رأي ومقالات

د. عارف عوض الركابي : الجهل بأحكام الطلاق من أهم أسبابه

[JUSTIFY]تقارير رسمية أفادت أن نسبة الطلاق في مجتمعنا قد زادت وفي تصريح لأحد المسؤولين أفاد بأن حالات الطلاق في العام الماضي كانت بنسبة 20% ، وهذه الزيادة بلا شك لها أسبابها، وأسبابها كثيرة وعديدة منها ما يتعلق بمعرفة الحقوق والواجبات الزوجية ومنها ما يتعلق بقلة الخبرة والمعرفة والجهل ببعض الجوانب المهمة في الحياة الزوجية، ومنها ما يختص بأطراف أخرى غير الزوجين، من أهل الزوجين أو البيئة التي يعيشان فيها ، وغير ذلك، ومن أهم أسباب زيادة أعداد الطلاق وهو من الأسباب التي لا يتنبه إليها كثيرون جهل الزوجين بالأحكام الشرعية للطلاق.

فالطلاق له أحكام شرعية جاءت مبينة في دين الله تعالى، ولتلك الأحكام مقاصد عظيمة، وعند التقيد بتلك الأحكام الشرعية في الطلاق فإن حالاته ستقل بإذن الله تعالى؛ على سبيل المثال فإن الشريعة حددت وقتاً معيناً للطلاق، فليس لكل زوج أو زوجين رغبا في الطلاق أن يحققاه في أي وقت وزمان، فيحرم الطلاق إذا كانت المرأة حائضاً، كما يحرم الطلاق إذا كانت المرأة في طُهرٍ قد جامعها زوجها فيه، وهذين النوعين من الطلاق يندرجان في ما يسمى في الفقه الإسلامي بالطلاق البدعي، وعليه فإذا حصل الغضب بين الزوجين وحدث الانفعال، وأغلق على أحدهما أو كليهما ورغبا في إيقاع الطلاق في تلك اللحظات فإنه لا يمكنهما ذلك، حتى تطهر المرأة إن كانت حائضاً، أو تحيض ثم تطهر إن كانت في طهر قد جامعها فيه زوجها، فإذا انتظر الزوجان الطهر، أو الحيض ثم الطهر فإنه في كثير من الأحيان أو غالبها فإنه سيتغير الحال ويحصل الهدوء بعد العاصفة، وتسكن الأمور بعد ثورتها، ويتنحى من بينهما الشيطان، ويذهب الغضب وتتغير القرارات التي كانت قد اتُخِذَت في تلك اللحظات.

والمؤسف أن كثيراً من المسلمين قد شاهدوا في المسلسلات وقلّد بعضهم العامّة والجهال فأصبحوا يوقعون الطلاق في أي وقت رغبا فيه، وذلك من محرمات الشريعة، ولا يخفى المقصد الشرعي العظيم الذي راعته الشريعة الخاتمة الكاملة السمحة في تشريع هذا الحكم.

ومقابل الطلاق البدعي المحرّم يكون الطلاق السني وهو أن يطلق الرجل امرأته في طهرٍ لم يجامعها فيه أو أن تكون حاملاً، ولا شك أن هذين الحالين يختلفان عن الحالين في الطلاق البدعي، فكون الرجل يقدم على طلاق زوجته وهي في طهر لم يجامعها فيه أو هي في حال الحمل فإنه سيكون غالباً قد درس قراره أو درسا قرارهما وتأنيا في النظر فيه، وقد وجدت دواعي الاستمرار فرغم ذلك أقدما عليه.

ومن أحكام الطلاق التي يجهلها أو لا يستقيم عليها كثير من المسلمين «عدة المطلقة»، فالرجل إذا طلّق زوجته طلاقاً سنياً، فإن الزوجة في الطلاق الرجعي ورغم وقوع الطلاق فهي زوجة لها ما للزوجات وعليها ما على الزوجات، فيتوارثان ان مات أحدهما في وقت العدة، وتكشف أمامه ويجب على الرجل أن لا يخرجها ويحرم على المرأة أن تخرج من بيت زوجها وتعتد في بيت أهلها، فتبقى المطلقة في وقت عدتها في بيت زوجها وفي مكانها وتعيش حياتها التي كانت تعيشها من قبل، وإن رغبا في الرجوع وهذا ما يحصل في كثير من الأحيان عندما تقضي المرأة عدتها في بيتها، فإن رغبا في الرجوع قال لها رجعتُك، وبعض الفقهاء يرون أن مجامعته لها تعني رجوعها، ولو استقام كثير من المسلمين والمسلمين على حكم الله تعالى في تشريع العدة لقلّت حالات الطلاق، وهو المقصد الشرعي في ذلك، قال الله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا»، هذه هي الآية الأولى في سورة «الطلاق» وقد ختمها الباري الحكيم، الخبير بخلقه وما يصلح أحوالهم سبحانه وتعالى بقوله: «لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً»، والحاصل في كثير من الأحوال هو العكس إذ تذهب المرأة لبيت أهلها ويشتغل الكثيرون بالقضية ويتدخلون في ما لا يعنيهم وتحضر الشياطين الإنسية والجنية وتنفخ في النار ليزداد لهيبها وحرقها، وتكبّر الأخطاء من جهة الزوج وتصغّر أخطاء الزوجة، والعكس كذلك فيذهب الزوج لأهله أو يستضيفهم في بيته بعد أن خرجت من وجب عليها شرعاً أن تبقى، وقد يُخرج بعض الأزواج زوجاتهم إذ المُحكّم هو العاطفة والهوى، وللغضب سطوته وإغلاقه فلا احتكام للشرع ولا عقل ولا مروءة في تلك اللحظات التي يسيطر عليها الغضب.. فتكبر المشكلة ويتسع الخرق ويصعب الحل بعد تدخّل الكثيرين، وفرقٌ كبير بين الحالين في الالتزام بأحكام العدة الشرعية أو عدمها، وبلا شك فإن النتائج ستختلف..

والجهل بهذه الأحكام الشرعية مصيبته تتعدى الأزواج إلى أبنائهم وهم ضحايا لهذا الجهل وتتعدى إلى الأسر وإلى المجتمع فالطلاق يواجه آثاره المجتمع كله، فلنعتني بنشر العلم وليجتهد المدرسون والمدرسات والدعاة وخطباء المساجد في توضيح الأحكام الشرعية بالتفصيل وبيان مقاصد الشرعية التي حرصت على إلفة المسلمين عموماً وخصّت عقد الزوجية بأحكام خاصة فهو الميثاق الغليظ وشرعت له من الأحكام ما يحفظ بها لو استقام الناس عليها.. وكما قيل فإن الجهل عدو الإنسان..

صحيفة الإنتباهة
د. عارف عوض الركابي
ع.ش[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. شيوخنا اطال الله في اعماركم دائما تتوارون خجلا من الحديث عن الفساد فمواضيكم في وادي ومواضيع الخلق في وادي اخر !؟وارجو ان تعلم ان السبب الرئيسي في حالات الطلاق هو الوضع الاقتصادي البائس بالبلاد واينما دخل الفقر بيتا قال له الكفر خذني معك فالاسر السودانية معروفة بالتماسك والاخلاص منذ القدم لكن حدث العجب العجاب بعد ان استلم دفة القيادة وامور البلاد العايدين من الميل اربعين .