الطيب مصطفى: قناة الجزيرة بين هيكل والإمام الهادي المهدي
أقولها بملء فيَّ إنه ما من وسيط إعلامي قدَّم أبلغ دليل على أن الآلة الإعلامية يمكن أن تكون أشد تأثيراً وأعظم أثراً في التغيير من الآلة العسكرية وغيرها من الوسائل من قناة الجزيرة وفي هذا فليكتب الكُتَّاب وينقِّب الباحثون والدارسون خاصَّة من طلاب الإعلام على مستوى العالم أجمع ليجدوا ضالتهم وصيدهم السهل وليخلصوا إلى هذه النتيجة المدهشة حول قوة الإعلام والرسالة الإعلامية.
ظاهرة هيكل نفسها تقف دليلاً على قدرة الإعلام على صناعة النجوم وما كان هيكل جديراً بموقعه الحالي الذي تسيَّد به كُتاب الصحافة العربية لولا سطوة الإعلام فالرجل ليس مؤهلاً من الناحية الأخلاقية ليحتل هذه المكانة ولعلَّ قناة الجزيرة التي أفردت للرجل مكاناً علياً ومنحته برنامجاً أنفقت في سبيله الكثير كانت من ضحايا التزييف الذي قد يصنعه الإعلام في عقول الناس ولا أشك أن إدارة القناة قد اكتشفت الآن وبعد فوات الأوان أن الرجل الوالغ في مستنقع التضليل الذي ضرب الإعلام المصري بعد ثورة 25 يناير لم يكن جديراً بأن ترهن له سمعتها ومصداقيتها الكبيرة.
هيكل الذي كتبت عنه في مرات سابقات من أكبر مزوِّري التاريخ ولعل أبلغ دليل على ذلك أن الرجل لم يصدُق مرة واحدة في أي توثيق لأيٍّ من وقائع تاريخ السُّودان فالرجل ليس كاتباً أو صحافياً محايداً حتى تنصِّبه (الجزيرة) شاهداً أوحد على العصر فقد كان منتمياً بل خادماً مُطيعاً للرئيس عبد الناصر مبرراً كل هزائمه وعثراته وخطاياه فوق أنه علماني مُناهض للإسلام السياسي الذي تصاعد تأثيرُه في عالمنا العربي والإسلامي منذ ستينيات القرن المنصرم وما كان ينبغي أن يوثق له ألد أعدائه.
هيكل روَّج لكذبة أنَّ الإمام الهادي المهدي مات مسموماً في كسلا بالرغم من أن الرجل المجاهد مات شهيداً بشهادة كل من شهد تلك الواقعة ومن المعلوم أن الحزب الشيوعي السُّوداني كان له دور بارز في أحداث الجزيرة أبا (1970) التي راح ضحيتها أكثر من ألف شهيد كما كان له مواقف مخزية في أحداث ود نوباوي التي استشهد جراءها الكثيرون هذا فضلاً عن مجزرة قصر الضيافة عام 1971 ومعلوم أن الحزب الشيوعي من خلال كوادره الصحفية وإعلامه بارع في تزوير التاريخ ونعوِّل كثيراً على د. بخيتة الهادي المهدي في التوثيق لسيرة والدها الشهيد وفضح الدور الشيوعي في تلك الأحداث وفي التواصل مع قناة الجزيرة في الدوحة لكشف زيف ذلك الكذاب الأشر محمد حسنين هيكل.
محجوب شريف
ما كنتُ سأكتب هذه الكلمات في حق الشاعر محجوب شريف لولا المرثية المؤثرة التي سطّرها د. غازي صلاح الدين فقد تمكَّن غازي برؤيته الواسعة من نقل موت الشاعر المُرهف إلى آفاق أبعد من ذلك البُعد السياسي الضيق الذي كثيراً ما يتخندق الناس بين جُدُره الضيقة ويسجنون أنفسهم داخل أسواره، حارميها من النظر في فضاءات الكون الفسيح ورحمة الله التي وسعت كل شيء فقد قال غازي (لكن الأولى في موقف الموت أن ننظر إلى الإنسان من حيث هو إنسان وندع الحساب إلى صاحبه فديدننا كلنا في الدنيا الخطيئة).
أجمع كلُّ من عرف محجوب شريف أنه كان مولعاً بالقِيم النبيلة، الصدق، والرحمة، والحب، والوفاء وهل دعا ديننا إلا إلى هذه القيم وهل بُعث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلا ليتمِّم مكارم الأخلاق؟
قرأتُ بعض أشعاره في والده ووالدته وزوجته وبناته فذُهلتُ من اتساع هذا القلب الكبير وكم سعدتُ عندما علمت أن شيوعيته لم تختلط البتة بإلحاد سيَّما بعد أن كتب من أثق بشهادته أن الرجل قد نطق قبل وفاته بالشهادتين.
اللهم ارحم محجوب شريف وأسكنه فسيح جناتك يا رحمن يا رحيم.
الطيب مصطفى– الصيحة
ما زال البشر يلوكون في الاسطوانة المشروخة عن الاسلاميين والشيوعيين , هل ما اغترفه الذين يسمون انفسهم اسلاميين في السودان يمكن ان يفعله ابليس نفسه دعك من الاسلاميين