رأي ومقالات

عبدالباقي الظافر: الوجه القبيح في حكاية الراعي..!!

قبل عقدين من الزمان وكنا (وقتها ) طلابا في جامعة الخرطوم قررنا القيام برحلة جماعية الى الاراضي المقدسة لأداء فريضة العمرة وقضاء بعض المنافع ..في ذات مساء رمضاني إدينا صلاة المغرب في الحرم النبوي في المدينة المنورة..ونصبنا مائدة فيها ما لذ وطاب من الطعام .. فجأة افتقدنا امين الطالب في كلية الهندسة..بعد وقت طويل جاءنا امين وعيناه تفيض من الدمع .. ظننا ان مكروها أصاب رفيق الرحلة او ان احدهم استفزه بفعل او صريح قول .. بعد (مجابدة) وترقب علمنا ان الدموع هطلت مدرارا لان صبيا سعوديا لم يبلغ الحلم اختار الأمين من جموع الناس ليتناول الإفطار مع أسرته ..احدنا وقد سقط اسمه من الذاكرة قدم تبريرا منطقيا لكرم الصبي السعودي وقال انه لم يجد بين جموع المصلين شخصا يستحق الشفقة غير الزميل امين الذي كان (كملان )*من لحم الدنيا .

تذكرت تلك الحادثة وانا أشاهد غير مرة مقطع فيديو الراعي السوداني الذي اكتسب شعبية كبيرة في عالم الاسافير وانتقل لاحقا الى الاعلام المقروء والمشاهد ..عزيزي القاريء كن معي عبر هذه المشاهد.. ثري سعودي ومعه صديق يركب عربة فارهة في جوف الصحراء السعودية ..الثري ينظر الى عامل سوداني يهتم برعاية أغنام ..السعودي يطلب في استخفاف من الراعي ان يمنحه احدى النعاج بدون مقابل ..الراعي السوداني يرفض العرض جملة وتفصيلا .. المزاودة والاغراء يصلان لمئتي ريال .. حوار *يمضي في سلاسة بينما سعودي اخر يحمل هاتف نقال يصور المشاهد.. اغلب الظن ان صاحب العربة افترض سذاجة في السوداني وربما ظن ان الراعي البسيط لم يشاهد هاتف مزود بكاميرا..الثري لم يعرض غير مئتي ريال ثمنا لاختبار مصداقية الشاب.. بالطبع حتى اذا كان ذاك الشاب نصاب لما باع احدى النعاج لرجل هيئته وهندامه وعربته الفارهة *ولحيته الكثة لا تدل ان يكون جزءا من عملية سرقة نعجة.

مشهد مغاير وفي تمام البطولة لم ينال هذا الاهتمام.. سوداني كان يعمل في شركة في السعودية .. الشركة خصصت مسكن لهذا الموظف..من قبل سكن في ذات المكان مواطن سوري توفاه الله وجاءت زوجته لتبحث عن ما تركه من أموال .. جمعت الزوجة المكلومة ما جمعت ثم عادت لبلاد الشام..مواطننا السوداني وبعد أقام طويلة وجدا كنزا من الذهب والفضة مخبأ بعناية في (برميل ) بلاستيك ..السوداني النبيل لم يفعل غير ان اتصل بالشرطة ومديره في العمل.. بعثة مشتركة وجدت قيمة الكنز تقارب نصف مليون ريال.. المواطن السوداني لم يحظى بشيء غير مكافئة مالية ولقطة مصورة مع رئيس قسم الشرطة في تلك المدينة.

السؤال لماذا اهتم الاعلام بفيديو الراعي البسيط.. اهتمام بلغ ان يهاتف والى الجزيرة الراعي.. وترسل صحيفة تبوك السعودية صحفي الى عمق الصحراء ليجري حوارا مع الرجل النبيل.. مؤسسة الحصيني السعودية منحت الراعي الأمين مبلغ عشرين الف ريال كهدية تقديرا لامانته.. بل ان قناة الشروق السودانية ركبت الموجة والتقت براع *و تبين لاحقا انه راع مزيف استغل ملامح الشبه بينه وذاك الراعي.. الراعي المزيف حاول إحراز هدف حينما رفض المكافأة السعودية *من باب التعفف.

الاهتمام سببه ان السعودي كاتب السيناريو اذا جاز التعبير استغل الحادث العادي وبث فيه روحا جعلته مدهشا.. السينارست ربط بين مشهد الراعي السوداني وبعض من قصص السيرة النبوية.. كما ان اللغة البسيطة والمعبرة والتي احتاجت لترجمان جعلت الفيديو مثيرا..سبب الانتشار ان الحادثة وقعت للسودانيين في (جرح ).. صورة السوداني في الخليج أصابها تشوهه حقيقي.. الصورة الذهنية بدات تعرض السوداني في شكل الساحر الذي يمارس الدجل.. او الكسول الذي يطلب إجازة حتى وان كان عمله من داخل غرفة نومه.. لهذا احتفت جموع السودانيين بهذا المشهد الطيب.*
بصراحة ما قام به الراعي الحقيقي مسالة متوقعة من اي سوداني مؤتمن على أمانة .. وبصراحة مؤلمة ما قام به الراعي المزيف هدم كل (الصيت) واكلت السيئة الحسنة..تخيلوا ان مواطن ينتحل صفة الاخر وبقوة عين يعتذر عن استلام الجائزة..بالطبع الراعي المزيف كان يدرك انه لن يحصل على تلك المكافأة بعد (الفيش والتشبيه).

الدراما السابقة محتاجة لوقفة مع النفس السودانية ..كيف كنا ولماذا اصبحت امانتنا تختبر بنعجة سعرها مئتي ريال.
عبدالباقي الظافر
*الأهرام اليوم*

‫10 تعليقات

  1. [SIZE=3]هسي المعلقين يجو يشكرو الكاتب ويشيدو بيه
    معنو قال نفس الكلام القلتو انا قبل كده
    بس الناس عندها حساسيه معاي[/SIZE]

  2. الحتة بتاعت السودانيين فى الخليج وقعت ليهم حادثة الراعى فى جرح صحيحة ميه ميه لانو فعلا غير بيصلنا منهم نكات عن كسلنا وهضربة كده ماعارف جايبنها من وين ماعارف وأن كان بعضهم الله يهديهم عززوا من الفكرة دى وتم أستغلالها!!!

  3. لا اتفق معك ايها الكاتب الحصل مع الاعي هذه رسالة للامة التي اصبحت في غفلة وضيعت الامانة ربنا ارد بهذا الراعي البسيط ان يوجه رسالة وكما حدث في زمن سابق والتاريخ يعيد نفسة لم يعجبني مقالك وهذه وجه نظر فردية ومعزرة

  4. بالمناسبه انت يا الظافر مافاهم حاجه … بالعكس الراعي الآخر هو الزي أثبت أمانه السودانين برف ضه استلام المبلغ .. واكد انه لا يتزكر هزا الموقف..وانا متاكد لو الزول دا ما أمين كان اكتسب فرصة الشبه ووافق علي استلام الجائزه
    .
    اتقي الله يا هزا
    .
    ولا تظلم هزا الراعي المسكين
    .
    وأبحث عن موضوع غيره أشهر به نفسك

  5. ياسيد تحليلك الدرامي للموقف العفوي افقده حلاوته الايمانية العفوية الصادقة وجعلنا نتغزز مما تلمح اليه من كون ان الراعي يمكن ان يكون ممثلا بارعا بكشفة للحبكة والتحايل عليها وحديثك عن نظرة الخليجين لنا اصابنا بالسكتة وفلسفتك الغير منطقية اصابتنا بالاحباط بعد ان اجهشت عيوننا موقف الراعي وهو يشير بيده الي السماء ويقول بمليء فيهه الله . انت كالطبيب الذي احضر جثة ليعلم عليها الطلاب وصار يقطع اوصالها دون رأفة بالنسانية او كمن احضر حليبا فاخرج منه القشطة ورمي بها في الارض وشرب الحليب الشيء الوحيد المعقول في ما كتبت هو العنوان لانك فعلا نظرت الي الجزء الفارغ في الكوب . يروي ان نبي عيسي عليه السلام كان يسير مع احد حواريوه فمراء بجثة لحيوان ميت فقال الرجل ماانتن رائحتها وعندما نظر اليها عيسي عليه السلام قال والله مااجمل بياض اسنانها.. ارجو ان لايكون التعمق في التحليل سبب لافساد السعادة وحتي الضرامة تكون اجمل وامتع اذا لم يعرف المشاهد كيف حبكت وتكون امتع عندما يكون التحليل شخصي والاثارة لحظية كما يقال يغني المغني وكل حد علي هواه .. فعلا انت قلت نفس ماقاله الحلو بس بشكل مختلف . اما سبب دهشة السعوديين وانتشار المقطع فقط لما صرنا فيه من ندرة الامانة ولاعلاقة له بالجنس او المظهر او الشكل كما تلمح انت

  6. مقال غير موفق ي عبدالظاهر وتحليل غريب
    انا عايش في المملكة اكثر من عشرة سنين والله الشعب السعودي فيهو الصالح والطالح زي الشعب السوداني بس الاحترام للشخصية السودانية دي مافيها كلام وقصة كسل وماعارف شنو مجرد تريقه ما اكتر من كدا والسوداني مكانتو محفوظه في سوق العمل ومطلوب وبالزات حاليا الجيل الجديد من السودانيين (ماليين مركزهم)ماشاء الله عليهم قوة شخصية وامانة بصراحة رافعيين راسنا

    الاخ كامل علقم ما قصر مافي داعي نعيد نفس الكلام يديك العافية اخوي كامل كفييت ووفيت

  7. اولا يا عبدالباقى (الما) ظافر بخصوص امانة السودانيين وانها اهتزت فى الدول العربية وبالرغم من بعض الهنات هنا وهناك من ضعاف النفوس السودانيين ولكن السودانيين فى المرتبة الاولى بين كل الجنسيات على الاطلاق من حيث الامانة ونتعامل بكل احترام وتقدير من المواطنيين السعوديين وعلى كل المستويات سواءا راعى او محاسب او طبيب او مهندس او غيرة.. فهذه صدفة محضة و حاجة مشرقة تشرفنا جميعا فلماذا تفترض الوجة القبيح بان السعودى افترض سزاجة السودانى مع انو تم لقاء مع السعودى صاحب التصوير وهو امام مسجد وتكلم بكل احترام وفخر عن السودانى ….لذلك لن نتقدم وكتابنا بهذا الفهم المتواضع لتحليل الاحداث

  8. يا عبدالباقي إتق الله ، من قال لك أن الراعي الثاني إدعى أنه المعني ثم رفض الجائزة فقط ليسجل هدفاً؟ يا أخي (راعي الضان في الخلا) عارف إنو الراجل تم الإتصال به و قيل له لديك جائزة مالية نظير أمانتك و حٌكيت له القصة فقال بمنتهى الوضوح أنه قد عاد من السعودية في 2006م (في إشارة إلى أنه لن يكون المعني لأن كل القرائن تشير إلى أن المقطع جديد) ثم ذكر أنه لا يذكر موقفاً كهذا و خلص بعد ذلك إلى أنه لن يستلم جائزة لا يستحقها.
    أنت تسمي ذلك الوجه القبيح في القصة و نحن نسميه (بخس الناس أشياءهم). ثم ثانياً أسألك سؤال : يعني الوجه القبيح في القصص القبيحة في البلد دي شوية عشان تخليهو و تمشي تجتهد و تنقب عن القبح المُدعى في القصص الجميلة؟ يا أخي حرام عليك.

  9. لقد غطى الأعلام بكل نوعياته قصة هذا الراعى البسيط ..وكأنها حالة شاذة من إنسان سودانى أتى من بيئة نظيفة لم ينل حظا من تعليم (اللهم وقد يكون إلا من قصار سور من القرآن الكريم فى إحدى الخلاوى التي يزخر ويفخر بها وطننا الحبيب ..)..مخافة الله عز وجل وقول الصدق وحفظ الأمانة تلك هى السمات التى جبل عليها أهلنا (خاصة أهل الريف )..هذا هو الراعى بالمعنى اللفظى والمعنوى لكلمة (راعى) ..ولكن بالله عليكم أن تسألوا (الرعاة )الآخرين ( ولاة أمر هذه الأمة) هل راعوا امانة هذا الشعب ؟ هل أطعموه مما يزرع وألبسوه مما يصنع كما جاء فى شعاراتهم الزائفة ..أتحدى أي مسئول (وزيرا كان أو منتسبا لهذه السلطة الفاسدة )أن يقدم لنا كشف حساب : كيف كان وأين كان يسكن وكم كان يملك من أرصدة وعقار ..وكم كان له من الزوجات ..وكيف حاله الآن بعد أن إمتطى على ظهر السلطة ..وكم نهب وكم سلب وكم هرب من أموال هذا البلد المنكوب …تلك هى الأمانة الغائبة إلى الأبد ولكن حسابها سيكون عسيرا فى الدنيا والآخرة ..تلك هى الأمانة الضائعة ولكن حسابها عند عزيز مقتدر فى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون …