رأي ومقالات

د. ياسر محجوب الحسين : (الوطني) وكرة الشراب

[JUSTIFY](1)
كان الصغار حين يحولون الأزقة إلى ملاعب، كانوا يكومون كومة من تراب يضعون عليها تلك الكرة العجيبة ليتمكنوا من القذف بها لأبعد مدى في عمق ملعب الخصم، ويرجع اللاعب الحذق خطوات كثيرة إلى الوراء استعدادًا للانقضاض على الكرة التي يركض نحوها مندفعًا بأقصى سرعة وسط ترقب وتشجيع المتفرجين.. لكن ماذا لو تراجع ذلك اللاعب فجأة ووقف حمار الشيخ في العقبة لأي سبب من الأسباب؟!.. النتيجة المتوقعة أن يأخذ (علقة) ساخنة من جمهوره وزملائه لما سببه لهم من إحباط.. اليوم المؤتمر الوطني في حالة استعداد ليقذف بكرة الحريات في ملعب القوى السياسية الأخرى، وقد وضعها في أعلى كومة التراب وهو على بعد مسافة منها لينقض عليها، أما إن لم يتبع ما أعلنه من قرارات مهمة في إطار الانفتاح السياسي فسيجد غضبة عارمة وسيوضع في خانة ذلك الرجل الذي (ظل يكذب ويتحرى الكذب حتى كُتب عند الله كذابا).. إحساسي أن المؤتمر الوطني تتلبسه قناعة بضرورة المضي قدمًا في هذه الخطوة لأسباب بعضها داخلي وبعضها خارجي.. والمتابع لمجريات الأحداث منذ التغييرات الدراماتيكية في رموز الحكم ومرورًا بخطاب الوثبة في يناير الماضي وما تبع ذلك من انفراج كبير في علاقة المؤتمر الوطني بغريمه المؤتمر الشعبي يعلم أن ترتيبات وربما اتفاقات سرية قد أُنجزت لا يعلمها (ناس قريعتي راحت) من تلك الأحزاب التي كادت أن تلامس حاجز الـ(99) حزباً.

(2)
لن تجدي محاولات هروب الواهمين في تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض من دعوات الحوار مع احتفاظنا لهم بحق أن يصفوا تحالفهم هذا بما يشاءون من أوصاف الإجماع.. التحالف الذي يضم نحو عشرين حزبًا أبرزها (الشيوعي السوداني والبعث العربي والعربي الناصري وحركة حق والمؤتمر السوداني) استعصم بشروط واهية خاصة إن انقض المؤتمر الوطني بالفعل على الكرة وألقى بها في ملعب القوى السياسية التي من بينها هذا الذي يسمي نفسه بتحالف الإجماع الوطني.. مجرد سقوط الكرة في الملعب الآخر تكون المتطلبات والشروط التي قال التحالف المزعوم أنها لازمة لتهيئة مناخ الحوار قد تحققت لكن عندها يكون التحالف جالسًا في مسطبة المتفرجين بينما الأحزاب الثلاثة الرئيسية (حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر الشعبي والحزب الاتحادي الديمقراطي) ستتلقف الكرة في حبور وسعادة .

(3)
رئيس الهيئة التنفيذية للتحالف فاروق أبو عيسى يقول إن مشاركة بقية الأحزاب المعارضة في الحوار وفق الظروف الراهنة: (لا يمكن أن نتحدث عن حوار وطني ودستور جامع، والحكومة تمنعنا حتى من مخاطبة الشعب السوداني وتفض ندواتنا بالقوة الباطشة).. لو أن شباباً من قوى المعارضة أطلقت يده وتبوأ موقع القيادة لما قالوا شططًا مثلما يقول أبوعيسى.. ولقال هؤلاء الشباب الذين يسد أبو عيسى وصحبُه عليهم الأفق مثلما رأت أحزاب المؤتمر الشعبي والأمة القومي والاتحادي الديمقراطي إن شروط التحالف مكانها مائدة الحوار، لأن ذلك يجنب البلاد خيار البندقية.. تلك البندقية التي لا يرى أبوعيسى حرجًا في استخدامها من قبل الجبهة الثورية التي ينسق معها الحزب الشيوعي تنسيقاً تامًا كما قال الناطق باسم التحالف والقيادي الشيوعي صديق يوسف.. ذكَّرت أبو عيسى بالشباب الذين هم أحفاده لأنه خرج قبل حوالى (70) في مظاهرات الجمعية التشريعية سنة 1947م وما زال يزاحمهم في العمل السياسي لكنه ظل يحرز فشلاً تلو فشل .

آخر الكلام:
مرة غضب أبو عيسى من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لإشادته بالمفوضية القومية للانتخابات ووصفه بـ(الرئيس العجوز)؟!.

صحيفة الصيحة
ع.ش[/JUSTIFY]