أزمة عبد الواحد محمد نور داخل حركته !
صحيح إن الهجمات الاخيرة التى دار رحاها فى مناطق مهمة من الولاية فى كلٌ من اللعيت جار النبي والطويشة وحسكنيتة أفرزت واقعاً مؤسفاً كاد أن يعيد للاذهان مشاهد سابقة في بداية استعار أوار الحرب فى دارفور منتصف العقد الاول من هذه الألفية؛ ولكن الصحيح أيضاً ان ما جرى مؤخراً فى شمال دارفور رغم الضجيج الاعلامي الذي صاحبه لا يتجاوز فى أحسن فروضه محاولة يائسة وأخيرة قامت بها حركات مناوي بعد حصولها على تشوين جيد من انقاض الصراع الجنوبي الجنوبي سعت من خلالها الى لفت الانظار إليها.
وبإمكاننا أن نعدد عدداً من الأسباب التى تؤشر جميعها الى أن العمل المسلح فى دارفور يمضي الى زوال بأكثر مما يمضي الى تصاعد محتمل. أول الأسباب، ارتفاع كلفة العمل المسلح ارتفاعاً جنونياً يصعب احتماله من قبل الحركات المسلحة وعلى وجه الخصوص حركة عبد الواحد، إذ ربما لا يعلم الكثيرون أن الحركات الدارفورية لم تعد تمتلك المؤن والعتاد والمال الكافي للقيام بهجمات فى العادة تكلفها مئات الآلاف من الجنيهات وقد يعتقد البعض ان قيادة سيارات الدفع الرباعي المشكوفة وعلى متنها خمسة أو دستة مقاتلين بحوزتهم مدفعاً أو مدفعين، بحجم متوسط، أمراً غير مكلف ولكنه بلا أدنى شك -فى الحسابات الحربية- مكلف لأن مراهنة الحركات المسلحة عادة تكون على ضرورة سلامة السيارات ومدفعها وسلامة الطاقم باعتبار انهم يعتمدون علي الهجوم السريع الخاطف وتحاشي المواجهة المباشرة.
فى العديد من المرات يتم تدمير السيارة والمدافع ونظراً لصعوبة تعويضه فإنه يشكل خسارة للحركة المسلحة وللتدليل على ذلك فإن زيارتين قام بهما عبد الواحد محمد نور الى أوربا مؤخراً كانت كل هدفها الحصول على مال وفير لشراء أسحلة ومؤن وعتاد ولكن فيما يبدو أن الجهات الداعمة وعلى خلفية إلمامها بمنازعات وخلافات حول المال ظلت تجري داخل حركة عبد الواحد فإنها تجحم أو حتى تجود بالقليل جداً الذي لا يفي بالغرض.
الأمر الثاني أن منسوبي حركة عبد الواحد أنفسهم يجأرون بالشكوى باستمرار من استمرار القتال الذي يدخل حالياً -بالنسبة لهم- عامه العاشر! ومن الطبيعي أن يصيب البعض الملل، والبعض الآخر يحاصره شعور الخيبة والفشل وليس أدل على ذلك من اضطرار عبد الواحد -تحت ضغط هذا الوضع المتصاعد- لاستصدار قرار بات بمثابة قانون يحظر على قادته الحديث عن أي تفاوض مع الحكومة، وهو أمر صعب الاحتمال لأنّ الذي يقاتل ومهما كانت دوافعه فهو فى النهاية فى حاجة لأى خط نهاية وإلى محفزات؛ وهو ما بات منعدماً تماماً فى حركة عبد الواحد الشيء الذي دفع هؤلاء المنسلخين للإنشقاق والجنوح للسلم بعد طول معاناة وعناء ما بعده عناء.
الأمر الثاث، الصعوبات التى باتت تواجه حركة عبد الواحد منذ ما يزيد من خمسة أعوام بشأن تجنيد جنود جدد إذ أن من الطبيعي أن تسعى الحركة -أيِّ حركة- لزيادة عدد قواتها باضطراد لتحاشي تآكلها أو موت بعض جنودها أو هروبهم؛ ولكن حركة عبد الواحد ظلت تسجل فشلاً تلو الفشل فى استقطاب منسوبين جدد وهو وضع أدى الى تناقص أعداد قواته بشكل مريع، ولهذا لوحظ تحاشيه لأيّ هجمات وحرصه على إبعاد قواته بعيداً عن ميادين القتال والمراهنة فقط على سقوط الحكومة!
سودان سفاري
ع.ش
ربنا يجعل كيدهم في نحرهم