منوعات

ملايين الفتى الطائر، وفقر مرسي الزناتي!


يطرح رحيل الفنان المصري، سعيد صالح، تساؤلات كثيرة عن حقيقة ومعنى ما قد يصل إليه الفنان في نهاية حياته، أو من هي الجهة التي تحاول أن تطبع تاريخ صلاحيته، وتجعله أسيراً للمرض والوجع والفقر! ترى في غيره نجماً يستحقّ التكريم وصرف ملايين الدولارات على عمل لا يأتي بإجماع!

سعيد صالح الذي اكتسب الفنّ بفطرة ظهرت من خلال الأدوار التي قدّمها، أبعدته عن التكلّف يتوقّف عمره فيموت فقيراً، ولا يحضر جنازته سوى قلّة، بعيداً عن رفاق دربه، وأولهم عادل إمام، الذي شكل إلى جانبه ثنائياً كوميدياً مميزاً في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
لم يعش سعيد صالح حياة ورديّة، كما هي الحال بالنسبة إلى زملائه. كان مواطناً عادياً، أكثر منه ممثّلاً، يحاكي لغة الناس، وينتفض على القمع، ويقف ضدّ الظلم في أعماله، يباغت السلطة بارتجالٍ قاس. بقي حتى يومه الأخير يحاول مقاومة المرض، فيقوى عليه في أدوار حفظت له ماءَ وجهه، في السنوات الأخيرة.

وفق معلومات خاصة، فإن أحد البرامج التلفزيونية اللبنانية فكّرت في استضافته خلال الشهر الكريم لمساعدته ماديّاً عبر الأجر الذي سيتقاضاه، لكنّ وضعه الصحي منعه، وألغى مجيئه في اللحظات الأخيرة، وفي المقابل كان صديقه وزميله، عادل إمام، يبسط جناح الفتى الدونجواني الطائر، في مسلسل “صاحب السعادة”! مفارقة بشعة، أن يلعب عادل إمام بملايين الدولارات واحداً من الأدوار التي أجمع النقاد على وصفها بالهزلية والتهريجية، مقابل أن يكون زميله الأوحد يعاني العوزَ بسبب المرض، وبالتالي يصرّ المنتجون على التعاطي بانتقائية وفق مصالحهم الضيقة والخاصة بين النجوم، ويعولون على مشاريع يقال إنها تحقق لهم أرباحاً، لكنهم يُصدمون بفشلها، ويكابرون (عادل إمام وغيره)، وتأتي النتيجة عكس المتوقع.
من دون شك، فإن انقلابات العالم العربي باتت تؤثّر بشكل أو بآخرعلى النوعية، في الفنّ والتعاطي مع نجوم بنوا قاعدة هذا الفنّ الجميل في سنوات الهدوء العربي الحذر، وهذا ما انعكس سلباً على تاريخهم ومنهم سعيد صالح، فما بين تحليق “الفتى الطائر” عادل إمام، الكسب والراحة، والرفاهية، يموت سعيد صالح “الزناتي” على فراشه الخالي، في منزل موحش إلا من ابتسامة زوجته وابنته.

دمعة وابتسامة لا يفهمها كثيرون!

ربيع فران -العربي الجديد