسي “مستقبلة وتأثيره ومآلاته” أصبح الشغل الشاغل للداخل الإسلامي وحتى لدى الجامعات الغربية وفي التجربة السودانية نمت العديد من المجموعات الرافضة والناقدة والداعية إلى تصويب مسار التجربة، بل بعضهم مس السقوفات وشكك حتى في صلاحية الفكرة نفسها، والمدهش أن تأتيك مثل هذه الاجتهادات من مجموعة عرفت بتعصبها وتشبثها القوي بالفكرة حتى وقت قريب مبادرة (سائحون) التي كانت مسمىً جهادياً حتى وقت قريب وتحولت الآن الى صوت رافض لتغريب الآخر وإقصائه وتحجيم الحريات حسب قول أمينهم العام الأستاذ (فتح العليم عبدالحي) الذي يقرأ لكارل ماركس ويتنازل عن تقديم ورقته لصالح (قرشي عوض) ويقول بفشل تجربة الإسلام السياسي، بل يؤكد تقاطعها مع الإصلاح ويتفق مع المعارضة في أهمية إقامة حكومة قومية تمثل فيها كل ألوان الطيف السياسي في السودان ويقر بعلو صوت الحزب فوق الجميع بما في ذلك الوطني، بل يذهب إلى ضرورة تخفيف العلاقات الخارجية من الحمولة الأيدلوجية والعديد من التفاصيل السياسية والفكرية التي تأتيكم طازجة عبر هذا الحوار..

*السائحون في الذاكرة مجموعة (قتالية)، من هم السائحون في إصدارتهم الجديدة؟ ـ هم مجموعة شباب الإسلاميين اجتمعوا على التفكير في مسألة السودان والحركة الإسلامية وجميعهم يقرون بوجود إشكال ما في التجربة الإسلامية، وتكون سائحون من مجاميع رافضة للعديد من الأخطاء وداعية للإصلاح، وتأريخياً هم مجموعة قتالية وأعضاء هذه المجموعة هم من قادوا المبادرة ودعوا إلى لقاء جامع في (الجلتر نايل) وحضر السائحون وهم مجموعة صغيرة وحضر عدد كبير من المجاهدين وصل إلى (750) ونسبة واحد في المائة فقط كان السائحون باسمهم الأساسي وأنا نفسي الأمين العام لـ(سائحون) لا أنتمي للمجموعة الرئيسية بمسماها التاريخي فقط دخلت في الترتيب الأخير للإصلاح، والفكرة الرئيسية هي وضع المشرط على الجرح فيما يتعلق بمشاكل السودان ومشاكل الحركة الإسلامية واجتماعنا كان لأجل توصيف المشكلة ووضع معالجالت وبعد الاجتماع في (الجلتر نايل) تم تفويض المجموعة المبادرة وبدأنا بتكوين لجنة فكرية حوت عدداً من الشباب المجاهدين السابقين المهتمين بالمسائل الثقافية والفكرية وكان على رأسها دكتور محمد مجذوب وآخرون، ثم عقدت حلقات حوار وورش وندوات وكتبت في مجالات مختلفة من المسألة الفكرية وحتى العلاقات الخارجية وعرضت الأوراق على مجاميع المجاهدين وصيغ زبدة ما تم الاتفاق حوله في وثيقة أسميناها (الإصلاح والنهضة) حوت محاور فكرية وثقافية واجتماعية واقتصادية وعلاقات خارجية وهنالك وثيقة خاصة تتحدث عن إشكال الحركة الإسلامية ووثيقة السودان نالت حظاً أفضل من التداول والرواج حوت تسعة محاور وقاربت العشرين صفحة، والحركة الإسلامية وثيقتها لم تتجاوز الثلاث صفحات والمرحلة التالية قمنا فيها بعقد لقاء جامع في منطقة الخرطوم الكبرى وفي مدن العاصمة والسودان الأخرى وعلى ضوء هذه اللقاءات تم تكليف لجان أو وحدات إدارية لإدارة المنصات و..
*مسمى (منصة) البعض يرجعه لخوفكم من استخدام مفردة منبر التي تسقط التجربة على منبر السلام العادل؟ (بالظبط كده) ولأن السائحون تحوي مجاميع منتمية للوطني وأخرى للشعبي وثالثة لأحزاب أخرى وفئة غير منظمة حزبياً ونحن وسعنا إطار سائحون حتى للأشخاص (الما عندهم علاقة بالحركة الإسلامية) وحتى في ندواتنا في الولايات المختلفة بنقدم خطابنا للجميع وكل من يجد توافقاً مع الأفكار نرحب به، وليس لدينا أي مانع بأن يظل المنتمي لسائحون على ولائه الحزبي لأي حزب كان فقط مع الالتزام بالمبادئ العامة لسائحون..

*بداية سائحون كانت في العام 2010م ماذا أضافت الى الحراك السياسي أو المجتمعي في السودان منذ ذلك التاريخ وحتى الآن؟ ـ نحن من رفعنا صوت الإصلاح وجعلناه عالياً ومؤسساً ومنظماً، صوت الإصلاح كان قبلنا في الوطني أو الشعبي (ونسبة بتاعة مجاميع) تقدم من النخب، وكانت ثقافة الإسلاميين السائدة عدم انتقاد التنظيم في الخارج، ففي المجالس العامة لابد من الدفاع عن التجربة بالحق أو بالباطل، والمجموعات الداعية للإصلاح أتت بعد السائحون (د. غازي نفسه وغيره) والمسألة المهمة أننا قدمنا نموذجاً للمراقبين للتجربة الإسلامية وكانت هنالك ردود أفعال إيجابية ممزوجة بدهشة نابعة من كون السائحين في ذهن الناس مجموعة شرسة ومسألة المرونة التي أظهرناها فكرياً في فتح النقاش وجميع المسائل جعل الكثير من المراقبين في حالة استغراب، ولكن لكل مرحلة خطابها والآن قضية السودان أكثر تعقيداً ولابد من إعلائه فوق الولاء الحزبي الضيق وما قلناه في وثائقنا إنه ليس من حق السائحين ولا أي طرف آخر سواء أن كان حركة إسلامية (مقسومة أو مجموعة) يقرر منفرداً في شأن السودان.
*إذاً ما قدمته سائحون يمكن إدراجه في (التشظي الفكري الصالوني)، ولم تمس حتى الآن قضايا الفساد والديمقراطية وغيرها؟ ـ ما قامت به الحكومة من إصلاح جزئي نتيجة لإعلاء صوت الرفض الذي قادته سائحون، فبقوا مضغوطين وما عندهم خيار ثاني، فالحزب الحاكم عمل لجنة مركزية اطلعت على وثائقها التي حوت العديد من البنود الواردة في وثائقنا في سائحون فقط هم كحزب حاكمين دايرين يقولوا (لا دا كلامنا نحن بدون ما زول يجبرنا عليهو) و…
*ما تقول به قد يفسره البعض دفاعاً عن النظام ووصفه بالإصلاحي في المرحلة الراهنة؟ ـ الدولة إذا سقطت قسراً فجأة ستحدث إشكاليات لأن الدولة السودانية هشة والمجتمع فيه تشققات لا يحتمل، فالأفضل أن نسايس المسألة مع بعض الى أن نصل الى حلول جذرية و..
*البعض يرى أن الإسلام السياسي في السودان هو المسؤول عن التكريس لهشاشة الدولة السودانية بإضعافه للأحزاب والنقابات والنعرات القبلية لدعم وجوده أطول فترة ممكنة كحارس يقي من الانهيار الأخير؟ ـ ما بنقدر نقول إن الحكاية دي مصممة ابتداءً أو إن الإسلاميين يقصدوا يفككوا الدولة السودانية، لكن ممكن نقول إن ما عليه المجتمع من ضعف هو نتاج لسياساتهم الخاطئة، لكن لا أعتقد أن هنالك نظرية جلس بها الإسلاميون قاموا بصياغتها و..
*مفهوم التمكين وحده أدى الى هشاشة الخدمة المدنية والتعليم، والتفكيك القبلي خدم ظهور الإسلاميين كحارس لإثنيات بعينها هذا ما يراه البعض؟ ـ ممكن أحلل معك أن فهم التمكين أدى الى فقدان كادر مؤهل ومهم والنقابات كانت تشكل عائقاً كبيراً أمام الدولة لذا فككوها وأدخلوا عناصرهم، لكن مسألة وجود نظرية مسبقة لنظرية إضعاف المجتمع لا أظن موجودة حتى من فعل ذلك أعتقد أنه لم يكن يتوقع هذه النتيجة وهم فعلوا كل هذا لظنهم أنهم ينتصرون للثقافة الغالبة عند السودانيين فكان في اعتقادهم أن ما يقومون به سيقودهم الى إنتاج الدولة السودانية وفقاً لأفكارهم لذا كل العناصر الغريبة على هذه الفكرة إثنياً أو عقدياً تمت إزاحتها وصحيح أن ما تم يمثل آثاراً جانبية لتطبيق هذه النظرية، وأنا أعترف أن هنالك عيوب حتى في نظرية الإسلام السياسي نفسه.
*ما هي الأخطاء الموجودة في نظرية الإسلام السياسي وفقاً لقراءتك؟ ـ نحن الآن نتحدث عن (الإسلام السياسي) لماذا والمجتمع السوداني نفسه قائم على التنوع في الإثنيات والأديان في تكريس الإسلام السياسي وخدمته اقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً أدى الى إقصاء مفردات أصيلة في المجتمع السوداني كان من حقهم الأخلاقي والتاريخي والديني أن يقولوا كلمتهم لأن عندهم حق مماثل كما للأطراف الأخرى، وأقول هذا الكلام بالاستناد الى وثيقة المدينة، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أسماء الناس جميعاً، والقبائل بأسمائها حتى اليهود لم يجملهم، بل كان يفصل يهود بني فلان وفلان لأنه أراد بناء دولة عادلة وآمنة ولم يشأ أن يشعر أي شريك في المواطنة بحزازة ما، المشكلة الثانية أن الإسلاميين ضخموا دور الدولة وجعلوها محدداً للأزياء والأذواق وكل شئ والصحيح عندي أن الدولة جزء بسيط من المشروع الكامل للإصلاح والتغيير فالدولة ممكن تعمل ملفين فقط لا غير الدفاع والعلاقات الخارجية وحتى الاتجاهات الحديثة في الفكر المعاصر يوجد نقاش يفضي إلى أن الدولة ليست حلاً وإنما مشكلة فكلما تفككت تؤول إلى الصفر كما ذكر كارل ماركس لأن نظرية النظام العام هي تمدد الدولة حتى في أخلاق الناس تحدد للناس كيف يلبسون وهذا غير صحيح وهو ما جلب مفردة الإسلام السياسي فلماذا لا يكون إسلاماً اجتماعياً أو ثقافياً وإذا كان الإسلام السياسي هو أداة القهر عن طريق الدولة فالنتيجة تساوي سقوط كل الفكرة وتوابعها متزامنة مع سقوط الدولة، وعمرها الدولة ما كان عندها أثر إيجابي في الإسلام وتجربة النبي لا يقاس عليها وللأمانة حتى الإسلاميين أنفسهم ليس لديهم توصيف متفق عليه في الدولة.
*إذا انتقلنا من العام إلى الخاص البعض يقلل من قدرة سائحون على الصمود وخلق التغيير نسبة لأن عضويتها منقسمة بين الوطني والشعبي وتلك أجندة مغايرة؟ ـ ما حدث أن الجميع متفق مع الخطوط العامة لفكرة سائحون الداعية للإصلاح الداخلي والعام، وبالمقابل كل شخص منا يحترم التقديرات الذاتية للجميع، ولو سائحون رأت خروج مظاهرة فكل من ينتمي اليها ملزم إذا كان وطنياً أو غيره و..
* لكن في مرات خروجكم واستشهد بالوقفة أمام البرلمان كان العدد قليلاً للغاية؟ ـ هي الوقفات في كثير من الأحيان مقصود منها أنها تكون تعبيراً رمزياً ليس إلا فوجود بعض الكوادر وواحد من السائحون يخاطب المنصة كدا بتكون الرسالة وصلت، لأن المظاهرة تتطلب أعداداً كبيرةً نسبة لاحتمال المصادمات مثلاً ولدينا الوضع مغاير.
*الوثيقة الثانية لسائحون مختصة بالحركة الإسلامية ألا تعتقد أن المشاكل التي تحيط بالسودان بداية بلقمة العيش وليس نهاية بالأمن أكبر وأهم من مصير الحركة الإسلامية أياً كان؟ ـ اهتمامنا بالحركة الإسلامية ليس نابعاً من انتمائنا لها ولكن دلائل الواقع تقول إن الحركة حكمت السودان ربع قرن من الزمان وأثرت على الأسواق والأذواق ولو الشخص عاوز يفكر في المسألة السودانية مستحيل يقول طلعوها برا وخلوني أفكر فحتى الغرب عندما يفكر في السودان واحدة من أبرز وأهم المفردات الحركة الإسلامية و..
*في أكثر من حوار أجريته مع سياسيين معارضين كانوا يرددون أن الغرب هو الداعم لاستمرار الإسلاميين في السودان الآن شهد شاهد …؟ ـ الغرب بيفكر بطريقة غير موضوعية وبفتش مصالحه ممكن يكره الإسلاميين لكن تقديره بأنها مجموعة لها فاعلية في الأرض بتجعله يتعاطى معها و..
*وربما تحقيق بعض أهدافه عن طريقها؟ (مبتسماً) ما بنقدر نقول كدا، لكن الداير أقوله إن الغرب لديه وحدات مختصة بدراسة الإسلام السياسي وأكثر موضوع للدراسات العليا هو الإسلام السياسي هذا هو المطلوب في جامعات الغرب الآن، ومراكز المخابرات لديها بحوث في هذه الظاهرة أصبحت نشطة وأكثر فعالية بعد الربيع العربي.
*سائحون نشأت في 2010م لأجل الشفافية وعدم الانتصار للذات.. بصراحة كيف تفكر في تحالف الغرب وانحيازه للإسلام السياسي سواء أن كان حاكماً أو مخلوعاً كما في التجربة المصرية والسودانية؟ ـ إذا كانت إشارتك إلى التجربة السودانية متعلقة بانفصال الجنوب فأعتقد أنها غير صحيحة، وكما ذكر التجاني عبدالقادر نحن وحدويون وانفصل الجنوب، وتقديرنا أن الوحدة أنفع للطرفين، لكن الدولة ليست منزلة هي تقدير بشري وإذا الناس ما اتفقت من حقهم البقاء أو الذهاب ومن البداية كتب الأفندي أنه من الاستحالة بمكان أن تقهر الناس على الوحدة وأعتقد أن فترة الستة أعوام لم تستثمر بشكل جيد في إرسال رسائل تطمينية بحرص الشمال على الوحدة من خلال مشروعات التنمية في الجنوب.
*واحدة من أبرز الأشياء التي تدعم عدم جماهيرية سائحون أنهم في الأصل (مجموعة مقاتلة) وأثبتت التجارب أن الدواس ما بحل مشكلة؟ السائحون في الأصل ما عسكر متخصصين، بل مجموعة من الشباب أغلبهم جاءوا من أعرق الجامعات السودانية أطباء ومهندسين وأدباء ومفكرين ومناطق العمليات ما كان كلها قتال، أنا مشيت ممكن تقعد ثلاثة أشهر في دوريات مراقبة فقط والقتال لا يتجاوز ست ساعات جملة وكانت هنالك حلقات التلاوة والشعر وجلسات الاستماع والحوارات الفكرية وكانت هذه المجموعة تذهب إلى القرى المجاورة وتعمل على قضاء حوائج الناس حسب استطاعتهم وعمل نفير لبناء فصول المدارس أو غرفة كشف في مركز صحي وهكذا ما قاموا به إنسانياً وأخلاقياً عمل نبيل بالإضافة إلى أن ما حوته وثائقنا الحالية أن الحل عن طريق البندقية غير مجدٍ وغير صائب فالفكر الحالي الذي تحمله هؤلاء لا للإقصاء ولا للاقتتال لأنه لا يسمن ولا يغني من جوع.
*البعض يشكك في مقدرة الداخل الإسلامي في إيجاد حل لمشاكل السودان ولقضايا الفساد وغيرها والاستشهاد دوماً يكون بالسائحين والألف أخ؟ ـ مذكرة الألف أخ كنت جزءاً منها وسائحون هي امتداد لهذه المذكرة ولم يكن أحد يتوقع تمددها أكثر كما حدث في السائحون لتصبح مجموعة ضغط، وانحصرت مهمة المذكرة في الحشد لإعلام القيادة بالاعتراض على المواقف المعروفة لدى الجميع وأن هنالك مجموعة رافضة ويمكنها الذهاب لما هو أكثر من ذلك.. الأمر الثاني أنها كانت معالجة داخلية لكن السائحون أوجدت انفتاحاً بأنها نظرت إلى قضية السودان واتصلت بأحزاب وكيانات وتأثيرها كان أكبر من المذكرة وأي خط يذهب في المطالبة بالإصلاح، فللسائحون فيه أجر المبادأة وإرساء السنة الحسنة كما ذكر دكتور حسن مكي.
*الحركة الوطنية للتغيير اتسمت بأنها وجود نخبوي يفكر بصوت مرتفع في مشاكل السودان هذا هو التنظيم الذي تنتمي إليه أولاً كيف تعرف تنظيمك الآخر (السائحون) لا زالت منصة غير منتمية للمجتمع كلية وغير مشكلة لحزب سياسي مستقل؟ ـ نحن ذهبنا أكثر من ذلك جلسنا مع الأحزاب لصياغة وثيقة سياسية مشتركة وتعاملنا مع الأحزاب بصفتنا تيار سياسي ضاغط لخلق إصلاح وكما هو معروف العمل السياسي قائم على وجود حزب أو مجموعات ضغط وفي الغرب الأحزاب أقوى فعالية من مجموعات الضغط فقضية مثل دارفور أثرت فيها مجموعات الضغط و..
*ذكرت في هذا العدد الحوار كلمة واحدة بوتيرة متزايدة (الضغط) ما هي أدواتكم التي تضغطون بها على الوطني ليوافق على الإصلاح؟ ـ نحن لدينا مقدرة على التأثير على القواعد هنالك مجموعة صغيرة (قاعدة فوق) لديها مصالح (وعاجبها) استمرار الأوضاع كما هي عليه للمحافظة على مكتسباتها التي حصلت عليها على مدى (25 سنة وعلى مدار التاريخ أي حركة إصلاح لديها مناوئين، لكن غالب الناس مع الإصلاح والشاهد أن وثائقنا ما ذهبنا بها إلى أي مجمع إسلامي إلا ووجدت التأمين من الحضور و..

*بالإضافة إلى جلسات عرض وثائقكم للإسلاميين والتأمين عليها ما هي كروت الضغط الأخرى (إن وجدت)؟ ـ نحن كونا مجموعات ضغط داخل الوطني وائتلفنا من أجل مجئ د. غازي أميناً عاماً للحركة الإسلامية والمسألة أخافت البعض جداً وكانت معركة مشهورة والسائحون كانوا وجوداً داخل المؤتمر بصورة بارزة والدولة أحست بالخطر وعملت على إقصاء غازي.
إذا كان هنالك دعم لدكتور غازي منذ وجوده في أروقة الوطني وتمتعه بكامل المخصصات الدستورية، لماذا لم يأتلف مع (السائحون) عند خروجه أو العكس؟ ـ والله نحن لم ننضم لأن تحولنا لحزب هذه مسألة تقررها القواعد نحن كقيادة ما عندنا دخل بها وعموماً نحن ما عندنا إشكالات كبيرة مع غازي، نحن قعدنا معاه وحضرنا لقاءاته وآزرناه وهنالك مجموعة من السائحون كانت في الوطني وانتمت الى د. غازي والوثائق التي قدمها قمت بمناقشتها.
*الدعوة الى الإصلاح والتغيير واحدة والمسميات عدة داخل الإسلاميين منها (السائحون) والحركة الوطنية للتغيير والإصلاح الآن.. ماذا يميز السائحون؟ ـ طبعاً أنا منتمٍ الى الحركة الوطنية للإصلاح وجزء من المؤسسين وهي منبر سياسي نخبوي ولجت إلى السياسة من باب المراجعات الفكرية وأنا على المستوى الشخصي أجده في هذا السبيل والنمط في الاهتمام بالشأن العام، لكن السائحون منبر عام والحديث عن الأفكار جزء من حيثياته وغازي مشابه للسائحين بدرجة ما وعموماً لا يوجد تقاطع.
*في سائحون كيف تنظرون للتعديلات الوزارية الأخيرة بين الاستجابة للتغيير وظلال المناورات؟ ـ والله أنا شخصياً أرجو ألا تكون مناورة، لكن في المقابل إذا قبلت أي شئ جملة واحدة هذا ضد إعادة البصر كرتين، لكن ثمنها في سائحون بالذات أن التغيير طال شخصيات كبيرة وغير متوقعة، لكن في ذات الوقت ليس هذا هو الحد الأقصى فإبدال الأشخاص لا يعني التغيير، فالأمر يجب أن يطال الفكرة والسياسات ثم الأشخاص، وما دعونا له في خطوات التغيير هو مسألة الحكومة القومية كواحدة من أهم لبنات التغيير لتمثل كل ألوان الطيف السياسي الموجود في السودان وحسب نسبه وحتى المجموعات المحاربة ولابد من وجود خطوات تطمينية متعلقة بقانون الأمن وإطلاق الحريات الصحفية والعمل السياسي وكل القوانين.
*مسألة تحجيم الحريات ومبدأ إقصاء المخالف كانت أكثر شراسة في بداية التسعينيات، لماذا في هذا التوقيت بالذات لقول كلمة لا؟ ـ طبعاً عن قانون الأمن وتعديلاته هنالك من اعترض باكراً، وأنا رأيي أن جهاز الأمن ليس من حقه الاعتقال نهائياً فهو جهاز معلومات ليس إلا وملف الأمن الداخلي كان تابعاً للبوليس السياسي في زمن الأزهري وعبود، وكان تحت رقابة النائب العام والقضاء وإذا كانت هذه الرؤية مثالية دعونا نحدد فترة الاعتقال على أقل تقدير، وكلمة لا قيلت منذ 95 مثلاً التجاني عبدالقادر اتكلم والطيب زين العابدين من البداية كان عنده موقف وحتى اتفاقية السلام كانت هنالك تيارات رافضة لثنائيتها فتم الاحتيال بذكاء وكونت لجنة استشارية من الحاج وراق ومحجوب محمد صالح.. صحيح الحاج اعتذر لكن الأستاذ محجوب محمد صالح وآمال عباس كانوا موجودين وهنالك مجموعات رفضت استلام أي مواقع في الدولة مثل بروف حسن مكي منذ 1992م وبعدها حفظ مسافة بينه والدولة والتنظيم ود. حسن الترابي كانت لديه مجاهدات مناوئة و..
*د. الترابي هو عراب هذه التجربة برمتها وأثناء وجوده نفذ إعدام فقط لأن شاباً تاجراً في الدولار، وقتل 28 ضابطاً لأن الشكوك حامت حول نيتهم في إعادة ما فعلته الإنقاذ كي تتقلد السلطة؟ هو صحيح كقائد مسؤول لا أنزع عنه المسؤولية، لكن كثير من القضايا كان لديه رأي إيجابي ويحسب له في المؤتمر الذي عقد لشورى الحركة الإسلامية إبان التوالي السياسي ذهب لمسافة بعيدة في الحريات ورفض إقصاء الناس وقال في المنصة إذا تقديركم أن رؤيتي غير صحيحة فأرجو إعفائي من منصب الأمين العام، وكثير من القيادات صوتت لصالح الحريات فقط لأن الترابي هدد بالاستقالة، وهنالك رموز في الوطني تسجل له هذه الشهادة.
*ما تقول به منافٍ لإفادات مهمة منها ما ذكره الطيب زين العابدين في أن الترابي قام بإقصاء قائد التنظيم في الجيش وأبدله بالبشير الذي توسم فيه الولاء والطاعة المطلقين، فشخص يود السيطرة على كل شئ كيف يطلق الحريات؟ ـ هو طبعاً الرئيس في أي تنظيم أيدلوجي يفترض أن يكون الرئيس تحت إمرة التنظيم كل الأحزاب التي حكمت في العالم حتى الحزب الشيوعي لا يوجد تنظيم يأتي برئيس ليقوم بعمل خارج التفكير الحزبي، لكن هل الترابي كان حريصاً على الولاء والطاعة لأجله هو شخصياً أم لأجل البرنامج.
*ما قدمته الحركة الإسلامية طوال ربع قرن كان لأجل مصلحة التنظيم أم الوطن واحدة من أبرز إشكالات الإسلام السياسي أن خدمة التنظيم تعلو خدمة الوطن والتأثر بغزة أكثر من إنسان دارفور مثلاً؟ ـ العصبية الحزبية واحدة من أشد أمراض وأعراض الحزبية في السودان وللأمانة إذا كان الإسلاميون أو غيرهم مصابون بهذا البلاء وفترة طويلة مصلحة الحزب كانت تعلو مصلحة الوطن أقرب مثال (مثلث حمدي)، ففي لقاء صحفي معه ذكر أن هذه الورقة قدمها وفقاً لطلب الحزب بتقديم خطة تخدم مصلحة الحزب وقائمة بالأساس على تنمية وتعمير المناطق الجغرافية التي تصوت للحزب في الانتخابات، والأستاذ الزبير محمد الحسن رفض تمويل هذه الخطة وقال أنا وزير مالية للسودان كله والناس البصوتوا للمؤتمر الوطني، وصحيح أن الإسلاميين انفعالهم مع القضايا الأممية أعلى من الداخلية وتلقى الواحد منفعلاً بالبوسنة أكثر من دارفور وفي رأيي يجب تخفيف العلاقات الخارجية من الحمولة الأيدلوجية.
*الكثير من المراقبين يرى أنه انتهى أوان الإسلام السياسي بعد سقوط التجربة المصرية وفشل الليبية وإخفاقات التجارب الأخرى؟ ـ هنالك خلل كبير أدى إلى السقوط في بعض التجارب والترنح في أخرى لذا نحن ندعو الى مؤتمرات لمناقشة جذور الفكرة نفسها، فهل كانت صحيحة أم لا فقناعتي الشخصية أن تجربة الإسلام السياسي هي انحراف لمدرسة الإصلاح التي بدأها محمد عبده والإصلاح لا يعتبر الدولة هدفاً مركزياً وإنما يعول على الفكر والاجتماع حتى الدستور الإسلامي نفسه هل هو الشغل الشاغل مثلاً أم إن هنالك قضايا اجتماعية أولى مثل الفقر والعدالة الاجتماعية أعلى قيمة من تطبيق الشريعة والحرية أفضل من دولة مظهرية اسمها الدولة الإسلامية وهذه مسائل تحتاج لمراجعات ولدينا في سائحون ندوات راتبة يتحدث فيها (قرشي عوض) الأمين العام السابق لحركة حق وقدمت ورقة عن الإسلام السياسي فيها رؤى مغايرة للسائد الآن.
*في حديثك ظلال قوية (لليسار الإسلامي) الداعي للعدالة الاجتماعية مثل سيد قطب؟ ـ حكاية اليسار الإسلامي دي (ابتسم وأردف) خلينا نقول هنالك مجموعات أصبحت متأثرة باليسار الإسلامي والإسلاميين التقدميين وقرأوا كتابات اليسار بشكل مختلف ولم يبحثوا عن ماركس الذي كفر، بل عن الرجل الذي قدم إسهاماً في التجربة البشرية، ومعجب بجيفارا الذي حمل بندقيته ورهن حياته لأجل تحرير شعب دون أن تجمعه به أي صلة عرقية، فالانحياز للفقراء والبسطاء والمساكين هو أساس الدين الإسلامي، ونسخة الإسلام الحالية سادت منذ عهد بني أمية إسلام (أبكي من خشية الله وقيم الليل)، لكن الإسلام الصاح هو تفقد المحتاجين والإسلام البعزل الزول في متر مربع إسلام ما عنده قيمة، وعندما جاء أبو سفيان لنبي الله الكريم وطلب إقامة مجلس مختلف بلغة هذا العصر (VIP) فالرسول الكريم كان راغباً لإدخالهم في الإسلام فمال لقولهم فأنزل الله من فوق سبعة سموات (ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) فالانحياز بالأساس إلى الفقراء والبسطاء الكادحين.
* ما هي علاقة سائحون (بود إبراهيم) فكنتم جزء من مبادةر إطلاق سراحه وحضوراً في صيوان الاحتفال؟ ـ ود إبراهيم كان لديه رأي في الكثير مما آلت اليه الأمور وأعتقد أن وجوده في المؤسسة العسكرية هو ما دفعه إلى الصمت لكنه كان يتحدث الى قيادات وحوله مجموعة ساخطة مما آل إليه حال المؤسسة العسكرية بصورة خاصة ومما جرى في البلد بصورة عامة والسائحون لديهم علاقة تأريخية وجدانية معه لأن بعضهم جاهد تحت قيادته، وعندما اعتقل كانت رؤيتنا محاكمته وفق القانون مع قناعتنا الكاملة بأن التغيير بالانقلاب هو سبب مشكلة السودان الراهنة ودعونا أن يحفظ له ما قام به من مجاهدات ومواقف رجولية وذهبت مجموعة إلى الرئيس كقائد أعلى للقوات المسلحة لأن الحق ملكه وكل الأطراف التي تحركت أسهمت في الدفع بها سائحون كذلك قضية يوسف لبس ما دفعه للإشادة بدور السائحين في كل لقاءاته الصحفية.
*ما هو مستقبل السائحون؟ ـ نحن بصدد إصدار المزيد من الوثائق في الإصلاح والنهضة.
*نفس الاسم السابق لحزب غازي؟ ـ ما نحن مشينا وقلنا ليهو دا اسمنا وكدا وقام بتغيير اسم الحزب بناءً على ذلك و..
*الأستاذ محمود الجمل مسؤول الإعلام في حزب غازي زودني برسالة هاتفية مفادها أن مجموعة داخل الحزب رأت ضرورة تغيير اسم الحزب وتحت إصرارهم تم التحويل الى الإصلاح الآن؟! ـ أنا شخصياً قابلت غازي صلاح الدين وأبلغته اعتراضي على الاسم الذي أعلنوه صباحاً وقابلته مساءً وكان رده بأنه اعتبر أن الاسم متعلق بالوثيقة الفكرية فقط وليس بالكيان ورددت بأن هذا الأمر سبب لنا حرجاً مع مجموعتنا وشُن عليه هجمم من أعضاء السائحين، فكان رده أن هذا الاسم أجازته المؤسسات الشورية فطلبنا منه إعادة دعوة المؤسسات الشورية مرة أخرى فوعدنا واجتمع بمؤسساته وتجاوزوا عن الاسم وشكرنا دكتور غازي على خطواته، أما مستقبل سائحون فستعقد لقاءات لعدد من قياداتنا تناقش فيه مشاكل السودان وستنزل الى القواعد ونكون المستقبل بالشورى إذا كان الرأي عند إقامة حزب أو الانضواء والائتلاف مع حزب، فالأمر يحسم بغالب الشورى.
*شكراً جزيلاً لوقتك ـ مشكورة جزاك الله خيراً.

صحيفة الإنتباهة
حوار – عفراء فتح الرحمن
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. قال السائح:…وإذا كان الإسلام السياسي هو أداة القهر عن طريق الدولة فالنتيجة تساوي سقوط كل الفكرة وتوابعها متزامنة مع سقوط الدولة، وعمرها الدولة ما كان عندها أثر إيجابي في الإسلام وتجربة النبي لا يقاس عليها وللأمانة حتى الإسلاميين أنفسهم ليس لديهم توصيف متفق عليه في الدولة.
    بعد 25 سنة نسمع حسين خوجلي يريد ان يكشف المكشوف كذلك السائح فتح العليم توصل قريبا الى ما كان يتحاشاه المجتمع السوداني لأن الاسلام السياسي غير الاسلام العقيدة ..العقيدة لها اصولها وضوابطها الشرعية وهي علاقة ثنائية بين العبد والرب وتمتد جذورها في المجتمع لتخلق ترابط ايدولوجي ينتظم المجتمع …التجبة كانت مشوهة لأن القائمين عليها تنقصهم مقومات الاصلاح ..فاقد الشيئ لا يعطيه…التدهور في السلوك الفردي والعام والفساد الذي طال كل شيئ…اللاوطنية وانعدام الضمير…العنصرية والقبلية وابناء الاقليم الواحد واقصاء الآخر بشكل قبيح …المشكلة العويصة ان النسيج الاجتماعي السوداني لا يمكن باي حال ان يعود كما كان قبل المشروع الحضاري.
    لذلك هناك بون شاسع بين الاسلام السياسي والاسلام العقيدة صورته للمجتمع السوداني 25 سنة من الحكم المطلق …خلاله لم تحدث تربية اخلاقية ولا روحية للمجتمع بل تعلم اشياء منتنه لا يمكن الخروج منها نفق مظلم وبشع