المدينة القديمة بطرابلس الليبية.. من شاهد على التاريخ إلى مستوطنة للبؤساء
وتعانى المدينة القديمة التي تروي عصور الفينيقيين والإغريق والرومان وصولاً للفتح الإسلامي والعهد العثماني ويلات الإهمال والتسيب، حيث باتت مستوطنة للمهاجرين غير الشرعيين والعائلات الليبية الفقيرة، وسط انتشار للجريمة والبطالة والفقر بها.
وتقع المدينة القديمة في وسط العاصمة الليبية طرابلس، وتعتبر المركز القديم لها الذي يطل على البحر المتوسط، وتحوي المدينة القديمة عددا كبيرا من المباني الأثرية والتاريخية والتي يعود تاريخ إنشاء بعضها إلى ما يزيد عن 500 عام.
وداخل بيت متهالك بإحدى الحارات القديمة تعيش السيدة الليبية “أم إبراهيم” مع أطفالها الخمسة في ظروف أقل ما يمكن قوله عنها إنها لا تليق بالنفس البشرية، حيث حرم أبناؤها من خدمات الصحة والتعليم، فالمكان يدل على مدى بؤس الحياة التي تعيشها المرأة مع أطفالها.
وتقول أم ابراهيم لوكالة الأناضول إن بيتها يتساقط في كل يوم وقد تعرض للحريق بسبب أعطال فنية بخطوط الكهرباء فضلاً عن أن أطفالها الخمسة مرضي بحساسية بالصدر جراء تآكل البيت والغبار فيه.
وتضيف أم ابراهيم “لا أتحصل إطلاقاً على أي منحة أو ضمان اجتماعي من الحكومة الليبية، باستثناء المساعدات الاجتماعية البسيط التي أتلقاها من فاعلي الخير، فضلاً عن أني لا أملك أي وظيفة تعيلني وأطفالي”.
وتخشي أم إبراهيم من انهيار منزلها المتهالك على رؤوس أبنائها في ظل عدم اهتمام الحكومة الليبية بأمرهم، وتردي الأوضاع المعيشية والإنسانية الصعب التي يعيشوها أطفالها.
ونفس الأوضاع الصعبة التي تعيشها أم إبراهيم تعاني منها مئات الأسرة الليبية في أحياء المدينة القديمة بطرابلس، حيث يعيشون وسط أكوام القمامة وانعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة.
وليس بعيداً عن أم ابراهيم، يعيش محمد الصويعي، وهو عسكري طرد من الجيش عقب انتهاء حرب ليبيا مع تشاد في تسعينات القرن الماضي، مع عائلته في بيت أيل للسقوط.
ويقول الصويعي لمراسل وكالة الأناضول إن “المعيشة في هذا البيت وهذه الظروف هو جهاد بحد ذاته”، مشيراً إلى عدم قدرته المادية لشراء او استئجار بيت لائق صحي خارج المدينة القديمة، وفشل جهوده الماراثونية مع الجهات الحكومية للحصول على مساعدات.
ويوضح أنه طرد من الجيش الليبي رغم جهوده التي بذلها في شبابه في الخدمة العسكرية، فيما لم توفر له الحكومة أي ضمان اجتماعي له ليعول به أطفاله.
ورغم الظروف الصعبة لمئات الأسر الليبية في المدينة القديمة، إلا أن المفارقة العجيبة إنها تقع قرب أهم المرافق التجارية والسياحية الحيوية بوسط العاصمة طرابلس.
ويقول عبد الله الثني عضو المجلس المحلي للمدينة القديمة “خاطبنا مراراً الحكومات المتعاقبة لإيجاد مأوي لعشرات الأسر الليبية التي تعيش تحت خط الفقر في أوضاع مزرية جداً بالحارات في المدينة القديمة”، موضحا أن كل جهود المجلس المحلي باءت بالفشل.
ويضيف الثني لمراسل الأناضول إن “أسوار المدينة تنم عن عراقة وحضارة المكان، إلا إن عدم الاهتمام والتسيب تسبب في تراكم المشاكل وتعقدها وخلق بيئة جاذبة للمهاجرين الغير الشرعيين والعمال والأسرة الفقيرة، مما انتج هذا الخليط الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات وشبكات الدعارة”.
ويقول إن “الأمر أصبح خارج سيطرة القوات الأمنية ويحتاج سلسلة قرارات شجاعة لمعالجته الأمر، فضلاً إن الهوية التاريخية للمعمار بدأت تتآكل وتهدم لتتغير ملامحها التاريخية دون أي اهتمام من الجهات الحكومية المسئولة”.
وتشير الإحصائيات غير الرسمية إلى تزايد أعداد الفقراء فضلاً عن هشاشة الطبقة الاجتماعية المتوسطة ، في ظل اعتماد غالبية المجتمع الليبي على الوظائف الحكومية والإعانات الاجتماعية ، فضلاً عن ضعف التنويع بالاقتصاد الليبي وقلة خبرة المهارات الفنية الازمة لسوق العمل .
ويبقي الأمر معلقاً لحين اتخاذ تدابير حقيقة من قبل الحكومة الليبية لانتشال مئات الأسر الفقيرة من وحل الفقر والبطالة و التهميش، والقضاء على شبكات المخدرات والدعارة ، فضلاً عن وضع حد لآلاف المهاجرين غير الشرعيين والذين يستوطنون أحياء وحارات بأكملها في المدينة القديمة.
[/JUSTIFY]
م.ت
[/FONT]