سياسية

تغيير اجتماعي ومسار جديد للعمل الوطني بلا حاجة لحمل البندقية.. من يراهن؟


[JUSTIFY]السودان الذي يبلغ عدد سكانه (32) مليون نسمة، مليئ بالأشخاص الذين يريدون استقراره السياسي وتقدمه الاقتصادي. ضمن هذا العدد المليوني برزت للسطح نخبة مثقفة قوامها أساتذة في الجامعات، دشنت بياناً تأسيسياً أمسية السبت، لكيان سياسي أشبه بنادي النخبة، تحت مسمى “الحركة الوطنية للتغيير- حوت” وهي حركة تسعى، حسب بيانها، إلى “التوقف عند جذور المشكل السوداني”، ثم “التنبيه إلى أفق سياسي جديد، ومنهج بديل في الأداء السياسي”. وتجِّدُ الحركة في الإشارة إلى حتمية ترقية وتطوير علاقات السودان بجواره العربي والأفريقي، والعمل على فض الاشتباك السياسي القديم مع الغرب، باتخاذ سياسة عملية تقوم على إبداء حسن النوايا والرغبة في التواصل والحوار والتعاون البناء من أجل مصالح الطرفين”. وتفترض الحركة، ابتداء، أن نظام الإنقاذ فقد صلاحيته، وأن القوى السياسية المتحالفة معه ما عادت جاذبة.

تستدعي مفردة “التغيير” في المخيلة الشعبية السياسية مرادف “قلب نظام الحكم” على طريقة الثورات العربية، لكن إياك أن تذهب إلى هذا المعنى مباشرة، لأن “حوت” النخبة سيبتلع هذا التعريف الذي يراه محدودا، ويحفر عميقا ليصل إلى أن مشكلات السودان السياسية “لم تبدأ بنظام الإنقاذ، ولن تنتهي تماما بزواله”، وتشير الحركة في هذا الصدد إلى ما تسميه “عجز واضح، للمؤسسات والأحزاب، عن تقديم بديل سياسي له المقدرة في طرح رؤى جريئة لإعادة بناء الوطن”.

لذلك تُعرِّف الحركة الوطنية للتغيير نفسها بأنها “جماعة فكرية وحركة سياسية سودانية تؤمن بحرية الضمير والتعبير والمساواة، وأن تلاحم المجموعات السكانية يعد مصدر قوة، وأن الحكومة لا تنشأ ولا تكتسب المشروعية إلا من خلال عقد طوعي حر”. وتدعو الحركة لـ”التضامن بين جميع أبناء الوطن من أجل إصلاحه”، ووسيلتها إلى ذلك “التحالفات السياسية العريضة مع الأحزاب والقوى الاجتماعية…” وهي تدرك أن “التحول نحو نظام ديموقراطي مستقر لا يتم دفعة واحدة، ولمجرد حسن النوايا، وإنما يمر عبر ثلاث مراحل من الفعل السياسي الدؤوب”، عددتها في “الانفتاح والاختراق وإعادة تركيز للقوى”. يقول الدكتور الطيب زين العابدين، وهو عضو في الحركة الوطنية للتغيير، إنها ليست حزباً سياسيا يسعى إلى السلطة، بقدر ما أنها معنية بإنتاج الأفكار حول من يحكم السودان.

الحركة التي تبدو أشبه بالنادي السياسي الفكري، قدمت نقدا للواقع الاجتماعي السوداني، وخصوصا في المدن، وقالت إن مفاتيحه تتحكم فيها شبكات من الفئات المترابطة اجتماعيا واقتصاديا، فتمكنوا من السلطة والثروة معاً، وأصبحت تقصي القادمين من الريف، ثم صارت لهذه الشبكات امتدادات نافذة في كل الأحزاب، والقوات النظامية والأندية الرياضية.

وربما كان تحليلها سليما إلى حد كبير في نظر المراقبين، لكن رغم ذلك، فإن الحركة تبدو في أحسن حالاتها “كيانا يخص نخبة الخرطوم”، ولا تستطيع التحرك خارج المركز للتبشير بمشروعها للتغيير..

ويقول الدكتور خالد التجاني وهو عضو مؤسس في الحركة في حديثه لـ(اليوم التالي): “لم نتحرك ناحية الأقاليم حتى الآن، وسيقتصر عملنا على المواقع الإلكترونية إلى أن يتوسع نشاط الحركة إلى الفضاء الواقعي العام”.

لكن البيان التأسيسي للحركة، لتلافي هذا الأمر، يذكر من يصفهم بالمستنيرين والعقلاء من أبناء “المركز” بأن يغيروا ما بأنفسهم، وأن يقدموا مصلحة الوطن، وأن يتغلبوا على الحرص والخوف والطمع، ويمدوا النظر لما هو أبعد، وأن ينأوا بأنفسهم عن “الترسبات التاريخية الضارة” التي تعيق الحراك الوطني، وأن يتقاربوا مع الجيل المستنير العاقل من أبناء الهامش المستضعف. ونتيجة ذلك بحسب البيان أنه “قد يلوح في الأفق مسار جديد للعمل الوطني”.

ويشير البيان إلى أنه إذا تزامن فعل المستنيرين والعقلاء مع إدراك من حركات المعارضة المسلحة أن عمقها الاجتماعي يوجد في المدن وليس في الغابات أو الجبال، وأن قوتها الأساسية تكمن في تضامنها مع قوى التغيير في داخل المراكز الحضرية وليس في تحطيمها؛ فإن التغيير الاجتماعي الشامل قد يتحقق دون حاجة لحمل البندقية.

الوجوه التي دشنت البيان التأسيسي تغلب عليها الصبغة الإسلامية، مثل د. عبد الوهاب الأفندي ود. محمد محجوب هارون ود. حسن مكي ود. الجزولي دفع الله، لكن الحركة ليست إسلامية ولا تخص المسلمين على حد تعبير زين العابدين، إنما تضم تيارات أخرى مثل القيادي البعثي، المفكر، عبد العزيز حسين الصاوي، صاحب كتاب “الديموقراطية المستحيلة”، والمحاضر بكلية النيل للاهوت إسماعيل الكناني، وشخصيات أكاديمية أخرى. ويقول زين العابدين إن الحركة غير معنية بتبديد الإسلامفوبيا “الرهاب ممن هو إسلاموي”.

حتى الآن، تبدو الحركة الوطنية للتغيير كمن يحمل جبل مرة بلا وقاية في الرأس، إذ ليست لها كروت أو قوة لتمارس بهما الضغط لصالح مشروعها للتغيير، ورغم تعللها بأنها لا تسعى للسلطة إلا أنه يتعين على د. خالد التجاني والطيب زين العابدين أن يتذكرا أن السلطة في شرح من شروحاتها تعني مقدرتك على جعل الناس يفعلون ما تتمناه، أو مقدرتك على التحكم في البيئة التي حولك، ثم توجيهها لأمانيك. فأي المقدرتين تتوفر للحوت؟

صحيفة اليوم التالي[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. انا على يقين بان اى مجموعه او حزب او حركه سياسيه قوميه تطرح فكرة تبنى قيادة السودان فى هذه الفتره بالزات ستلاقى نجاح منقطع النظير سوا كانت موهله او غير موهله لاننا ملينا هذا النظام ولم نعد نرجا خيرا من الاحزاب المعروفه اما الحركات المسلحه فهى خارج الحلبه الا اذا جات فاتحه اما عن طريق صناديق الاختراع لا لا الف لا وعليه فان الحركة الوطنيه للتغير هى افضل كيان ممكن يتول امر البلاد فى هذه الظروف ان هم امنو بالفكره وسعو لتنزيلها لارض الواقع ولا اظن ان ينافس الموتمر الوطنى او يفوز فى الانتخابات القادمه الا اذا ترشح وحيدا وانسحبت باقى الاحزاب كما حدث فى 2010 سوف تكونون انتم امل السودان الوحيد اذا بقيتو قدر المسئوليه وبالله التوفيق