عالمية

فجر الخميس… كانت عائلة “الحاج” على موعد مع الموت بصاروخ إسرائيلي

وقف الشاب فتحي كُلاب (39 عاما)، على شرفة منزله فجر يوم الخميس الماضي، ليستنشق هواءً نقيًا، هربًا من الأجواء المتوترة وضيق منزله الذي لا تتعدى مساحته 100 متر في مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة. وما هي إلا دقائق معدودة حتى هز انفجار كبير أركان المخيم.

لم يدرك كُلاب للوهلة الأولى، ما الذي حدث في المكان، ليخرج مسرعًا من منزله الذي انهار جزءٌ كبيرٌ من سقفه على عائلته المكونة من 8 أفراد، حاملاً بيده كشافًا كهربائيًا لينير الطريق، قبل أن تتعثر إحدى قدماه في قطع حجارة تناثرت داخل منزله بسبب الانفجار الناجم عن قصف إسرائيلي استهدف منزلاً ملاصقًا لمنزله، ويسقط على الأرض.

ونهض كُلاب مسرعًا في أجواء امتلأت بغبار القصف الإسرائيلي الذي نفذته طائرات حربية من نوع (F16)، ليخرج من منزله لمعرفة المكان المستهدف، قبل أن يتفاجئ باستهداف منزل جاره محمود الحاج المكون من طابقين، وتدميره بالكامل.

وصعد هذا الشاب مسرعًا فوق أنقاض المنزل المدمر، تزامنًا مع وصول عدد من المواطنين القاطنين في الجوار، لإنقاذ ما يمكن من سكان المنزل وممتلكاته.

وقال كُلاب لمراسل “الأناضول”: “فور صعودي على أنقاض منزل عائلة الحاج، عثرت على جثمان الشاب طارق محمود الحاج، أشلاء مقطعة، وساعدني شباب المنطقة في انتشال جثمان، وبعدها مباشرة عثرنا على والده، لكن جسده كان منشطرًا لنصفين”.

وأضاف: “لم استطع مواصلة عملية الإنقاذ من هول المشهد، وعدت إلى منزلي لأتفقد أفراد عائلتي، ونقلتهم إلى منزل عائلة زوجتي خارج المخيم، بعدما أصيبوا بجراح طفيفة، جراء تساقط أجزاء من سقف المنزل عليهم، وتطاير الحجارة من شدة القصف”.

بدوره، قال عبد الله كُلاب (31 عامًا) شقيق فتحي، أثناء تفقده للأضرار الهائلة التي لحقت بمنزله جراء القصف الإسرائيلي العنيف: “على حين غفلة ودون سابق إنذار انقطعت الكهرباء، وانسحب السمع والنظر، ولم نستوعب ما حدث من هول القصف الغير متوقع لحي مأهول بالسكان”.

وأوضح عبد الله، وهو أب لطفلين، أنه “هرع مسرعًا لمكان القصف، وفور وصوله إلى أنقاض منزل عائلة الحاج، عثر برفقة من معه من المواطنين على جثامين أسماء الحاج زوجة صاحب المنزل المستهدف وأبناءه عمر ونجلاء، متفحمة بشكل كامل، وجسد الأبناء عبارة عن أشلاء”.

وتابع: “عثرت خلال عملية البحث على أشلاء كثيرة تحت الركام لا أعلم لمن تعود، ومكثنا من الساعة الواحدة فجرًا وحتى الخامسة إلى أن تمكنا من انتشال جثامين 7 شهداء لصاحب المنزل وزوجته وأبنائه الخمسة، لينجوا فقط الابن الأكبر ياسر (27 عامًا)، والذي كان خارج المنزل وقت الاستهداف”.

ووصف فتحي وشقيقه عبدالله المشهد داخل المنزل بأنه “بشع للغاية وصادم وغير متوقع، فلا يعقل أن يتم قصف منزل سكني في منطقة مأهولة، دون سابق إنذار وسط مخيم للاجئين يقطن به آلاف الفلسطينيين”.

وأكد الشقيقان أن القصف تم للمنزل دون تحذير مسبق، وطالبا بتوفير حماية دولية لمنازل المدنيين الفلسطينيين الآمنين خاصة داخل مخيمات اللاجئين، كما طالبا وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بتحمل مسؤولياتها وتوفر حماية للمدنيين كونها مسئولة عن المخيمات، والضغط على إسرائيل لتجنيب قصف المدنيين.

وتسببت الغارات العنيفة والمكثفة على مختلف أنحاء قطاع غزة، بمقتل 111 فلسطينيا، وإصابة 815 آخرين بجراح متفاوتة حتى الساعة 22:44 تغ، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.

رفح / هاني الشاعر / الأناضول