رأي ومقالات

د. سامية علي : حتي لا يضيع الوطن .. علي الأحزاب ألا تسيء مناخ الحريات

[JUSTIFY]الندوات السياسية التي تمر بها الساحة السياسية هذه الأيام علي خلفية قرار الرئيس البشير الذي أتاح علي أثره أطلاق الحريات السياسية.. هذه الندوات ينبغي أن تستغل بمسئولية وحنكة سياسية، حتي لا تأتي رياحها بما لا تشتهي سفن الأحزاب المعارضة، معلوم أن أي شئ يزيد عن حده ينقلب الي ضده، فالاجدي والأفضل للأحزاب التي بدأت تنظم ندوات علي الهواء مباشرة أن تمارس هذا (الحق) دون مغالاة وألا تشتط في الخصومة (الفاخرة) بما يبين حنقها و(حقدها) علي النظام.
وطالما أن الحكومة التزمت وأوفت بما وعدت به بإطلاق الحريات السياسية فعلي الأحزاب إن تلتزم هي الأخرى بضبط خطابها وألفاظها التي تستخدمها في مخاطبة الجماهير، حتي يحترمها الشعب والشارع السوداني، فهو علي وعي ودراية تامة بما يجري بالساحة السياسية وهو حصيف بالقدر الذي يجعله يفرق بين من هو يعمل لصالحه ومصالحة الذاتية أو الذي يعمل لأجل مصلحة الوطن، جاعلاً هذا الهدف نصب عينيه ومرمي سامياً يبتغي الوصول إليه..
الشعب السوداني أكثر وعيا بما يدور حوله يستطيع أن ينظر للأشياء بعقلانية وحكمة، قادر أن يفرق بين الغث والسمين، ولديه ذاكرة جيدة تختزن كل ما جري في السودان وما كان يتم أبان الحكومات التي كانت علي رأسها أحزاب ظلت تنادي بالديمقراطية والحرية وحينما تحققت لها لم تستطع التعايش معها بسلام، حتي اختلط حابل الفوضى بنابل اللامبالاة واللامسئولية وانشغلت تلك الأحزاب بالتشاكس والصراع علي كراسي السلطة فضاع الوطن.
والآن اخشي علي الحرية السياسية من هذه الأحزاب، خوفي إن تضيع الحرية وان ينفرط عقد المسئولية الوطنية، وتعم الفوضى وينفلت الأمن والأمان الذي تتميز به الأجواء والمناخات بالسودان بينما تفتقده كثير من الدول وأقربها لنا (جغرافية وثقافة)، بعض الأحزاب حشدت الجماهير وأفرغت كل ما عندها من عبارات النقد للنظام اللاذع بكلمات وألفاظ حارقة في صورة تعكس ذاك الحنق والتشفي ظلت تختزنه أعواماً، ولكن السؤال الملح ثم ماذا بعد أن (شمت) النظام وطالبت برحيله ماذا ستفعل؟؟، فالجماهير التي تجمعت لتستمع لبرامج هذه الأحزاب ستمل هذه الاسطوانة المشروخة، ولن تأتي لتستمع لها مرة أخري إن اكتشفت إن هذه الأحزاب ليس لها برامج أو خطط تقدمها حلولاً للمشكلات التي تري تلك الأحزاب أن الحكومة تسببت فيها، لن تأتي هذه الجماهير حينما تتيقن أن هذه الأحزاب برنامجها فقط توجيه النقد والانتقاد للحكومة، وأن هدفها تعبئة الشعب ليعينها علي إسقاط النظام.

والشعب الذي جرب الأحزاب مرات ومرات لن يثق فيها ولن يقبل أن تصعد هذه الأحزاب علي أكتافه لتصل الي السلطة ثم من بعد ذلك تدير له ظهرها، ولن تلتفت إليه لأنها ستنشغل بتقسيم كيكة السلطة والثروة.

هذه الأحزاب حتي الآن لم تتحدث عن برامجها لإصلاح أزمات البلاد التي ذكرتها في خطبها، فكيف يثق فيها الشعب السوداني ويأتمنها في حكمه وعلي وطنه طالما هي خاوية في فكرها وتخطيطها وفشلت في أن تقدم له خارطة طريق لحل مشكلاته سواء أكانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، وهو ذات الفعل الذي فعلته حينما أتيحت فرصا ذهبيا إن تقدم برامجها خلال المنابر الجماهيرية والندوات السياسية واستخدام الأجهزة الإعلامية إبان الانتخابات السابقة.

وفشلت في أن تقدم برامج هادفة وركزت في خطبها علي انتقاد الحكومة ووصمتها بالفشل والعجز عن حل أزمات ومشكلات البلاد، لذا فإن الشعب السوداني الذي كشف ضعفها لم يمنحها أصواتاً تؤهلها للفوز بمقاعد البرلمان ناهيك عن الفوز بكرسي الرئاسة، وبعضها انسحبت وحفظت ماء وجهها حينما أيقنت أنها ستخسر أصوات الشعب، الشعب الذي تعول عليه الأحزاب الآن لإسقاط النظام وهو يري ويعلم جيداً ضعفها وهزالها، كيف يصدق هذه الأكذوبة وهو يدري أن فاقد الشئ لا يعطيه.

بعض هذه الأحزاب تركز علي (فكرة) تفكيك النظام، وأخري التفت علي الأمر بمطالبة بحكومة انتقالية تشارك فيها كل الأحزاب، والأغرب من ذلك أن البعض ينسج التصريحات ويبثها في فضاء الإعلام بان الرئيس البشير وافق علي الحكومة الانتقالية، فكيف يستقيم الأمر إن يصرح حزب بلسان حزب آخر، بينما هذا الحزب لديه الآلية وناطقة الرسمي الذي يمكن أن يبث عبره هذا الخبر، فمن غير المنطق أن يلتف الوطني ويبث أخباره عبر نافذة أخري خارج إطار الحزب، فهذه من الأخبار التي لا تصدق، لذا فان الشعبي الذي جاء الخبر علي لسانه سارع ونفي الخبر فربما جهات أخري لديها مصلحة أو لها الرغبة في أن يوافق المؤتمر الوطني علي تكوين حكومة انتقالية (لفقت) هذا الخبر حتي يكون واقعاً.

أتوقع أن تحدث انتكاسة لهذه الحرية السياسية بسبب سوء استخدام الأحزاب للحرية، فالأفضل لهذه الأحزاب ألا تضع فرصة وسانحة مناخ الحريات، وان تستخدمها لطرح برامجها، وأن تبعد عن المهاترات والسجلات السياسية وأن تجعلها بداية لدعايتها الانتخابية، حتي تقنع الشعب السوداني بجديتها وتثبت له أنها خياره الأفضل.. فهلا فعلت؟؟.

صحيفة الرأي العام
ع.ش[/JUSTIFY]