رأي ومقالات

ضياء الدين بلال: (3 مليارات دولار في 3 شهور، يا مفترين وبعد دا تخلوا الدولار في العلالي)!

الساعة تقترب من الواحدة صباحاً، الأخ العزيز ياسر عبد الله رئيس قسم الأخبار بـ(السوداني)، يعرض عليَّ قائمة الأخبار، وهو يقوم بتحريك مفتاح سيارته على طريقة (خلصنا يلا)!.

ياسر يقترح وضع هذا الخبر ضمن مينشتات الصحيفة:
وزير التجارة الخارجية: عائدات الصمغ العربي بلغت 3 مليارات دولار خلال ثلاثة شهور!.
ضحكت.
قلت: هذا الخبر يحمل خطاب النفي في داخله!.
من المستحيل أن يكون هذا الخبر صحيحاً، 3 مليارات دولار في 3 شهور (دا صمغ ولا ماس)!.

ياسر قال: إن الخبر منشور في سونا وكالة الأنباء الحكومية الرسمية، فهي تتحمل مسؤولية النشر!.
ومنسوب لوزير التجارة الخارجية، الأستاذ/ عثمان عمر الشريف، وهو المسؤول الأول بالوزارة، وبحكم منصبه، من المفترض أن يكون ملمَّاً بكل صغيرة وكبيرة!.

قلت لياسر: سونا لم تعد كما كانت، في الفترة الأخيرة تسربت إلى أخبارها كثير من الأخطاء والمعلومات المغلوطة.
الأستاذ/ عوض جادين إداري متميز، نجح في التلفزيون، وبرع في الإذاعة، ولكن لم يحالفه التوفيق في سونا!.
الأستاذ/ عوض جادين، جاء لسونا وهي خاوية على عروشها، بلا مال أو اهتمام أو كفاءات، من بقي من الكفاءات يعانون ظروفاً وأوضاعاً ماليةً محبطةً.

والأستاذ/ عثمان عمر الشريف، رجل قانون ضليع، وسياسي محنك، ولكنه ليس ذا صلة بمثل هذه الأرقام الضخمة، التي يختلط فيها لدى الكثيرين المليار بالمليون، في معادلات القديم والجديد، ويلتبس فيها التمييز بين الجنيه والدولار!.

ألقينا بخبر الـ(ثلاثة مليارات دولار في ثلاثة شهور)، بسلة المهملات، وصعدت به صحف زميلة إلى المنشيتات!.

قبل يومين، التقيت بمجلس الوزراء، بمحافظ بنك السودان الاقتصادي الضليع الأستاذ/ عبد الرحمن حسن، قلت له ممازحاً: (3 مليارات دولار في 3 شهور، يا مفترين وبعد دا تخلوا الدولار في العلالي)!.

ضحك الرجل وقال لي: (دا خبر غريب، استفسرنا ناس التجارة الخارجية، قلنا ليهم تعالوا ورّونا القروش دي دخلت بي وين)!.

بعد ثلاثة أيام من نشر خبر الـ(ثلاثة مليارات دولار في ثلاثة شهور)؛ أوردت سونا نفياً خجولاً دون اعتذار أو إشارة للخطأ وتحديد مصدره، إن كان القائل أو الناقل!.
جاء الخبر هكذا:
(أعلنت وزارة التجارة أن حجم صادر الصمغ العربي خلال الثلاثة أشهر الماضية، بلغ 10 آلاف طن بقيمة 30 مليون دولار)!.
-2-

للأسف، في السودان لا توجد أرقام فوق مستوى الاختلاف والاشتباه، كل رقم له ما يقابله، يقترب منه أو يبتعد!.
التباين الرقمي يتجلى بوضوح في عرض الأرقام المعطونة في ماء السياسة، التي يرسلها بعضهم ضرب عشواء لتضخيم الإنجازات وللصعود من فوق رغوتها!.
ولعبة الأرقام هذه يجيدها البعض ويخفق فيها كثيرون.
معظم الأرقام والنسب التي تنقلها أجهزة الإعلام في تصريحات السياسيين، تمر على الآذان دون أن تخضع للفحص والتمحيص!.
أذكر في أيام عملي بالعزيزة (الرأي العام)، أن نظام جمع المواد كان على أجهزة الكومبيوتر، يقلب الأرقام رأساً على عقب، فإذا بالرقم 52 يتحول إلى 25 و85 إلى 58.
ورغم الفارق بين الأرقام، لا تجد من يصحح أو يعترض أو يحتج، إلا في مرة واحدة احتجت أسرة أحد طلاب امتحانات الشهادة السودانية، إذ تمت تهنئة ابنهم الذي أحرز نسبة 81%، باعتباره أحرز نسبة 18%.
الخبر تناقلته وكالات الأنباء، وتداولته الأسافير، وما ورد من نفي لا يجبر الضرر!.
لا مناص من اختيار واحد من خيارين: إما أن تعتذر سونا، أو أن يوضح عثمان عمر الشريف!. ضياء الدين بلال

‫2 تعليقات

  1. يا السويتو بايدك , تانى عذرك ما بفيدك

    اصلو الحكاية كانت هزار , بس البصدقكم حمار

  2. عندما قراتةهذا الخبر بما اننى مغترب قررتة الرجوع لوكان هذا الخبرصحيح لانو دة مبلغ كبير جدا وسوف يزيد موازنةالدولة ب 12 مليار دولا وكدى بتكون موزانة معقولة للدولةممكن توفير العيش الكريم للانسان السودانى لكن عرفة وقتها انوم الرقم هذا مكتوب خطاء