رأي ومقالات

راشد عبد الرحيم : الأمة حياء من المشاركة واليسار معارضة بلا تبعات


[JUSTIFY]ثمة عقبة أساسية وجوهرية تنتهي إليها جولات الحوار والتفاوض السياسي بغية تحقيق الإجماع الوطني حول مستقبل الحياة السياسية في السودان.

من الواضح أن طائفة من الأحزاب المعارضة وتحديداً الأحزاب اليسارية وعلى رأسها الحزب الشيوعي السودان لا ترغب في تحاور يفضي إلى إنتقال الفضاء السياسي إلى مرحلة جديدة يبقي فيها المؤتمر الوطني نشأ في الساحة السياسية.
أحزاب اليسار وهي على أعتاب مفارقة الحلفاء من أهل اليمين ((الأمة والشعبي)) تضع موقفاً وشرطاً لا يمكن القبول به وهو ان تنتج منظومة جديدة في المرحلة القادمة تؤدي إلى خروج المؤتمر الوطني من الحكم بشكل كلي وتكوين جسم جديد من خلال مؤتمر للحوار الوطني أو عبر تكوين حكومة إنتقالية.

وتكوين الحكومة الإنتقالية ستكون أولي معانيه أن التي سبقت قبرت وأن الوضع الجديد فيه جدة كاملة.
وليس من منطق السياسة ولا من الحكم والفهم العام ان تطلب من المسلك بالقوة أن يتنازل عنها طوعاً وبلا مسوغات منطقية لاسيما وأن المعارضة القائمة خاصة اذا خصم منها المؤتمر الشعبي والأمة وفي الأصل الاتحادي ((وعظمه)) في الحكم فإن البقية لا تهدد بقاء وكيان الدولة ولا تؤثر على يد الوطني الممسكة بالحكم.

هذه عقبة مهمة تتكسر أمامها نصال التوافق الوطني على حوار يراد له أن ينتهي إلى مشاركة واسعة من قبل غالب القوى السياسية.
يقف ويصنع هذه العقبة الحزب الشيوعي ويحاور ويجادل حتى لا يتحمل إتهام بانه السبب في إفشال التفاوض والحوار ولكنه في الحقيقة لا يتقدم أدني خطوات تجاه التفاهم ناهيك عن إبداء رغبة في الحوار الوطني.
أما حزب الأمة القومي فكأنما هو لا يزال يرواح في ذات الموقع رغبة واضحة في المشاركة وحياء وخجل منها يجعل أرجله متفرقة بين معارضة باتت تتململ من مواقفه وحزب حاكم لا يجد ما يمسك به من مواقف حزب الأمة.
هذه عقبات لا يحلها مزيد حوار ولا نقاش مهما كانت درجات الخطو نحوها من قبل الحكومة أو المؤتمر الوطني رغم أن الوطني يريد أن يسمي إدارة للحوار ويشكلها بعيداً عنه، أي تنشأ آلية من قبل الأحزاب تعمل بمثابة السكرتارية التي تنظم الحوار وأجندته وتحدد مساراته وتزول عنها صفة السيطرة من قبل الوطني.

هذا الحوار يحتاج إلى أن يعمل الوطني الروح التي بدت منه في إتخاذ خطوات قوية نحو الإفراج السياسي بمخاطبة القوى المجتمعية والأحزاب التي توافقه على المسار المقترح وهو مسار تري المعارضة أنه سيقيم تحالفاً جديداً يجعلها في موقف ويحول الشعبي والأمة إلى موقع جديد.
إذا خاطب الوطني القضايا الأساسية التي تقوم عليها أسس العمل السياسي المنفتح والتبادل السلمي الديمقراطي للحكم فإن هذه الأحزاب والقوى السياسية ستجد أنها محكومة بحبال واقع لا تستطيع أن تتجاوزه.
إلى اليوم، يتحدث الوطني عن حوار وافق مفتوح وينتظر الأحزاب لتتفق معه حول هذا بيد أن الخشية أن تكون النتيجة فرزاً جديداً وليس أفقاً جديداً.

الأفق الجديد انفتاح سياسي يسمح بممارسة سياسية للنشاط الحزبي دون تعقيدات وليس في دورها فقط ولكن مع الضوابط التي تحفظ النظام العام وليس نظام الحكم، ومن المهم التوصل إلى صيغة تخرج الأداء الصحفي إلى أفق جديدة تختفي معه الإجراءات التي تضطر معها الحكومة إلى التشدد في بعض الحالات.

الخروج إلى الأفق السياسي يؤثر فيها الأمن العام للدولة والبلاد بأكثر منه حراك الأحزاب السياسية في الخرطوم.
إن خطوات نحو حل الأزمة في دارفور وجبال النوبة ستكون ذات نتائج أكبر.
وهذه الخطوات ليس لازماً أن تقع مع القوى التي تحمل السلاح ولكن يمكن تحقيقها بمخاطبة القضايا التي يطالب بها أهل المنطقتين وأهل دارفور.
اذا طبقت الحكومة من طرفها مطلوبات المشورة الشعبية في المنطقتين وأشركت من يعبر عن مفاهيم ومواقف القوى حاملة السلاح فإن نقلة كبيرة يمكن أن تتحقق.
خاصة إذا جرى تغيير لنمط الحكم الولائي أمكن من خلاله أن تتحقق مشاركة أوسع في الحكم للقوى خارج الحكومة والمؤتمر الوطني.
إن دارفور تعيش الأوضاع الأقرب لنهاية العنف والقتال والصوت العالي اليوم هناك هو من القوى الحكومية والموالية وهو في المقام الأول من قوى قبلية متنازعة في مواقع عدة.
هذه النقاط حلولها لا تتم فقط عبر تفاهم مع القوى حاملة السلاح بل مع أهل دارفور بتعيين ولاة وحكومات جديدة بمشاركة أوسع ووضع أسس تحل بها قضية الحواكير وإنهاء أوضاع المعسكرات بتحويلها إلى قرى ومدن وأحياء متطورة تنعم بخدمات واسعة ومباشرة من الحكومة.
معظم القوى التي إلتقاها الرئيس البشير خلال الفترة الأخيرة والتي تجاوزت الخمسين حزباً وقوة هي في غالبها من القوى التي تستعصم بموقف تحتاج إلى أزمنة متطاولة ربما لا تساعد أحوال السودان والمنطقة في التبرع بها وإنتظارها، ولكن لن يكون فيها من جديد،الجديد يمكن في فرز اليسار ليشكل معارضة ومشاركة للشعبي والأمة والقوى المعارضة في جبال النوبة ودارفور وخطوات سياسية وتنفيذية تغير من هيكلة الحكم والولايات وتسمح بان يكون أهل دارفور من يسمي حكامه ويحدد قضاياه ويضع لبنات حلها وأن توضع أسس العلاقات الحاكمة بين القبيلة والأرض والولاية والمركز.

صحيفة الرأي العام
ع.ش[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. اليسار ما زال متخندقا في محطة معاداة الإسلاميين ويبدو أن (غبينته) معهم أكبر من أن تجعله، البسار، يفكر بعقلانية فلذلك لا يرى سبيلا للحل إلا بإختفاء الاسلاميين من الحياة وللأبد وهذا أمر صعب المنال لظروف عقلانية ومنطقية تتعلق ليس بقوة الإسلاميين فقط وإنما بطبيعية الأشياء في المجتمعات التي في مرحلة تحول. والبسار يخشى من العملية الديمقراطية لأنه يدرك أن لا يستطيع أن يأتي للحكم عن طريق صندوق الانتخاب فلذلك هو يريد أولا القضاء على الاسلاميين بأي سبيل كان والاسلاميون يدركون ذلك وهم الآن الطرف الذي في يده القلم وبالطبع لن يكتب نفسه شقي. والضائع الحقيقي هو هذا الشعب.