حوار مع قيادي من دولة جنوب السودان حول الأزمة ومستجدات الأحداث في الجنوب (1)
كر وفر بين القوات الحكومية والقوات المناوئة لها تشهدهما الساحة في دولة جنوب السودان والتي تحتدم فيها معارك عنيفة وضارية بين جانبي الصراع واللذين تشكلا إثر خروج الدكتور رياك مشار النائب السابق للفريق سلفاكير ميارديت على الحكومة المركزية في جوبا برئاسة الفريق سلفاكير ميارديت رئيس دولة حكومة جنوب السودان و قيادته تمرداً مسلحاً فجر الأحداث الدامية والتي ما زالت ترسم مشاهد مبهمة لا تنبيء إلى من ستكون الغلبة في النهاية.
في خضم هذه الأحداث والأزمة الأمنية الطاحنة التي تشهدها دولة جنوب السودان في مختلف الجبهات، كشف البروفيسور ديفيد ديشان – القيادي الجنوبي ورئيس الجبهة الديمقراطية لجنوب السودان – في الحوار الذي انفردت به (أخبار اليوم) معه والذي فجر من خلاله العديد من المفاجآت من العيار الثقيل بأن مدينة جوبا قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط في يد القوات التابعة لمشار والتي باتت تحاصر المدينة عبر عدة محاور.
وكشف بروف ديشان العديد من المعلومات والمستجدات التي تشهدها الساحة في دولة جنوب السودان فإلى مضابط الحوار:
مستر ديفيد ديشان كيف تصف وتقرأ لنا المشهد السياسي على ضوء المستجدات التي أدت إلى اندلاع الحرب في دولة جنوب السودان في ديسمبر من العام المنصرم 2013م – نود أن نتعرف على الأسباب الحقيقية التي أفضت إلى هذه الأزمة بين أطراف الصراع الفريق سلفاكير ميارديت ونائبه السابق الدكتور رياك مشار الذي قاد تمرد ضده وبالتالي حرباً عنيفة وضارية ما زالت رحاها دائرة ؟
حل الحزب
يبدأ بروف ديشان حديثه موضحاً أن بداية الصراع بين سلفاكير ومشار قد بدأت منذ الخامس عشر من ديسمبر الماضى عندما قام سلفاكير بحل الحزب الحاكم (الحركة الشعبية) وحل كل أجهزة وتنظيمات الحزب دون مشورة أعضاء القيادة وعلى رأسهم نائبه د. رياك مشار مما أدى إلى تفاقم الأزمة واندلاع هذه الحروب.
قلت مقاطعة عفوا هنالك اتهام مباشر من قبل رئاسة جمهورية جنوب السودان لقيادة الحزب الحاكم والحركة الشعبية بمن فيهم د. رياك مشار بالتآمر عليها في حركة انقلابية؟؟
يجيب بقوله هذا مجرد ادعاء عارٍ من الصحة والحقيقة أنه ليس هنالك أي انقلاب كل ما في الأمر أن سلفاكير يسعى و يريد أن يحكم دولة جنوب السودان بمفرده دون مشاركة الآخرين معه في حكم البلاد وهو في حقيقة الأمر أيضاً حاكم دكتاتوري وليس ديمقراطياً وهو يريد أن يقوم بتصفية مشار ومعه الآخرون وذلك بتوجيهات من الرئيس اليوغندى يوري موسفينى الذي قام بتحريض سلفاكير لتصفيه واغتيال د. مشار ومن معه من القيادة.
زيارة المقابر قلت مقاطعة أيضاً قد يكون هناك مجرد توهم ومن ثم الادعاء بأن النظام كان بصدد تنفيذ عمليات تصفيات للقادة السابقين للحركة الشعبية؟؟يجيب بقوله موضحاً بأن موسيفنى كان قد وجه الدعوة لسلفاكير دعوة لزيارة يوغندا وبالفعل لبى سلفاكير الدعوة وفي أثناء زيارته ليوغندا اصطحبه موسيفنى في زيارة لإحدى المقابر في يوغندا والتي كان قد دفن فيها نائب رئيس الرئيس اليوغندى ووزير خارجيته ووزير دفاعه ومدير الأمن اليوغندى بعد أن قام بتصفيتهم واغتيالهم وطلب موسفينى من سلفاكير أن يفعل كما فعل هو بتصفية قياداته في يوغندا وأنه إذا ما قام بتصفية واغتيال قيادته سيرتاح من المشاكل ونصح موسفينى سلفاكير بعد تصفيه قيادة الحركة الشعبية د. مشار ومن معه عليه أن يعين نائبا له من قبيلته الدينكا وشدد عليه بالرجوع إلى بلاده وقتلهم (حتى يرتاح منهم).
وأضاف أن موسفينى لا يريد حكماً ديمقراطياً في دولة جنوب السودان لارتباطه بمصالح شخصية مع سلفاكير.
تحقيق المصالح
ما هي هذه المصالح الشخصية التى تربط سلفاكير وموسفينى؟
دولة جنوب السودان غنية بالموارد الاقتصادية والطبيعية المختلفة التي تزخر بها مناطقها فهو فقط يهدف إلى تحقيق مصالحه في الجنوب وأشار إلى أن أصابع الاتهام موجهة إلى كل من سلفاكير وموسفينى في اغتيال جونق قرنق.
وماذا عن اتهام قيادة الحركة الشعبية الذين تم عزلهم واتهامهم بالتدبير للانقلاب على سلفاكير؟يجيب بروف ديشان بقوله هذا مجرد ادعاء ليس هنالك أى انقلاب كما يدعى سلفاكير.
ويضيف أن مشار كان داخل منزله مع أسرته بعد ان تم عزله كنائب لسلفاكير وبما أن مشار من قبيلة النوير قررت القبيلة بدء الحرب على سلفاكير ولكن مشار رفض مبدأ الحرب وقال لهم بالحرف الواحد (لا تحاربوا عشان عزلى من منصب النائب ولا نريد أن ندخل في حرب)
ويواصل بقوله إن سلفاكير وجه الاتهام إلى مشار وبقية القيادات بضلوعهم بالتدبير لانقلاب وقام باعتقال هذه القيادات ورفض إطلاق سراحهم كما أن سلفاكير لا يريد أن يتقدم مشار لخوض الانتخابات في العام 2015 حيث أن سلفاكير لا يريد ان تجرى الانتخابات في الجنوب في العام 2015 وإنما تجرى الانتخابات في العام 2020م من اجل تمديد فترة بقائه في الحكم لأطول فترة ممكنة هذا من جانب ومن جانب آخر أن سبب اندلاع الحرب قد بدأ عندما ارسل سلفاكير أحد لواءاته من أبناء الدينكا للدخول إلى موقع الزخيرة فرفض أحد القوات من قبيلة النوير متعللاً بأن هنالك توجيهات بعدم الدخول إلى موقع الزخيرة فأرسل سلفاكير جيشه الخاص ليلاً فقتل أكثر من عشرة آلاف من شعب الجنوب الابرياء في كل من جوبا وملكال بتعليمات من سلفاكير وأشار إلى أن هنالك (67) ألفاً من شعب الجنوب قد لجأوا للاحتماء بالأمم المتحدة.
وتساءل بروف ديشان حزيناً لماذا يقتل الشعب البرئ ما ذنبهم؟؟ فثوار الجنوب ليس لديهم مشكلة مع الشعب وانما المشكلة مع سلفاكير وأن ثوار الجنوب يطالبون سلفاكير بالتنازل عن حكم دولة جنوب السودان.
كسر شوكة جيش الحركة
كيف تفسر لنا التصريح الذي أدلى به وزير دفاع الحركة الشعبية أمس الأول والذي ذكر فيه أن مشار ليس لديه القدرة على السيطرة على قواته؟؟
يجيب بقوله نحن كسرنا شوكة قوات سلفاكير في الميدان ونوضح بأن جيش الحركة الشعبية منقسم على القبائل وأن أبناء النوير في الحركة الشعبية يمثلون الجزء الأكبر في جيش الحركة الشعبية وأصبح موقف قوات الحركة ضعيفا ومن بعد أن قام سلفاكير باللجوء لقتل النوير في جوبا.
ونفى ديشان بشده بأن يكون مشار قد فقد السيطرة على قواته وأضاف بل إن قوات مشار كسرت شوكة جيش الحركة الشعبية في الميدان وأصبح سلفاكير ليس له قوات على الأرض و أكد أن القوات التابعة لمشار تحاصر الآن مدينة جوبا من كل الاتجاهات كما أن أعالى النيل الكبرى والمكونة من ثلاث ولايات وهى جونقلى والوحدة وأعالى النيل خالية تماما من جيش الحركة الشعبية.
حصار و تنظيفبروف ديشان هلا نقلت لنا صور حقيقية عن الوضع في جنوب السودان وعلى وجه الخصوص في منطقتي أعالى النيل الكبرى ومدينة جوبا؟؟
يجيب ديشان بقوله في البداية لابد أن نؤكد بأن أعالي النيل الكبرى قد تم تحريرها من قبضة قيادة سلفاكير وفي هذا الجانب فقد اعترفت الحركة الشعبية بعدم وجودهم في أعالى النيل الآن.
وأضاف نحن نؤكد ذلك ونقول بأنه الآن لا وجود لجيش الحركة الشعبية في ولاية أعالى النيل بعد أن قامت القوات التابعة للدكتور رياك مشار بتنظيفها من قوات الحركة الذين هربوا إلى بانتيو ولم يقوموا بتسليم أنفسهم لقوات مشار.
وأوضح أن قوات مشار الآن تحاصر جزر بانتيو وقامت بتحذير جيش الحركة الشعبية الموجودين في بانتيو إما تسليم أنفسهم أو الهجوم عليهم.
جوبا محاصره
ويواصل بروف ديشان حديثه مؤكدا بأن قوات مشار تحاصر مدينة جوبا التى أصبحت قاب قوس أو أدنى من السقوط وتستعد قوات مشار لشن هجوم على المدينة على كافة الجبهات وتضيق الخناق على جيش الحركة بمدينة جوبا والتى قد تسقط في أي لحظة وهنالك مفاجآت وهنا لابد أن ندعو الجاليات الأجنبية المقيمة في جوبا بأن تخرج من مدينة جوبا بأعجل ما يستطيعون وأن ينقذوا أرواحهم وندعو أيضاً الأمم المتحدة بإخلاء أبناء شعب الجنوب الـ (67) ألفاً الذين لجأوا للاحتماء بالأمم المتحدة بإخلائهم من مناطق تواجدهم من أجل سلامتهم لأنه من المتوقع أن تشن قوات مشار هجوماً على مدينة جوبا في أى وقت من الآن وبالتالي توقع سقوط جوبا أيضاً في أي لحظة ولذلك نناشدهم بالخروج من مواقعهم في أسرع وقت ممكن.
وأضاف بروف ديشان مؤكداً بأن ثوار دولة جنوب السودان ليس لهم مشكلة مع شعب وقبائل جنوب السودان ولكن هنالك مشكلة مع الحركة الشعبية وسلفاكير.
وأوضح بأن جيش الحركة الشعبية قد اصبح ضعيفاً وهشاً خاصة بعد تضييق قوات مشار الخناق عليه في كل الجبهات في ميادين المعركة.
إطلاق سراح المعتقلينبروف ديشان أراك تتحدث بسعادة غامرة حول استيلاء قوات مشار على أعالي النيل باعتبارك أحد أبناء قبيلة النوير وقيادياً جنوبياً وكرئيس للجبهة الديمقراطية لجنوب السودان هل لديكم رؤية لإيجاد حل لهذه الأزمة عبر الحوار للتوصل لحلول مرضية؟
يجيب قائلا للوصول لحل هذه الأزمة نطالب سلفاكير بإطلاق سراح المعتقلين ولابد أن يتنازل سلفاكير عن حكم البلاد وسنطالب بحكومة انتقالية بمشاركة كل الأحزاب الجنوبية وبعد ذلك أجراء الانتخابات وترشيح رئيس ديمقراطى لحكم الجنوب.
ولابد أن أشير هنا إلى أن ملكال الآن تحت قيادة اللواء جميس قادكوت الذي كان محافظا سابقا لمدينة الناصر وهو الآن ممسك بزمام الأمور في ملكال كما ذكرت أيضا أن كل مناطق أعالى النيل الكبرى قد أصبحت في يد قوات مشار.
صحيفة أخبار اليوم
حوار: نجاة صالح شرف الدين
ت.إ