رأي ومقالات

د. محيي الدين تيتاوي : دور التشريع في تحقيق حرية التعبير

حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية الممارسة السياسية الحرة هي مضمون الدعوة للحوار الوطني الذي دعا اليه السيد رئيس الجمهورية.. وحرية التعبير هي نقطة البدء ومحور كل السلوك الذي يمكن ان يجمع اهل السودان جميعاً.. ويأتي دور المجلس الوطني والتوافق على الدستور قبل ذلك من اهم مقومات ذلك الاجماع الوطني الناتج عن الدستور والقانون الأساس لتحديد اتجاهات الحوار.. ذلك أن كتابة الدستور أمر ليس صعباً اذا اتفق الجميع على اهمية ترتيب الاجندة .. وبموجب ذلك يتم تعديل قوانين النشر وحرية التنظيم والممارسة.

فمشروع قانون الصحافة جاهز ويمكن بحثه والاتفاق حوله خاصة بعض القوانين الاخرى التي تقرر أن التعبير بالقول او النشر جريمة جنائية، وذلك ان المادة «159» من القانون الجنائي يمكن تجميدها حتى اجازة الدستور وتعديل القوانين، لأن المتأثر بالنشر لديه حقوق بموجب قانون الصحافة الراهن مثل حق التصويب وحق الرد والاعتذار المنشور، وفي ذلك ما يكفي من عقوبة للصحيفة والصحفي عما كتب ويظن انه صحيح ويتضح خطأه بعد ذلك، ولكن تجريم النشر بهذه الصورة غير سليم ولا يحقق حرية التعبير بكل ما تعني العبارة.. وهناك دول عربية عديدة ألغت المواد المجرمة للنشر واكتفت بالقوانين الخاصة بالنشر.

صحيح أن العمل يجري للمؤتمر الثاني لقضايا الاعلام خلال الفترة القادمة، ويمكن عبر هذا المؤتمر ان نشارك بكل الوان الطيف السياسي والصحفي والاعلامي، وتعرض رؤاها وتسهم في مخرجات هذا المؤتمر، ونكون بذلك قد أوجدنا اجماعاً اعلامياً وصحفياً وسياسياً حول أسس ومستلزمات النشر.. وهذا يقتضي أيضاً أن يسعى كل الذين يحرصون على تحقيق حريات صحفية مسؤولة، واشدد على عبارة مسؤولة، لأن الحرية مرتبطة بالمسؤولية والمسؤولية تعني الاستقصاء والتفكر والتدبر قبل القاء الكلمة وتناول الموضوعات، ومن مقتضيات المسؤولية كذلك مراعاة طبيعة من نوجه لهم الخطاب الصحفي او الإعلامي.. وهذا ينبغي ان يكون محل إجماع الكل، وتكون بذلك قضية الحريات في ايدي المطالبين بها، وهي مسألة أساسية وضرورية للجميع إن أردنا إصلاح حال الحريات.

وفي إطار وضع الأولويات في ما يمكن أن نقدمه من اجندة تدفع بالتوافق والاجماع الوطني، نرى أن تكون حرية الإعلام والتعبير في مقدمة الأجندة، ثم يتم بحث بقية الأجندة وترتيبها وفق ما يحقق الاجماع الوطني، وهذه نظرة سريعة من زاوية الحريات الصحفية وحرية التعبير، وهما يشكلان أساساً للحوار وفق رؤيتنا الاعلامية، وقد انفقنا جل عمرنا في العمل الصحفي والإعلامي، وهي رؤية لا ندعي أنها كاملة ولكن هي نوع من الإسهام والدفع لقطار التوافق الوطني ولا بد أن تؤخذ في الاعتبار.. لأن الحرية والمسؤولية لم تضرا ولم تقودا الى عمل سلبي.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش