[JUSTIFY]
نبدأ بإسالة الدماء بسبب الصراعات الأهلية في غرب البلاد، وهو الشيء المؤسف جداً الذي يأخذ أحياناً الطابع القبلي وما هو بالأمر القبلي، وآخر حلقة من سلسلة مآسي هذه الصراعات ما حدث أمس الأول بين مجموعتين من أبناء المعاليا والحمر، وهذه الحادثة التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى وعمقت إيغار الصدور لا أحسبها حرباً قبلية باعتبار أن زعماء القبيلتين لم يقودوا هذه التفلتات بل هم عاكفون على العمل من أجل حسمها نهائياً. مهما كانت الأسباب، فالدولة بها شرطة ونيابة وقضاء بدرجات ابتدائية وعليا، وهذا النظام العدلي يغني عن وقوع الحوادث الدموية. فلتكن المقدامية في الجهاد في سبيل الله وفي الدفاع عن الوطن الكبير ـ القطر ـ والوطن الصغير ـ البلد ـ فلا يستقيم أن يموت المسلم من أجل الدنيا وقد فارقها فراق الطريفي لجمله. اخترت هنا هذه الكلمات لأنني حسبتها مشكلة لصياغة جديدة للتعليق على مثل هذه الحوادث التي تضاف إلى الأزمة الأمنية هناك، فوجدت أن أي تعليق بصورة غير هذه الصورة هو تكرار ممل، ثم نسأل ألا يرجو هؤلاء المتفلتون الذين ينسفون جهود إحلال التعايش السلمي ألا يرجون لقاء الله؟ أما بالنسبة للمسؤولية التي تقع على عاتق الدولة، فهي حماية كل القبائل والمجتمعات من أي عدوان يأتي من الداخل أو الخارج، الداخل مثلما يتعرضون لهجمات عصابات النهب المسلح والمتمردين، والخارج مثل العدوان الذي يواجهه من حين إلى آخر سكان حلايب في الشمال الشرقي للبلاد وفي أبيي بعد انفصال جنوب السودان. وقد ساءني جداً أن يرشح في الأخبار أن الاشتباكات بين الحمر والمعاليا كأنما كان يقودها زعيما القبيلتين المحترمتين. كلا، إن شيوخ القبيلتين يبذلان قصارى جهدهما لمعالجة أسباب الاشتباكات التي تقع بين مجموعة من هنا وأخرى من هناك. لذلك الأفضل أن نقول بأن الاشتباكات بين مجموعتين من أبناء الحمر والمعاليا. وأن هذه الاشتباكات قد أغضبت بالطبع القبيلتين. ويكفي دليلاً لما نقول أن عضو المجلس التشريعي لولاية غرب كردفان التي تقع فيها أكثر مناطق الحمر وهو السيد محمد عبد الرحمن قد اتهم مجموعات متفلتة رافضة لجهود الحل، أنها وراء خرق الاتفاق الذي حدد له مطلع الشهر القادم، كما أخبرت «الإنتباهة» وقال العضو التشريعي بأن ذات المجموعة التي قامت بالاعتداء هي نفسها التي عرقلت جهود الاتفاق السابق، وكلام محمد عبد الرحمن يوضح لنا أن القبيلتين تركزان على السلام الاجتماعي لكنهما تواجهان معاداة لهذا السلام والتعايش السلمي، إذن الاشتباكات ليست بين المعاليا والحمر وإنما بين عناصر بعضهم لا يريد للقبيلتين أن يعيشا مع بعضهما في وئام. وكان الأحرى إذن أن نقول بأن متفلتين مثلاً من القبيلتين أو إحداهما ينسفون جهود الصلح المبذولة لطي الخلافات. ليعني هذا أن واجب القبيلتين العريقتين هنا هو العمل المشترك لمحاصرة المتفلتين الذين يعرضون من حين إلى آخر دماء أبناء القبيلتين للسفك. ويقال إن تسع سيارات استخدمت في عمليات التفلتات يوم أمس الأول واليوم الذي قبله. وهذا يؤشر إلى أن الفتنة تأتي من أحضان مؤامرة لا يعيها كثير من الناس، لتكون إضافة إلى الأزمة الأمنية التي يعيشها الاقليمان المتجاوران في غرب وجنوب غرب البلاد. والاتهام الطبيعي يوجه إلى من هم وراء تلك الأزمة ومعلوم من هم.ذكرى مايو للمقارنة
تمر اليوم الذكرى الرابعة والأربعون لانقلاب العقيد جعفر نميري والرائد خالد حسن عباس والرائد مأمون عوض أبوزيد والرائد زين العابدين والرائد أبو القاسم. وإذا كان بعض قادة الأحزاب الآن يقولون نريد من هذه الحكومة أن تعيدنا إلى العام 1989م باعتبار المقارنة بين اليوم والأمس من نواحي الاقتصاد والأمن. فإن إطاحة حكم نميري كانت العام 1985م وإلى يوم 92 يونيو 1989م ساءت الأوضاع المعيشية والأمنية، ولم يقل أحد أعيدونا إلى عهد مايو إلى العام 1985 فقد كان الحال فيه أفضل من العام 1989م إذن ذكرى مايو للمقارنة.. إذا كانت ذكرى أبريل 1985 كذلك.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش
[/JUSTIFY]