سياسية

ما لم تنتبه له كمبالا وهي تغوص فى جوبا !

[JUSTIFY]ربما لم يتبلور بعد لدى القيادة الجنوبية الحاكمة فى جوبا -بفعل حداثة عهد الدولة- مفهوم السيادة الوطنية بالقدر الذي يحول دون إنزلاقها فى فتح المسرح لقوات عسكرية أجنبية بأسلحتها وعتادها لأداء خدمة عسكرية فعلية بالذخيرة الحية داخل أراضيها. ولكن من المؤكد أن هذا التطور الذي يجد صمتاً من قبل دول المنطقة، يؤشر لأزمة أمنية معقدة فى المستقبل القريب تصادم مباشرة مقتضيات القانون الدولي.

وكان الأمر المثير للانتباه هنا أن الحكومة الجنوبية بدت في غاية الابتهاج جراء الدور الذي يؤديه الجيش اليوغندي حتى حين أعلن المتحدث باسمه -علناً- استيلاء الجيش اليوغندي على منطقة بور بعد قتال ضاري مع المتمردين، وأنه أدى تلك المهمة لوحده ومنفرداً!

هذه الوقائع يلزم الوقوف عندها طويلا فهي أولاً: تؤكد أن التدخل العسكري اليوغندي لم يتم بناء على بروتوكول عسكري موثق أو اتفاقية دفاع مشترك بين الدولتين ولعل خير دليل يقطع بذلك أن التدخل اليوغندي بدأ بحجة حماية الرعاية اليوغنديين وإجلاؤهم من دولة الجنوب.

وبالطبع لو كان هناك اتفاق عسكري أو اتفاقية دفاع مشترك موثقة لما احتاج الأمر الى (حيلة) أو حجة فطيرة كهذي! ومن ثم فإن السياق العام الذي يجري فيه الأمر يكشف عن (مجرد مصادفة) صادفت هوىً في نفس كمبالا.

ثانياً: يترتب على ما اشرنا إليه فى النقطة السابقة أن يوغندا لم تحز لا على تفويض دولي -من مجلس الأمن مثلاً- أو إقليمي من مجلس السلم الإفريقي، للقيام بهذا الدور الخطير، ومن ثم ومع قبول جوبا ورضاها التام، فإن كمبالا تؤسس لعرف سياسي وعسكري يمثل تهديداً للأمن القومي للقارة الأفريقية.

وللتدليل على ذلك فإن الأمر سوف تزاد خطورته إذا ما لجأ أحد طرفيّ الصراع بالمقابل الى الاستعانة هو الآخر بدولة أخرى مجاورة، ففي هذه لحالة فإن من المحتم أن دولة الجنوب سوف تتحول ليس الى ساحة صراع جنوبي جنوبي داخلي وإنما الى ساحة صراع إقليمية تصفى فيها بعض دول المنطقة حساباتها ونشير هنا – فقط بغرض إعطاء الأمثلة- الى وجود قبائل جنوبية لديها امتدادات جوار مثل النوير فى إثيوبيا وبعض قبائل اللاتوكا والتبوسا فى كينيا.

من أين تأكدت كمبالا أن الحرب ربما لن تمتد الى هذه الدول المجاورة حتى ولو إنتهت الآن بفوز طرف على طرف؟
الأمر الثالث أن التدخل العسكري اليوغندي يعرقل ويعيق على المدى القريب والبعيد احتمالات التقارب والتكامل مع الدولة الأم السودان إذ ليس من المنطقي أن يكون التدخل اليوغندي (صدقة سياسية جارية)؛ من المؤكد أن يوغندا دفعت ثمناً لشيء غالباً لن تملك جوبا بداً من (بيعه) لها عاجلاً أم آجلاً!

سودان سفاري
ع.ش[/JUSTIFY]