رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : حلايب وسد النهضة قضايا تأريخية وإعلامية

إذا كنا لا نريد لمصر أن تدخل في أوضاع أمنية يتضرر منها المواطن المصري والمواطن العربي والمسلم الذي يقصد مصر لما يريد فيها ومنها والسائح الذي يسهم في عملية إنعاش الاقتصاد المصري الذي يتعرض الآن لزلزال شديد بسبب نسف الاستقرار السياسي والأمني، إذا كنا لا نريد لمصر أن تمضي نحو محطة «الصوملة»، فإن معالجة المشكلة فيها لا تكون بالتمني ولا باتخاذ إجراءات سياسية أو دبلوماسية، وإنما بتناول المشكلة من جذورها. بما يعني أن الأمن والاستقرار مقابل الوضع الديمقراطي الطبيعي مثل الذي تولد من ثورة 52 يناير. وإن الاعتداء على الديمقراطية «الأولى» هناك يكون مقابله رد فعل عنيف كانت آخر حلقات سلسلته الطويلة مقتل عميد شرطة وسلسلة انفجارات هزت محيط جامعة القاهرة أخيراً. ولو استمرت ولاية حكم الرئيس المجنى عليه بالجيش محمد مرسي، لما حدث ما يحدث الآن في مصر من أحداث مؤسفة حقاً قد تتطور إلى مستوى الحالة السورية. مثلاً دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل أو غيرهما حينما تريد إطاحة ولاية حكم ديمقراطي في مصر، لن يكون هذا حباً في عيون صباحي وعمرو موسى والسيسي، وإنما حباً في نسف الاستقرار الأمني في مصر، حتى تشعر هذه الدولة العربية الكبيرة الجائعة والظامئة وهي بهذا الانفجار السكاني بأنها في حاجة إلى أعداء القضية الفلسطينية، وهنا تصبح هذه القضية الإسلامية والعربية السامية الثانية من حيث الاهتمام الرسمي المصري بعد أن تنشغل القاهرة بنفسها.
ربما يستوعب قادة الدولة المصرية الحاليون هذه الحقيقة، لكن المصلحة الشخصية والطموح الشخصي، يكون عند كثير من الناس مقدماً على مصلحة البلد حتى ولو كان الهتاف أن «مصر أم الدنيا».. نعم تكون مصر أم الدنيا حينما تكون دولة ديمقراطية، فهي ما كانت لتكون أم الدنيا إذا لم يفتحها سيدنا عمرو بن العاص.. ويدخل فيها الحضارة الإسلامية وهي نهاية التاريخ واللغة العربية التي أصبحت هي الآن لغة النوبيين الرسمية، وهم سكان مصر الأصليون الأوائل. إن الفتح الإسلامي حوّل مصر إلى بلد عظيم قبل ولاية سيدنا عثمان بن عفان، وقبل أن يفتح عبد الله بن أبي السرح السودان ليمد اليه ما بدأه سيدنا عمرو في مصر.
تجد القوى الأجنبية والصهيونية الطريق الذي يؤدي إلى تدمير مصر وانهيارها، وكبار الساسة المصريين الذين ينشغلون بضم «حلايب» السودانية.. والسعي لإيقاف سد النهضة الإثيوبي بالفضائح التأريخية والإعلامية.. الفضيحة التاريخية هي إدعاء تبعية منطقة تقطنها قبيلة سودانية إلى دولة غير سودانية.. وهي حلايب طبعاً.. والفضيحة الإعلامية هي الترويج لخطر سد النهضة على الكعبة المشرفة في مكة المكرمة. وكأنما ينتظر من السودان أن يقول لإثيوبيا نحن ضد تشييد سد النهضة لأنه سيهدم (الكعبة) وهي من أقدس مقدسات المسلمين. وجزء من هذه الفضيحة الإعلامية بشأن سد النهضة هي أن مصر والسودان سيتضرران من هذا السد بخلاف السد العالي. والمعلوم والموثق هو أن أكثر ما تضرر منه السودان بعد الحروب هو إنشاء السد العالي. لقد أغرق مدينة وادي حلفا واضطر أهلها للهجرة القسرية إلى بيئة خلوية ما ألفوا مثلها. أما سد النهضة فإن المصريين يعلمون بفوائده التي تعود على السودان أكثر من غيرهم. ولكنهم يظنون أن لعاب هذا الشعب السوداني يسيل، فينخدع بسلبيات مزعومة يحصدونها من تشييد سد اثيوبي تحميه صخور جبلية نارية أكثر مما تحمي السد العالي الصخور الرملية طبعاً. أما بالنسبة لزلزلة السد مما يؤثر على الكعبة فإنه يبعد من حدود الزلازل بألف كيلومتر.. والخوف على الكعبة إذا لم يأت من البحر الأحمر لن يأتي من سد النهضة. إذن هي فضائح إعلامية. ثم إذا كان المطلوب من السودان أن يجامل مصر على حساب مصلحة شعبه الذي يعاني من طمي وفيضان النيل الأزرق وغياب الطاقة في بعض المناطق الشرقية، فهل مطلوب منه أيضاً يجامل بالتنازل عن حلايب؟

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

تعليق واحد

  1. الشئ المؤسف حقا ألا نسمع أي تصريح من البشير حتى السمؤال خلف الله وحتى ربيع عبد العاطي أي تصريح عن حلايب ولا تثار مع المصريين . مع العلم لو كان الحال معكوس لوجدنا الجيش المصري على مشارف الخرطوم فلماذا الهوان يا ترى .