رأي ومقالات

العمدة/ الحاج علي صالح : وجلدت الفنانين جلداً


[JUSTIFY]سيداتي.. سادتي
سمعت باسمي في الإذاعة قد تمَّ تعييني وزيراً وانطلق الناس لمنزلي بالتهاني الحارة وهكذا تجهزت وسافرت للخرطوم وفي الثاني توجهت للقصر الجمهوري لأداء القسم ثم إلى منزل أقربائي بالعشوائي واستقبلوني بالأحضان والتهاني بالمنصب الوزاري وفي الساعة التاسعة بالمواصلات لوزارة الثقافة والإعلام، ولما جئت لاستقبال الوزارة سألني الحراس عايز منو يا حاج وعندك بطاقة جاء السيد وكيل الوزارة وحياني مرحباً بالسيد الوزير قائلاً: منذ سمعنا بأدائك القسم ظللنا نبحث عن مقرَّك وأرسلنا العربة لتقلك للوزارة وهنا وقف حراس الاستقبال قائلين سعادة الوزير نأسف ما كنا نعلم إنك الوزير وأدخلني للمكتب الفاخر الملوَّن، وحضر الموظفون لاستقبالي وأحضروا في الحال صيوان وميكرفون ووقف الخطباء يتحدثون عني قائلين سعادة الدكتور وما كنت أعرف إني دكتور، وقالوا عني شعراً ونثراً وهكذا جلس عن يميني مدير الإذاعة والتلفزيون وأعطيته أن يجمع كل الفنانين والفنانات بكرة بحوش الإذاعة.. وفي الصباح توجهت للإذاعة ووجدت جمعاً حافلاً من الفنانين وهتفوا تحياتي عاش الوزير… إلخ. وجلست وطلبت من مقدم البرنامج أن يقدم الفنانين واحداً واحداً لنسمع ونحكم وصعد فنان أظنه أعمش ورفع عدة الغناء بعضها براميل وطبول كبيرة وبدأ بصوت (كصوت….) وطلبت أن ينزل ويقف وجاء فنان آخر بصوت ليِّن وبهذه الصورة جاء فنان آخر وتغنى في قوة (يا قائد الأسطول تخضع لك الفرسان يا ذو العرض والطول = والأسد الفي القيد غير طرفك ما ليه قاتل وطلبت من الفنان أن يجلس على يميني وصفقنا له وطلبت من مدير الإذاعة أن يحضر لنا سوط عنج لجلد الغناء الهابط وأحضروا السوط وبديت أجلد عشرة عشرة.. وهكذا لما استمر الجلد طلبت من مدير الإذاعة أن يتولى الجلد نيابة عني لأن المطلوب جلدهم، من هؤلاء الفنانين كثيرون، وأعطيته السوط وجاء فنان وتغنى أنا أم درمان سلوا النيلين عني وآخر تغنى سوداني أنا، وأمرتهم بالجلوس لتكريمهم، وجاءت فنانة وغنت: يجو عايدين الفرقة المهندسين إن شاء اللَّه عايدين وجاء فنان آخر وتغنى (قدلة يا مولاي حافي حالف بالطريق الشاقوا الترام) وهؤلاء أمرتهم بالجلوس للتكريم ثم جاء دور الفنانات الهايفات واستمعت لهن محتسباً وأمرت دخولهن لمكتب الإذاعة وأن تقوم فراشة الإذاعة بجلدهن جميعاً ـ وهكذا يبقى بعض الفنانين وأمرت بحضورهم باكراً في الساعة التاسعة وخرجت للمنزل ووجدت مظاهرة تهتف عاش الوزير الفنان وقدمت لهم التحية شاكراً ومقدراً ثم وجدت مظاهرة أخرى تهتف يسقط الوزير الرجعي وذهبت للمنزل بأمل الحضور باكراً ولما أصبح الصباح وجدت نفسي حلمان لا كنت وزير ولا جلدت الفنانين ولكن حتى لو كنت وزيراً دون حلم لجلدت هؤلاء الفنانين أصحاب الغناء الساقط، وأذكر أنه قابلني الموسيقار علي ميرغني بمدينة جدَّة وقال إنه اطلع على هذه الاستراحة وكان هذا أعظم نقد هادف يطالعه عن هؤلاء الفنانين، هكذا سيداتي سادتي لو أراد اللَّه وتحقق الحلم وكنت وزيراً سوف أجلدهم جلداً وأطردهم طرداً وأمنعهم من الغناء. وأشكركم لحسن القراءة والاستماع وتقبلوا تحياتي وشكراً.

صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]