حوارات ولقاءات

حوار مع القيادي بالشعبي حول قضايا الساحة السياسية

[JUSTIFY]في هذا الحوار مع بشير آدم رحمة تطرق لكثير من القضايا المسكوت عنها خاصة فيما يتعلق بما يدور في المشهد السياسي هذه الأيام، الرجل الذي يخرج مفرداته بعناية أكد لنا أن كل ما يطالب به حزبه هو الحريات بشكل عام والتي يعتبرونها عقيدة وديناً، خضنا معه عميقاً فيما يتعلق بالمشهد المصري وفكر الجماعة وظل يؤكد أن إخوان السودان يطالبون بحق المشاركة والحرية في التعبير عن رؤيتهم في قضايا التنمية، وأقر رحمة بأن الحرب عطلت التنمية، وفي الحوار ناقش كل القضايا بما فيها علاقة الترابي وإخوانه بالتنظيم الدولي، فإلى مضابط الحوار:

صرح الترابي قبل الخطاب بأن البشير سيطلق الحريات واستحسن الخطوة؟

– هذا ما نطلبه إذا لم يكن هنالك إطلاق للحريات العامة «مافيش فايدة»، لأن أي حوار دون حرية لن يكون حواراً، بل سيكون إملاءً، وإطلاق الحوار يتيح الاشتراك في الحوار بجدية بعيداً عن خطوط حمراء ويتيح الحرية للصحافة في تنوير الرأي العام بما يدور في جلسات الحوار دون قيد وبالتالي يكون الجمهور مشاركاً فيما يدور عبر القضايا والصحف المفتوحة، وبالنسبة لنا نحن فالحرية عقيدة ودين والله تعالى لم يكره على عبادته، فأي سلب للحرية سلب للعقيدة وتدخل في إرادة الله تعالى أضف إلى ذلك كون الحرية هي أساس العدالة وتقود إلى كشف الفساد دون خوف من أن يغطي عليه وبالتالي تمثل رادعاً لكل شخص يحاول أن يفسد ولذلك فإن الحرية إن لم تكن أساساً لأي نظام فهو نظام مشاكل وسينتهي من الداخل.

هل من الممكن أن يعود الشعبي والوطني إلى الحركة الإسلامية الأم؟
– لن يتوحد المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني بطريقة ثنائية أبداً هذا تاريخ لن يعود ولكن إذا أتيحت الحريات ستبرز قوى سياسية جديدة لا هي وطني ولا شعبي لكنها تحمل الأفكار من عدالة اجتماعية والديموقراطية والحرية العلاقات المتزنة عالمياً وإقليمياً يمكن أن ينبثق شيء جديد لكن الذين يحلمون بعودة الإخاء والوحدة بين الشعبي والوطني كما كانا في بداية التسعينيات هذا «حلم» عفا عليه الزمن ولن يعود مرة أخرى.

الإفراج عن صحيفة «رأى الشعب» يمكن أن نعتبره فاتحة خير وخطوة تأكيد لبسط الحريات الإعلامية؟

– في الأصل ما كان يجب أن تمنع من الصدور والآن جاءنا حديث شفهي أصدروه، بل أرفق بمنشور من السلطات يحمل «16» بنداً تحت عنوان الخطوط الحمراء وهي ممنوعات يجب التقيد بها، يعني أن تصدر الصحيفة عبارة عن منشور حكومي وبهذه الطريقة لن نصدر الصحيفة أبداً.

كلما تقدمتم خطوة للتقارب والعودة لتنظيم الإسلاميين الواحد تخرجون بتصريحاتتنفي بشدة ما وصفته بحلم الوحدة ما السبب؟.. لماذا ترفضون عودة الحركة الأم؟
– نحن مررنا بمراحل تاريخية، فالحركة الإسلامية في السودان بدأت في الخمسينيات باسم الإخوان المسلمين ثم تطورت إلى جبهة الميثاق الإسلامي بعد أكتوبر ثم الجبهة الإسلامية بعد أبريل ثم المؤتمر الوطني في التسعينيات وفي كل مرحلة يتوسع «الماعون» وتضم أعضاء ليسوا هم إخوان جامعة الخرطوم، والآن نحن في المؤتمر الشعبي رؤيتنا رؤية مفتوحة لن نرجع إلى الوراء.

الآن مفهومنا للشريعة الإسلامية ليس مفهوم شعارات ولذلك إذا نشأ حزب لن أكتب على ديباجته شعار الشريعة الإسلامية ولكن سأنزل مباديء الشريعة كما جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم للبشرية من العدل ولا أعني به العدالة القضائية، بل الاجتماعية والعلاقات الدولية ولذلك في تقديري أن الحزب الذي يأتي خلفاً للشعبي والوطني سيهتم بأمور «الناس» ولذلك العودة لشعبي وطني «أنسوها»، والقيادات التاريخية الموجودة الآن كفاءة ستتنحى وسيأتي الشباب وأهل السودان، ولذلك فأنا أتوقع إن حدث هذا يأتي «الناس» من مختلف الاتجاهات وذلك لن يحدث إلا بإطلاق الحريات، وبعد أن تأتي الحريات من شاء فليأتِ ومن لم يشأ لن يأتي.
كأنك تشير إلى أن الخلاف بينكم والمجموعة في السلطة جوهره بسط الحريات؟
– خلافنا الأساسي كان على الحريات وليس السلطة، وتذكري أننا عندما حل المجلس الوطني كان الخلاف على أنهم كانوا يرون أننا نطالب بما يسحب الصلاحيات من الرئيس، هم كانوا القبضة المركزية ونحن ضد التعيين، بل كنا مع الانتخابات لأي زعيم حتى لو كان «زعيم قبيلة»، اختلفنا معهم في الحكم الفدرالي الذي طالبنا به وهم كانوا يرون أنه سيأخذ من سلطاتهم، اختلفنا معهم في الالتزام بالمواثيق والعهود فعندما كنا نرى أنه يجب الالتزام باتفاق رياك مشار كان لهم رأي آخر ويمسكوا كل السلطات بيدهم، أضف إلى ذلك أنهم طلبوا منا الصمت في بعض القضايا التي تتعلق بالعلاقات الدولية مثل مصر وغيرها وهذا الأمر تسبب لاحقاً في ضياع بعض أراضي السودان مثل حلايب في شرق السودان وغيرها، واختلفنا معهم في هذه النقطة لأننا قلنا إن القضايا التي تتعلق بسيادة السودان «خط أحمر» وإن اضطررنا للجوء للمحاكم، إضافة إلى مطالبتنا بمحاربة الفساد على مستوى دون تفضيل لأي مجموعة داخل التنظيم أو الحزب أو أقارب «فلان»، ودون النظر أيضاً للقبيلة أو الجهة وهذه نقطة الخلاف التي قصمت ظهر البعير.

تتحدث عن فيدرالية وانتخابات وأنتم من أسس «للتمكين» والولاء الحزبي؟

– أبداً بالعكس سياسة التمكين هذه هي السبب في إخراجنا من السلطة والجماعة الذين تمكنوا أطلقوا تصريحات تؤكد ذلك مثل قولهم «لن نتركها لبغاث الطير» وذلك يعني لن نعمل حريات، بل إننا عقدنا مؤتمراً عندما كنا معهم وصرح أحدهم برفض الحريات «انتخابات»، وقال بالنص ما ح نعمل حريات لأننا لن نفوز.

من الذي أطلق هذا التصريح؟

– هو من الثمانية العظام الذين أزيحوا الآن «دون ذكر أسماء».

ما هو رد الشيخ الترابي باعتباره صاحب مقترح الانتخابات الحرة كما تقول؟

– د. الترابي قال له «انتو إذا قاعدين عشرة سنين ما قادرين تقنعوا الشعب السوداني إنه يجيبكم».

ألا ترى أن مطالبتكم بعد عشر سنوات بانتخابات ديموقراطية من أن تسلم السلطة بانقلاب جاءت متأخرة؟

– نحن ظللنا نطالب منذ السنة الثالثة لتسلم السلطة ولكن المجموعة التي تمكنت ظلت تبرر بالحرب والاستهداف إلى أن بلغ الخلاف داخلياً مداه، وبعد أن ضغطنا عليهم بأننا سنخرج بصعوبة أجازوا دستور 1998 وهو غير كامل متدرج وعندما جئنا لتكملة الإجراءات والدستور في 1999 حدث الانقلاب.
انقلاب؟!

– نعم هو انقلاب أغلقوا البرلمان وعطلوا الدستور وهي ذات المجموعة التي «ودت البلد في داهية»، والتي أوصلتنا إلى المحكمة الجنائية لم يستطيعوا أن يقرأوا الواقع لو كانوا يعيشون اللحظة وقد كان الناس يحذرونهم ويقولون لهم هذا الطريق سيقود للنهاية ولم يستمعوا للنصح.
هم موقعو مذكرة «العشرة»؟

– هم وآخرون.

الترابي قال إن البشير بإطلاق الحريات يكون قد استشعر الخطر المحدق بالبلاد؟

– أولى المخاطر هذه هي الحروب الدائرة في السودان بعد فقد الجنوب تفتيت البلاد والتي أثرت على الوضع الاقتصادي والتنمية، لأنه لا يمكن أن تكون هناك تنمية في ظل وجود صرف على الحرب والنزوح، الفقر أحدث تفككاً اجتماعياً، هنالك مخاطر خارجية وهي الهجمة على ما يسمى «بالإسلام السياسي»، وهذه تبدو واضحة في ما يحدث في مصر وسوريا، ومخاطر تتمثل في عدم الاستقرار في الإقليم مصر، ليبيا وأفريقيا الوسطى ولذلك لابد من عمل إستراتيجي يوحد الجبهة الداخلية لكي تستطيع مقاومة هذه المخاطر، إضافة إلى أنه يجب أن لا نغفل أطماع الدول الأخرى والتي كلما وجدت ثغرة ستنفذ منها، فكل هذه المخاطر لابد من مواجهتها بجبهة داخلية موحدة ولن تتوحد بالتراضي والتراضي يأتي بالحرية في التداول، وأن يشعر كل «الناس» أنهم أهل بلد «مش مسيرين كالعبيد».

إن أطلقت الحريات وشاركت القوى السياسية في الحكومة، فهل يعزل الشعبي نفسه ويقف بعيداً؟

– إن أطلقت الحريات وتم حوار وانبثقت منه خطة عمل لمرحلة انتقالية سنشارك في الحوار، وإن دعا الأمر أن نشارك في حكومة انتقالية قومية سنشارك ولن نعزل حزبنا.
لماذا فشل الإخوان في مصر بعد أن صعدوا للسلطة عبر انتخابات وأغلبية؟

– السبب الدولة العميقة في مصر وأيضاً لا أعفي الإخوان من المسؤولية في مصر، لأنهم لم يدركوا أنهم جاءوا إلى السلطة في مجتمع دولة مركزية قابضة ومجتمع صفوة، وهنالك ما يسمى بالمسكوت عنه في مصر وهو أن النخبة لا تقبل بفلاح رئيساً أو صعيدي رئيساً، وهناك نخبة مسيطرة على القضاء والشرطة والجيش والخارجية، فهذه الوظائف والمناصب تحتكر على هذه النخب وأبنائهم، إضافة إلى أن هذه النخبة تسيطر على رأس المال، رجال الأعمال والإعلام فأصبحت قوة اخطأ الإخوان في اختراق الدولة العميقة واستيعاب شباب الثورة، أخذوا ثقة التنظيم وأضاعوا التفاعل مع الشعب ولكن أيضاً هنالك عوامل خارجية في دول في المنطقة تخشى من الديموقراطية فهي معدية والثورات أيضاً عدوى لو لاحظنا في تونس «والحمد لله» نجحت النهضة، فراشد الغنوشي عندما اعترض البعض على كلمة بسم الله الرحمن الرحيم قال ما تكتبوها وهو ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية عندما رفضت كلمة شريعة إسلامية أمر بإلغائها، فالمطلوب هو إنزال مباديء الشريعة الإسلامية وليست كلمات وشعارات، نجحت الثورة في تونس وعبرت وفي مصر تقوقع الإخوان على التنظيم ولم يستوعبوا، وبالمناسبة نحن في زيارة لمصر في 2011 قدمنا لهم النصح وقلنا لهم لا ترشحوا رئيس جمهورية في الفترة الانتقالية وكونوا مع الناس، استوعبوا الناس، ولكن للأسف هذا لم يحدث.

قلت إن الديموقراطية معدية، ماذا تقصد، من هم الذين يخشون الديموقراطية الحقيقية؟

– أنا قلت إنها معدية، دول الإقليم تتخوف خاصة أن هناك نظماً شمولية ووراثية تخشى مثل هذه الثورات الشعبية.

ألم يكن لإسرائيل دور في المشهد المصري الحالي؟

– إ سرائيل عامل ولها ارتباطات خاصة دون تحفظ مع أمريكا والقوات المسلحة، وخطأ الإخوان هو بدأهم في تنمية سيناء وسيناء خطر أحمر ومنطقة عازلة بين مصر وإسرائيل ووجود سكان بالمنطقة هو ما تخشاه إسرائيل، لأن سكان سيناء سيكونون أشد عداءً لإسرائيل ولكن مرسي قام بتمويل تنمية سيناء بحوالي «100» ألف دولار، ولذلك تطابقت أخطاء من جانبهم ومساعدات خارجية والدولة العميقة كلها أدت إلى الإطاحة بالإخوان.

مصر لن تستقر إلا بإطلاق الحريات وذلك يبدو واضحاً من موقف شباب الثورة الذين هم الآن ضد النظام ولذلك دعوتي لعقلاء مصر بأن يفتحوا الحريات ويستوعبوا كل الطيف المصري ولا يعزلوا أحداً.

كيف يتم استيعاب «الإخوان» وهم الآن متهمون بالتطرف والعنف؟

– أبداً.. أبداً هم الآن التصقوا بالشعب من خلال منظمات كانت تؤدي أدواراً في مختلف دروب الحياة من تعليم وصحة وإعانة وإغاثية وقد أنفقوا أكثر من 8 ملايين جنيه مصري لخدمة هذه الشريحة المستضعفة وهذه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذا هو السبب الذي حصد لهم التأييد في الانتخابات، ولذلك فإن تنظيم بهذه الصفات لا يمكن أن يعزل والخطوة هي في الأنظمة الشمولية والعسكرية الأمنية القابضة، فهذه هي التي تفرغ الإرهاب ولو استمر النظام الحالي في ضرب الشباب حتى غير الإخوان واستمر في مسألة العنف هذه، فإن الرد سيكون بعنف أيضاً ولكن الإخوان كتنظيم تخلو عن العنف من زمن «سيد قطب».

ولكن التفجيرات الأخيرة في مصر يقال إنها من تدبير الإخوان؟
– أبداً هذه التفجيرات قامت بها جهة أخرى تسمى بجبهة النصرة ولها ارتباطات بالدولة العميقة وتقوم بذلك لتثبيت النظام الأمني الديكتاتوري.

أما آن الأوان لمقاومة العسكر في مصر بالقوة؟

– إطلاقاً.. مجابهة النظام بالقوة «الناعمة» أفضل من مقابلة قوة بقوة لمجابهة دولة سيعود عليهم بالخسران الشديد، والآن يكسبون تعاطفاً يوماً بعد يوم، فالشعب الآن متعاطف معهم ولا أنصح بتاتاً باستخدام القوة والعنف.
ما هو التنظيم الدولي الذي يقال إنه يصدر الأوامر للإخوان؟
– هو تنظيم تم إنشاؤه في الثمانينيات والإخوان المسلمون في السودان بقيادة د. الترابي كانوا ضد إنشائه ولذلك نحن لسنا أعضاء به حتى الآن.

ما هي أسباب رفضكم لهذا التنظيم؟
– نحن نرى أن كل دولة لها ظروف وشعب لديها طريقة حكم مختلفة ومجتمع مختلف وأنه من الصعب أن يصدر تنظيم واحد قرارات لكل الدول في آن واحد، ولذلك فقد كنا منبوذين ولا تربطنا أي علاقات حتى مع الإخوان في مصر.

ولكنكم أعلنتم موقفاً مسانداً لإخوان مصر مناهضاً لما حدث في رابعة العدوية؟

– نحن الآن موقفنا الذي نصدر عنه مبدئي، بمعنى أنه إذا كان الحاكمون في مصر الحزب الشيوعي أو الناصري وحدث عليه انقلاب، فسنقف معه ضد الانقلاب، لأن الدول لا تنمو إلا في ظل الحريات، هذا بالنسبة لنا موقف ديني ومباديء أتينا بها من القرآن الكريم ونحن ضد الانقلاب.
لماذا إذاً أيدتم في البداية استيلاء الجيش على السلطة ثم تحولتم الآن للمعارضة؟
– جئنا بانقلاب لأن الظروف الموجودة الجيش كان حالة انهيار وكان هناك أكثر من حزب ينوي القيام بانقلاب حتى الحزب الذي كان داخل الحكومة كان ينوي ويخطط للانقلاب والتمرد على مشارف فشودة في ذلك الوقت، الظروف اقتضت تحركاً يحفظ البلاد من التشتت وكان المفترض أنه بعد ثلاث سنوات تأتي ديموقراطية ولكن تمكن آخرون وذاقوا حلاوة الحكم التي يقال إنها أحلى من حلاوة «الزواج»، وتمكنوا ولم يقبلوا بمشاركة الآخرين، وهذا ما أدى لانقسام الحركة الإسلامية لشعبي ووطني، والآن عاد من راهن على الديكتاتورية إنه لا سبيل إلا الحريات لذلك الآن تأتي دعوة لحوار وإصلاح سياسي اقتصادي ومشاركة كان من الممكن أن توفر على أنفسنا حوالي عشرين عاماً ولكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً.

صحيفة آخر لحظة
حوار: فاطمة أحمدون
ت.إ[/JUSTIFY]