محنة هيثم” سفير النوايا الحسنة مطلوب أمام لجنة الانضباط التابعة لنادي المريخ اليوم
لكن الآن يجد المشجعون متسعاً من الوقت لخيبة الأمل، ومبررات كافية لممارسة النحيب الجماعي، داخل المدرجات وخارجها؛ إذ لم يكن هيثم مصطفى في مكان توقعات الجماهير بالضبط؛ فقد خسر المريخ عدة مباريات، وفشل بكل سهولة في الترقي لبطولة الأندية الأفريقية، وهي كبرى المنافسات القارية، رغم وجود هيثم مصطفى بين كشوفاته، وظهوره بمستوىً ممتازاً في منافسات الدوري المحلي الممتاز الذي فاز به المريخ. ورغم فشل المريخ في الاستفادة القصوى من خدمات هيثم إلا أنه لا يزال هناك ما هو أسوأ خارج الميدان، حيث من المتوقع أن يمثل هيثم اليوم (الخميس) أمام لجنة الانضباط بنادي المريخ، غبَّ خلافات جمة مع المدير الفني السابق للفريق، الألماني مايكل كروجر، وظهرت المشكلات الآن متفاقمة للسطح بشكل ملحوظ في عهد أتوفيستر. خاصة بعد تغيب هيثم عن تمارين الفريق، لأسباب مشكوك في وجاهتها. فأشيع على نحو مرسل أن هيثم، المعروف في الوسط الرياضي بالانطوائية، انتبه أخيراً إلى أنه أخطأ في قرار الانضمام إلى صفوف فريق المريخ. ويظهر بذلك، كما لو أن هيثم كان ضحية للتفسير الخاطئ لمفهوم احتراف كرة القدم في السودان.
حصل هيثم المتفرغ للعب كرة القدم على مكانة مرموقة إبان وجوده في فريق الهلال لكرة القدم، ونال تلك الأبهة كعزاء نفسي للجماهير المحبطة من وفاة المحترف الأريتري الرشيق، يوهانس في العام 1994م. وهو العام الذي سبق وصول هيثم إلى صفوف الفريق. وبالنسبة لعدد من المشجعين فإن فريق الهلال كان وقتها في حالة تراجع مستمر، ونال هزائم متتالية، إلى أن جاء يوهانس، فعلقت عليه الجماهير آمالاً، لكن يوهانس توفي في وقت مبكر، فكان حتمياً أن تصنع الجماهير العزاء النفسي الذي يخلق توازنها عبر هيثم مصطفى، وسرعان ما توج “ملكاً للتمريرات السحرية غير المتوقعة”. وبالفعل، عادة ما تكون أهداف ناديه نتيجة تمريراته المتقنة للكرة، بالإضافة إلى مقدرته على الاحتفاظ بالكرة وتهدئة اللعب.
وبذلك تمددت كاريزما هيثم بشكل رهيب، وغدا لاعباً يعول عليه، ولم يفكر على نحو جاد في الاحتراف خارج السودان. حتى أن الاتهامات تشير إلى أنه تمدد للدرجة التي تؤهله للتدخل في إبعاد المدربين، واختيار تشكيلة الفريق التي يخوض بها المباريات.
لكن هذا ليس صحيحا بالنسبة للمدرب فتحي بشير قبيلة. يقول قبيلة، وهو المدرب المشرف على تمارين هيثم للياقة في السنوات بين 1994- 2008 ” كل مافي الأمر أن هيثم لاعب حقاني، وصاحب شخصية قوية لا تقبل الظلم”، ويضيف قبيلة وهو يتحدث لـ(اليوم التالي) “بإمكان هيثم أن يؤدي بصورة جيدة لمدة 5 سنوات قادمة، لأن هيثم يحافظ على لياقته مستمرة بشكل جيد”. ليس من المنتظر أن يكون قبيلة صادقاً في جملته الأخيرة، لكن يعد هيثم مصطفى من أكثر اللاعبين مشاركة مع المنتخب القومي، كما أنه حمل شارة القيادة لما يقرب من خمس سنوات، ويشير المراقبون إلى إنجازاته مع المنتخب، والفوز بكأس شرق ووسط أفريقيا سيكافا للمنتخبات عام 2006 في إثيوبيا بعد الفوز على منتخبات مثل أوغندا، كما قاد المنتخب لتصدر التصفيات العربية في لبنان والصعود إلى الأدوار النهائية، كما قاد المنتخب للوصول إلى نهائيات أمم أفريقيا بعد غياب دام لأكثر من 30 عاماً.
بالمقابل، كان لهيثم مصطفى، وهو يقارب الأربعين سنة، تاريخ حافل بالأزمات إبان وجوده في نادي الهلال، إلى جانب مشكلات جمة يكون عرضة لها داخل الميدان، منها اعتداء لفظي على لاعب المريخ السابق فيصل العجب، واعتدائه جسدياً على لاعب في فريق حي العرب بورتسودان حينما كان الفريق ضمن فريق الدوري الممتاز، وكانت شاشات التلفزيون قد بثت مشهد هيثم مصطفى وهو يركل قارورة المياه أمام دكة البدلاء، احتجاجا على قرار المدير الفني، كامبوس، بتبديله في واحدة من مباريات الهلال الأفريقية. وكانت آخر أزمات هيثم في الهلال مع رئيس النادي السابق، الأمين البرير، تلك التي انتهت به مشطوباً من الفريق، ومقيداً ضمن لاعبي فريق المريخ. وقال البرير وقتها إن هيثم “خميرة عكننة في الفريق”، وإنه سعيد بقرار شطبه، واعتبره “أفضل قرار إداري اتخذته في مسيرتي الإدارية”. فيما قال هيثم وقتها إنه تعرض للظلم، وإنه “… حانت اللحظة التي أترك فيها النادي”. وبالفعل، ترك فريق الهلال ووصل إلى فريق المريخ. وكانت لذلك ردود أفعال سيئة لدى جمهور الهلال.
الآن، بالنسبة للكثيرين من غير المتوقع أن يمثل هيثم، وهو سفير للنوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة، أمام لجنة الانضباط التابعة لنادي المريخ. ومع ذلك، تتساءل الأوساط ما إذا كان تداعيات التحقيق ستمضي معه إلى أبعد مما هو توبيخ ولفت نظر، وتصل إلى الإيقاف من اللعب لمدة عام. وفي كل الأحوال، فإن الزمن ليس في مصلحة هيثم.. ولا وجود لزمن مستقطع لصالح مسيرته الكروية.
صحيفة اليوم التالي
أ.ع