رأي ومقالات

الطيب مصطفى : إلى أين نحن مساقون ؟!

[JUSTIFY]من مظاهر الردة الثقافية والحضارية التي تجتاح السودان الآن أن يتردَّى الناس ويحتشدوا خلف ابن القبيلة يناصروه ويشنوا الحرب من أجله سواء كان ظالمًا أو مظلومًا .

أقول ذلك بين يدي المؤتمر الصحفي الذي أقامته منظمة تسمى بشبكة المنظمات النوبية للدفاع عن د. سلاف الدين صالح الذي نشرت (الصيحة) بعضَ الوثائق حول أدائه عندما كان يُدير مفوضية نزع السلاح.

العجيب في الأمر أنَّ المنظمة المذكورة نسبت نشر الوثائق في (الصيحة) لخلاف زعمت أنه حاصل بيني وبين د. سلاف وأرجعت ذلك إلى مقال نشرتُه قبل سنوات انتقدتُ فيه الرجل لتعامله مع بعض قادة التمرد في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وهذا أمرٌ غريب بحق فوالله الذي لا إله إلا هو لم أعلم بالمادة التي أُعدَّت حول المفوضيَّة إلا بعد أن جُهِّزت تمامًا للنشر ولم أطَّلع عليها بالكامل حتى هذه اللحظة، وللأسف فإن البعضَ يظنُّ أنَّه ما من شاردة ولا واردة أو كلمة تُنشر في (الصيحة) إلا بتوجيه مني أو بعد اطِّلاعي عليها!!

ليت مناصري سلاف الدين يعلمون أنَّ علاقتي بالرجل لا تشوبها شائبة وأنني حتى هذه اللحظة لا أظن في الرجل إلا خيرًا ولا أتهمه بأنه اعتدى على مال عام، بالرغم من أن اللجنة التي شُكِّلت للنظر في أمر المخالفات قضت بأن هناك فسادًا ماليًا وإداريًا ارتُكب من قبل المفوض العام د. سلاف الدين لكني أقول بأن ذلك ينبغي أن يفصل فيه القضاء ولا شيء غيره.

أرجع لظاهرة الاحتشاد الاثني والقبلي خلف كل من يطوله تحقيق حول فساد أو أخطاء أو قصور إداري لأحذِّر من تنامي هذه الظاهرة التي أوشكت أن تعمَّ السُّودان جميعَه فنحن اليوم نشهد ردّة خطيرة توشك أن تمزق هذا الوطن وتفرِّقه أيدي سبأ.
قرأنا خبرًا عن اقتحام عصابة مسلحة محكمة نيالا وإخراجها متهمًا كان يواجه عقوبة الإعدام من قاعة المحكمة أثناء الجلسة وهروبها به، وقرأنا عن اقتحام بنوك في وضح النهار وظننَّا يومها أن ذلك سلوك ناشئ عن أزمة دارفور، لكن أن تنشأ المنظمات في قلب الخرطوم للدفاع عن متهم وتقيم المؤتمرات الصحفية وتهدِّد بالاعتصام أمام القصر الجمهوري حتى تتدخل الدولة وترد الاعتبار لابنها وتحل أزماته المالية التي يعاني منها فإنه يكشف درجة التراجع التي حدثت في توجُّه الشعب السُّوداني نحو الانصهار القومي والتوحُّد لبناء أمة سودانيَّة تجتمع حول ولاءات كبرى بعيدًا عن الانكفاء نحو الانتماءات الصغيرة التي تعيدنا إلى عصور سحيقة ظننَّا أنَّنا تجاوزناها ولُذنا إلى مسار جديد هو الذي سبقتنا إليه الأمم التي مضت نحو المعالي وارتقت سلَّم النهضة والتطور.

عندما أتذكَّر كيف تجاوز الإمام المهدي انتماءه الضيق وانتقل إلى غرب السودان ليتخذه (يثرب) التي هاجر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم وانطلق منها ليشعّ منها نورُ دعوته الربانيَّة وكيف اختار المهدي تأسيًا بالرسول الخاتم قبائل غرب السودان بعيدًا عن عصبته بل كيف اختار خليفته من دارفور متجاوزًا أهلَه وعشيرتَه والأهم من ذلك كيف انحازت إليه قبائل غرب السودان بالإسلام بعيدًا عن انتماءاتهم القبلية .. عندما أتذكر أن ذلك حدث 1881 أي قبل نحو 130 عامًا أشعر بفداحة الردة التي تردَّينا إليها فقد انحاز خريج القانون عبد الواحد محمد نور ود. جبريل إبراهيم والطبيب د. خليل إبراهيم إلى قبائلهم بينما انحاز الأميون أو شبه الأميين من أهل دارفور قبل أكثر من130 عامًا إلى دينهم متجاوزين عصبياتهم الضيقة .

بالمقابل هل تستطيع الأحزاب السياسية الكبرى اليوم أن تتوافق كما فعل المهدي على رئيس جمهورية من دارفور يحكم السودان في الانتخابات القادمة؟!

أرجع لأقول إننا نشهد عودة جديدة تتعدَّد مظاهرُها وتتزايد وتأخذ أشكالاً شتى لعصور الجاهلية الأولى التي قال شاعرها:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
قالت المنظمة في مؤتمرها الصحفي لمناصرة ابنها سلاف الدين إنها تدعوه بعد رد اعتباره إلى الاستقالة والتوجُّه إلى حلفا لأن هؤلاء لا يستحقون أي خدمة!!

لستُ أدري والله هل يريد جماعة المنظمة أن يُنشئوا دولة حلفا ليعيِّنوه رئيسًا عليها أم في ماذا تُراهم يفكرون؟!
أخشى أن تتزايد هذه الروح بين قبائل السودان كافة وينفرط عقد الدولة السُّودانيَّة ويلوذ كل إنسان بأهله وعشيرته وتنحل المؤسسات العدليَّة والسلطة القضائيَّة التي ستُمنع من ممارسة دورها في تجريم المجرم وتبرئة البريء خاصةً بعد أن تقتني شبكة المنظمات النوبية السلاح لتقتحم المحكمة وتُخرج ابنها سلاف وتعتقل القاضي بل وتسجنه!!

بالله عليكم إلى أين نحن مساقون؟!

صحيفة الصيحة
الطيب مصطفى
ع.ش[/JUSTIFY]

‫5 تعليقات

  1. والله نحن منساقون الى كارثة كبيرة جداً ما دام الدولة تقوم بتجنيد القبائل لتقاتل بالإنابة عنها ( وما قوات الدعم السريع أو بالأحرى الدمار السريع وكذلك قوات الجنجويد بأقبح مثال على ذلك ) ـ بالله عليكم سؤال تحتاج إلى إجابة من أين لزعيم قبيلة لعدد ما يقارب الألف تاتشر مجهز بجميع الأسلحة الفتاكة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  2. [COLOR=undefined]ذكر الباشمهندس الطيب مصطفي في مقاله..
    عندما أتذكَّر كيف تجاوز الإمام المهدي انتماءه الضيق وانتقل إلى غرب السودان ليتخذه (يثرب)
    من خلال السرد أن المشكلة في السودان تكمن في القيادة…لأن القيادة يقع على عاتقها في المقام الاول قيادة الامة وتقديم المثل الاروع في المساواة والسلوك والعدالة فان صلحت القيادة صلح الشعب..مثال دور الأب في الاسرة اذا كان مثاليا وصادقا وتقيا ومنضبطا ونزيها وشريفا ومستقيما يقتدي به بقية الاسرة ابتداء من الام ثم الابناء ويكون قدوتهم ويطبقوا سلوكه فان إعوجوا قومهم ويستجيبوا له لأنه قدوتهم…في السودان للأسف…للأسف….للأسف لا توجد هذه القدوة….هذا الفراغ احدث فراغ في القيمة الوطنية للمواطن السوداني لذلك نجح الامام المهدي يا باشمهندس لأنه أقر مبدأ العدالة وهرب الى حيث دلته فطرته وسجيته وحاسته السادسة.اذا اردت ان تبنى امه كن قدوة لهم ولا تكن قدوة الا اذا كنت تتحلى بافضل القيم والاخلاق…
    كان في التسعينيات عندما تقدم لوظيفة وخاصة عند عوض الجاز عليك ان تفصح عن قبيلتك يا للهم يا للوجع في مجتمع فيه تباين عرقي ….الساسة في السودان يريدون أن يقوموا الظل دون العود لا يستقيم الظل والعود اعوج…[/COLOR]

  3. يا جماعة الخير الراجل خرف والله شنو ؟؟؟ هو في سوداني اكثر عنصرية من الطيب مصطفي ؟؟؟ اليس هو الذي طالب بانفصال الجنوب ؟؟؟ اليس هو الذي ضبح التور يوم الانفصال ؟؟؟ اليس هو الذي قال بالحرف الواحد في برنامج الاتجاه المعاكس بان الجنوبيين لا يشبهوننا ؟؟؟
    صحيح الاختشوا ماتوا ؟؟؟

  4. [SIZE=5][FONT=Arial]د. سلاف الدين … لا عليك ..
    بقلم: مزدلفة محمد عثمان
    الإثنين, 24 آذار/مارس 2014 18:22
    تضج الصحف منذ أشهر عديدة بتساؤلات واستفهامات عديدة ولاتتردد فى إبراز مستندات تعضد وتثبت وجود فساد مفضوح فى العديد من المؤسسات والوزارات الحكومية فى المركز والولايات ، وإذا تجاوزنا اللغط الكثير الذى دار حول بيع خط “هيثرو” وما شهدته الخطوط الجوية السودانية من تردٍ مريع ، وتدخل الرئيس عمر البشير وتوجيهه بالتحقيق فى مايجري ، والموات الذى أصاب القضية من يومها ، فلايمكن ان نصم آذاننا عن آخر التقارير التى تحدثت نهاية هذا الأسبوع عن مايجرى فى إحدى الوزارات من تبديد ملايين الجنيهات فى هيئة حوافز ، اصحابها معروفون تفضحهم الأوراق والأسانيد ، حصلوا على تلك الأموال لا لشيء سوى انهم استقبلوا وفودا خارجية وأكرموا وفادتها ، دون ان يجرؤ أحد على سؤالهم باى حق فعلت وحزت على تلك المبالغ المهولة.
    لن نتحدث عن صمت الحكومة وأجهزتها عن كل تلك الممارسات وما لم يخرج الى الاعلام والصحف يفوق بكثير ما تتناوله ، حيث يطغى فقه السترة والمحاسبة الداخلية فتموت عشرات المفاسد ويعيش أصحابها بين الناس كانهم ملائكة ، ولن نتحدث عن محاكمات علنية مُنِع الإعلام من الخوض فيها بأوامر جهات عليا ربما حفاظا على مسار القضية والابتعاد عن تأثيرات النشر المحتملة ، بينما لم تتدخل ذات الجهات لمنع النشر فى قضية مازالت ايضا قيد النظر أمام المحاكم وهى إثارة قضية مفوض التسريح وإعادة الدمج سلاف الدين صالح غير ان الواجب يحتم علينا التحدث عن إهمال الحكومة غير المبرر لرجل فى قامة د. سلاف الدين وهو الذى أفنى ما لايقل عن 30 عاما فى خدمة السودان من أقصاه الى أقصاه ، نشط فى العمل الإنسانى بجنوب السودان إبان اشتعال الحرب وطفق يقدم المساعدات للمتضررين من الحرب وهو يلعن سياسات الحكومة المحتكمة الى السلاح ، ويدافع بكل ما أوتي من قوة عن المظلومين والحيارى والضحايا ، يشد الرحال الى العواصم الباردة طلبا لعون مواطنيه الذين أنهكتهم حكوماتهم المتعاقبة ، فى جنوب السودان وفى غربه والشرق والشمال تمكن سلاف الدين من تشكيل صورة رائعة لرجل الدولة الحقيقي فهو معروف على مستوى المظاليم والمنهكين ، ومشهور على مستوى المنظمات و الوكالات العالمية وله من الصلات بنافذي امريكا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبى ما عجزت عن نسجه الدبلوماسية السودانية فى اعتى عهود انفتاحها، فكان سلاف الدين المعبر الى فك العديد من الشفرات الخارجية ، ثم كان هو حائط الصد أمام عشرات القرارات التى أوشكت فى فترة من فترات الحصار الخارجى على الإطاحة بكل أركان تماسك الخرطوم فى وجه مخططات عالمية يدركها الممسكين بملفات العمل الخارجى والاستخباراتى ، الرجل الذى تنتاشه الأسهم بظلم بالغ هذه الأيام فعل كل مافعل وهو محتسب الى الله ان يجزيه خيرا ، لم يفكر يوما فى الاغتراف من الأموال التى كان يوصلها الى المتضررين ولم يتخذ من أزمة دارفور ومال “الطوارئ” وسيلة لبناء القصور المشيدة واقتناء الفارهات ، الكل يعرف أن سلاف الدين لو كان فاسدا لنال طوال الثلاثين عاما الماضية من مليارات كانت بين يديه ولبات اليوم من أغنى أغنياء السودان ، لكنه عفيفٌ، نظيفُ اليد واللسان ، كل ما يملكه فى الدنيا “جرار زراعى” اشتراه بالأقساط من البنك وقبل ان يكمل ماعليه من التزام ثلاثة أشهر اضطر لبيعه ليسدد للحكومة عجزها ، ثم قطعة أرض فى الخرطوم منحتها له الدولة ايضا باعها ليواري سوءة الدولة . التى تخلت عنه …ما بال رجل يدفع من ماله الخاص ومن قوت أسرته ليساعد حكومة تبدد المال صباح مساء فى “الفارغة” .. وما بال وزارة المالية ترفض تنفيذ قرار الرئيس الذى أمر وصادق بميزانية لمفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج ، فلاتدفعها الى ان يضطر الرجل ليغامر ويحرر على نفسه “شيكات” املا فى وصول استحقاق الدولة ..فلاياتى ..اكثر من خمسة أشهر وسلاف الدين يتجرع بأسى خطأه الفادح وهو لايصدق ان الدولة التى خدمها تهمله وتتخلى عنه .. شهور طويلة ينتظر المشفقين على سلاف الدين ان تتكرم الدولة على الرجل وتصحح خطأها قبل ان يكون خطأه فتفي بالتزامها وتدفع ماعليها من مبالغ ذهبت فى الأصل الى مشروعات حكومية وساهمت فى تسريح وإعادة إدماج الجنود أملا فى سلام ينعم به السودان.
    وعندما يهب الأهل وذوو القربى والمكتوون لنصرة سلاف الدين تشرع الأقلام فى وجوههم ويتهمونهم بالعنصرية .. العنصرية ياسادتى ولدت معكم ..انتم من زرعتم بذرتها وسقيتموها حتى صارت شجرا يسير .. العنصرية فرضت نفسها حينما تأكد للجميع ان الولاء للقبيلة يحمى اكثر من الولاء للتنظيم .. ومع كل ذلك نقول لدكتور سلاف الدين “الحق سينتصر فى النهاية وستخرج مرفوع الرأس كما كنت دائما ” .. فلا عليك[/FONT][/SIZE]