حوارات ولقاءات

عائشة الغبشاوي: قلت للرئيس حزبنا فيه منافقون ومتملقون

*عن راهن العمل السياسي في البلد وواقع العمل الدعوي والفقهي ومسارات الإسلام السياسي يجيء هذا اللقاء مع الدكتورة عائشة الغبشاوي. للحقيقة تختلف الآراء حول كل تلك القضايا، لكن بالتأكيد فإن الغبشاوي وبقدر ما اجترحت من آراء لم تبد خانعة لأي تداعيات فهي داعية مقتدرة وأستاذة جامعية وعضوة شرعية كما قالت لم تأت “بفيتو فلان أو علان”، لذا فإن إجاباتها جاءت على سجيتها، وكانت وهي تتحدث كأنما تقود فتوحات جديدة للإسلاميين وهم يتلمسون أولى طرق الإصلاح نحو الآخر بالحوار الوطني وثبة تأبي أن تكتمل.

أولا الدكتورة الغبشاوي؛ دعينا نبحث عن ملاذاتك هذه الأيام.. في أي شواطئ السياسة أم الفقه والدعوة؟

– أولا أنا أشكر صحيفة (اليوم التالي) وأتشرف بزيارتها، وحقيقة شهر رمضان أخصصه بصورة كاملة للدعوة واستجيب لأي دعوة تصلني من الأحياء والجامعات، وهي أيام أكون فيها متفاعلة روحيا كما أن الناس جميعا يحدث لهم هذا التغيير الروحي والسلوكي والعملي ويكونون أكثر استجابة لأي غرس من الكلام الطيب.

* البرامج التي تقدمها الدكتورة عائشة الغبشاوي في المنابر المختلفة لا تخلو من شعارات الإسلام السياسي.. ما رأيك؟

– أنا تقريبا وبالذات في الفترة الأخيرة التي شهدت تغيرات في الحياة السياسية والاقتصادية وتركت بصماتها على الإنسان وعلى شريحة كبيرة من الشعب السوداني أصبحت متأثرة بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة والعلاج وصعوبة التعليم لعدد مقدر منهم دفعتني لمعايشة هموم المواطنين والتخفيف عليهم والدعوة لكي نتسم بالصدق والعدالة في محيطنا، وأنا كثيرا ما أوضح للناس من خلال برامجي أننا كطبقة متوسطة نعاني مما يحدث في البلد على السواء، ودائما أستهدف الناس بالحديث ليخلصوا النوايا وإذا توفرت المعطيات الروحية فستأتي المعطيات المادية.

* برأيك بعد (25) عاما من خطاب الإسلام السياسي للإنقاذ هل حققت التغلغل والقبول القاعدي؟

للحقيقة أنا لا أستطيع أن أقول إن الإنقاذ لديها قبول جماهيري، فبالنسبة للمنتمين سياسيا لحركة الإسلام والتي انتمينا لها منذ المتوسطة كنا نعيش الأمل بأن يتحقق الإسلام الذي ندرسه ونتحدث به وكنا نتمنى أن نراه فعلا موجود في الواقع المعاش بالنسبة لنا، وكذلك في رأيي لو تم تطبيق الإسلام بمنهجه ومبادئه التي تدعو للحرية والعدالة ورفع الظلم عن الناس، لو تم تطبيقه طوال الخمسة والعشرين عاما الماضية من عمر الإنقاذ كان يمكن أن يتحول الشعب السوداني كله لحركة إسلامية، لكن للأسف حدثت صورة معكوسة أعتقد أن لها مسبباتها من الضغط الخارجي وقد يكون حدث تسرب في وسطنا من بعض الماسونيين الذين يحاولون تشويه صورة الإسلام، وعلى العموم هنالك تناقض كبير، فنحن نتحدث عن أننا إسلاميون ولكن لا نجد ذلك الإسلام المطلوب ولم يتنزل إلى حيز الواقع حتى اليوم.

* هل ترى الغبشاوي في الطائفية السياسية مانعا من تغلغل شعارات الإسلام السياسي؟

– لا، أبدا، أنا لا أحمل وزر هذا الأمر لأي شريحة من الشرائح الموجودة في المجتمع لا طائفية ولا صوفية أو غيرها، فنحن كنا نمتلك الكادر القوي في رائدات النهضة وشباب البناء وكل المنظمات الإسلامية التي كنت أتوقع عندما نمسك بزمام الأمور والحكم أن يصبح السودان بلد “تاني” لأننا كنا نحمل المبادئ في صدورنا وننتظر الوقت الذي ننزلها للتطبيق الحقيقي، وأنا إلى الآن ليس لديّ تفسير واضح لماذا حدث الذي حدث.

* هذا يقودنا لسؤال مهم: ماذا بقي من ذكريات عن المفاصلة؟ وهل أثرت في مشروعكم الإسلامي؟

– (بدت حزينة جدا قبل أن تجيب).. الواحد في حياته وأسرته تكون قد مرت به الكثير من الجوائح مثلا أنا عندي ابنتي توفيت في حادث حركة مفاجئ ونقل لي خبرها وأنا في الجامعة وكان حادثا أليما بالنسبة لي، بعدها توفيت والدتي ووالدي ومرت بي كثير من الحادثات، لكن لا يوجد حدث مر بي وزلزل كياني وجعلني أعيش في حالة عدم التوازن مثل المفاصلة، فهي كانت من أصعب الأمور التي مرت على كامرأة ذات توجه إسلامي وشعرت أن هنالك شيئا عزيزا قد شطر من نفسي وأنا أرى أنها ـ لأي إسلامي مخلص ـ كانت أمرا جللا وصعبا، فنحن كنا نعيش صدق إخاء لا أتصور أن الجيل الحالي قد يعيشه وأنا عندما أقول أخي في الإسلام فهو أقرب لي من شقيقي من ظهر أبي، وأتمنى أن يلتئم الجسم قريبا لأننا مازلنا نعض على “أخوتنا” في الإسلام بالنواجذ.

* وأثر المفاصلة على المشروع؟

– المفاصلة زلزت المشروع الإسلامي لأن الناس بعد ذلك انشغلوا بأنفسهم وانفلتت القيادة وأصبحوا يعيشون في خدعة “السابقين” و”اللاحقين” واضطربت الأمور في أيدينا وتركت أثرا كبير جدا يكفي أنها وصلت لمرحلة عقوق الأب، ولم نكن نتصور أننا سنصبح وزراء أو مديرين بل كل طموحتنا كانت أن يتحقق المشروع الإسلامي الحضاري ويرى الجميع تجربة وحقيقة الإسلام في الداخل والخارج، والمفاصلة جعلتنا ننشغل بأنفسنا والبعض يسعى لتوطيد أحواله.

* دعينا ننتقل إلى راهن العملية السياسية دكتورة الغبشاوي كيف تقيمين الحوار الوطني؟

– أعتقد أن الحوار الوطني مثل نقلة نوعية كبيرة جدا لنا في المؤتمر الوطني وأنا شخصيا رحبت بالحوار واستبشرت به خيرا وهو على الاقل جزء من فتح المنافذ للآخرين ودعوة لهم للتحاور في قضايا البلاد ووضعها في قالبها الصحيح، والحوار يعمل على تصفية النفوس وتنقية السرائر لأن القوي السياسية ظلت مشحونة بالغضب تجاه الحكومة، واستشعار وحمل المسؤولية.

* يرى لبعض أن هناك تيارا في حزبكم غير موافق على الحوار؟

– طبعا، وهو تيار المنتفعين بالوضع الحالي لأنهم يعلمون أن الحوار سيفرز القوي الأمين من كل الاتجاهات السياسية الذي سيحمل المسؤولية ويخشى فيها الله ويؤديها بحقها وأنا أتوقع ذلك، وقبل ذلك كنت قد قلت للرئيس البشير إن حزبنا فيه المنافقين والمتملقين والذين يبحثون عن الوظائف، نحن نريد المخلصين الذين يضعون دينهم وبلدهم ومبادئهم في حدقات عيونهم، هؤلاء هم الذين يتجه بهم السودان للأمام.

* برأيك ما هو السيناريو الذي أخرج النائب الأول السابق على عثمان ومساعد الرئيس السابق أيضا نافع من الحكومة؟

– أنا حتى الآن غير قادرة على فهم الوضع الحقيقي لخروج هؤلاء وطبعا في المخيلة الشعبية إنو مافي شي فطير ولابد أن أي عمل لديه أسس ينطلق منها فعلي ونافع من الكوادر العريقة والقوية ولها أثرها وربما يعملان الآن من خلف الكواليس في عمل كبير جايي.

* برأيك كيف يسير الإصلاح في المؤتمر الوطني؟

– الإصلاح يحتاج لنوع من قوة الإرادة وقوة النفس ورباطة الجأش، وعلى الجميع أن يهيئوا أنفسهم وأن يدركوا أن الإصلاح عملية جراحية عويصة ستحمل أنباء مؤلمة للكثيرين، وكذلك فإن الأخطاء التي حدثت لن يسامحنا عليها الناس وسيحاولون وضعها أمامنا، ومن جانبنا علينا أن نقر أن الإصلاح يحتاج لصبر ومثابرة وأن نتحمل الابتلاءات وهي كلها بما كسبت أيدينا.

* ألم تتألمي لخروج غازي من حزبكم؟

– طبعا زعلني كثيرا.

* كيف تقرأين خروجه؟

– غازي في الفترة الأخيرة كان يسمع أكثر مما يتكلم من خلال مراقبتي له في المكتب القيادي، لكن بعد أن قدم مذكراته الأولى والثانية والثالثة وعندما لم يأته رد من الجهة الأخرى أعلنوا انسلاخهم من الحزب، وللحقيقة فإن خروجهم هو الذي حرك قضية الإصلاح وبدأ الحزب ينظر إليها بصورة واقعية وفي الآخر تبناها وهذه حسنة كبيرة، أما غازي نفسه فيملك خطة إصلاحية كبيرة للبلد.

* دعينا نتحدث قليلا عن العملية الشورية والتنظيمية في حزبكم، كيف تبدو جلسات المجلس القيادي؟ هل تتمتع بالشورى؟

– بالتأكيد فيها شورى ولا شك أن أي عضو في المكتب القيادي يأخذ فرصته كاملة، ولعلمك فإن بعض الاجتماعات تشهد مناقشات حادة ويرمي البعض الآخر بأحاديث واضحة يكون قبولها ليس بالأمر السهل.

* البعض يرى أن الرئيس البشير هو المسيطر على اجتماعات المكتب القيادي بصفته رئيسا للحزب؟

– لا على العكس تمام الرئيس رجل طيب جدا وسريرته على لسانه وليس له ظاهر وباطن، وفي اجتماعات المكتب القيادي يستمع للأعضاء إلى الآخر، صحيح أنه في بعض الأحايين يختلف معه الآخرون لكن في النهاية هو يريد إصلاح البلد، ولعل الخطوات التي اتخذها مؤخرا في الوثبة والمناداة بالإصلاح والحوار كلها خرجت منه وتصدى لها بقوة، وما تفتكر أن مسألة الإصلاح هذه اتت كمخاض سريع وسهل، بل كانت عملية عسيرة جدا انتصر لها الأخ الرئيس في الآخر، وكذلك الحوار، لذا فإن مسؤوليات المكتب القيادي كبيرة والقضايا التي يناقشها مصيرية ونحن أمام تحديات داخلية وخارجية والتمرد ينبت كرؤوس الشياطين هنا وهناك، وإذا لم يتصد المكتب القيادي لهذه القضايا فمن يتصدي لها؟.

* في ناس بقولوا حزبكم فيهو شلليات مجموعة فلان وشلة علان؟

– أنا لست من العميقين في هذا الجانب ودخولي لمؤسسات الحزب تم بالانتخاب الحر المباشر من قواعد حزب المؤتمر الوطني وليس فيها من الاتهامات بالتزوير التي تترى هنا وهنالك، لذلك فإن عضويتي في المؤسسات ما في زول رشحني فيها وما في قيادي زكاني ليها وأنا أعتبر نفسي ممثلة لأولئك الذين أعطوني أصواتهم وهي ما ولدت فيني الحديث بالجرأة وأن أتكلم بما يرضي الله سبحانه وتعالى وما يرضي ضميري وما عارفة إخواني يصنفوني صاح ولا غلط، الله أعلم.

* جلسات مجلس الشورى تنعقد لأيام لكن مقرراتها لا تلبي طموحات قواعدكم في الغالب، أين الإشكال؟

– مجلس الشورى يطرح كافة المواضيع مثل تقارير المكتب القيادي والتنفيذي والبرلمان ويضع في أجندة الاجتماعات دائما القضايا المصيرية مثل ملف الاقتصاد ويتم النقاش على ضوء ذلك بصورة قوية وتخرج بتوصيات جميلة، فالشورى كممارسة تسير في الطريق الصحيح لكن إلى أي مدى تلتزم القيادة بمخرجات الشوري؟ أنا أشعر أنها لا تطبق وإذا طبقت فستكون لصالح المواطن السوداني، لا شك.

* برأيك كيف تتم إقالة الولاة؟

– في الغالب تتم إقالة الولاة تلبية لرغبات القواعد، وحراك مجتمع الولايات نفسه إذا كان يتمتع بالاستقرار السياسي أو لا.

* وما هي توقعاتك للمؤتمر العام القادم لحزبكم؟

– أنا في رأيي الله يستر من المؤتمر العام الجايي ويبعدنا ربنا من الشقاق والنفاق في المؤتمر القادم وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخرطوم – حسن محمد علي-اليوم التالي

‫2 تعليقات

  1. أحسنتي .. اعتقد انها من القلائل المتبقي من الصادقين والله اعلم بما في الصدور ..

  2. بعد 25 سنة جاية يا دكتورة تقولى ان حزبكم فية المنافقين والمنتفعين والمتملقين الذين يبحثون عن الوظائف 25 سنة 25 سنة يا دكتورة .. واين كنتم خلال هذة الفترة التى تم فيها مص دم الشعب الغلبان الشقيان واصبح الشعب السودانى فئتين فقط فئة تعيش فى كافورى وعربات واملاك وارصدة فى البنوك داخل وخارج السودان والفئة التانية التى تجرى وتلهث بعد الفطور عشان توفر حق الغداء او العشاء اما حق العلاج والتعليم وما الى ذلك فدى خالينها على الله .. واين كان الدين والاسلام والاخوة فى الاسلام التى تتحدثين عنها ؟ كفانا يا ناس الانقاذكفانا كذب ونفاق وضحك على الدقون .. والله العظيم كفانا وما تفقعوا مررارتنا اكتر ما هى مفقوعة…
    وطبعا الكلام دة وفى التوقيت دة بالزات ما ح يفوت على فطنة المواطن الكادح الغلبان .. المخلصين الذين يضعون دينهم وبلدهم فى حدقات العيون ديل طبعا المقصود بيهم الترابى وجماعتوا ودة تلميع ليهم عشان يلحقوا ياخدو نصيبهم من الكيكة (دة لو فضلتوا فيها حاجة انت وجماعتك ) ويواصلوا لل25 سنة القادمة … ولك الله يا سودان ولك الله ايها الشعب السودانى الفضل ………..