رأي ومقالات

أ. د. محمد يوسف البر : من المسؤول عن غرق الخرطوم كل عام؟

[JUSTIFY]هذا في رأيي سؤال مهم والإجابة عنه هي الأخرى مهمة وذلك حتى نحدد من المسؤول؟ ومن ثم تتم محاسبته دون مجاملة.

إن الأمطار وفصل الخريف ليس شيئاً مفاجئاً وإنما هو معروف لدى الجميع. وكيفية تفادي أضراره ومخاطره هي الأخرى معروفة. والوقاية خير من العلاج. ولنا في السودان مهندسون لا يعوزهم العمل الهندسي. ولنا جامعات كل عام تخرج أفواجاً من المهندسين ومع كل هذا تغرق عاصمتنا ومدننا وشوارع في كل أنحاء القطر تغرق كل عام جراء الأمطار. من المسؤول عن هذا، السلطة أم المواطن؟ أم أن المسؤولية مشتركة. معروف على مستوى العالم أن الأمطار مواسم خير ونماء بل في بعض الأقطار ذات الاهتمام والصرف تغسل الأمطار الشوارع ويحلو للمواطن أن يخرج عقب هطول الأمطار للاستمتاع بجو صحو. وهنا في السودان الأمطار تخيف المواطن لأنها تهدم المنازل وتقطع الطرق والكباري وتحطم المطارات مثل مطار الشهيد صبيرة الذي لم يكتمل ولكن الرياح والأمطار هشمته. نحن في السودان نعمل كل عمل بدون إتقان مع أن اللَّه يحب إذا عمل أحدنا عملاً أن يتقنه، وإلا لماذا تنهار المنازل وتقطع الطرق وتخرب المطارات. بعض الطرق عندنا في العاصمة عندما تهطل الأمطار يصبح الأسفلت عبارة عن حفر تتجمع فيها مياه الأمطار والشارع كله حفر عميقة واضحة للعيان. كيف تم استلام الشارع وكله حفر، كيف تم استلامه من الشركة المنفذة بواسطة الشؤون الهندسية؟ لا بد من محاسبة الذين يهدرون أموال الشعب والذين يشيدون أعمالاً هندسية لا تصمد أمام الأمطار.

وللعظة والعبرة أسوق هذه القصة. يقال إن الرئيس شاوسيسكو استدعى مهندساً ماهراً لتشييد كوبري بارتفاع معين حتى تمر تحته شاحنة بارتفاع معين. وعند افتتاح الكوبري مرت الشاحنة ولامست الكوبري. فما كان من الرئيس شاوسيسكو إلا أن أمر بالمهندس وتم شنقه تحت الكوبري. ذلك لأن المهندس أهدر مال الشعب ولم يقم بالعمل بالمواصفات المطلوبة حسب التعاقد معه. نحن الآن نهدر أموال الشعب السوداني ولا تتم المحاسبة ولا حتى لفت النظر ويترتب على ذلك أن تهدم المنازل وتتعطل مصالح الناس ويحجز المسافرون للساعات الطوال. نحن في حاجة إلى شفافية وفي حاجة إلى أن نكون في مستوى المسؤولية. كل عام تفشل الإدارات في عمل اللازم نحو شعبها ولا تزال تجلس على الكراسي الوثيرة، كراسي الحكم ولم نسمع أن مسؤولاً واحداً استقال وأسف على تقصيره في حق أمته.

أصبحنا سخرية لدى العالم وأصبح العالم يضحك علينا ويضعنا في أول قائمة المفسدين. قطر شاسع واسع له مقدرات هائلة. ولكن للأسف عليه إدارات فاشلة.

بل عليه على مر الأزمان بعد الاستعمار حكومات فاشلة. وأصبح المواطن يقول، يا حليل الإنجليز، ذلك بسبب فشل الوطنيين. الفشل في كل شيء. إدارات وحكومات لا تستطيع أن تقي عاصمتها الأمطار، بل الأمطار تدلف إلى المطار من عرشه وليتها كانت سيولاً تقتحم المطار. إدارة تغمر مطارها الأمطار هذا لا يحصل في الدول التي أقل منا فهماً وعلماً وتجربة. ونحن الذين صدرنا المهندسين إلى العديد من الدول.

وقامت نهضتها على أيدي سودانية في علم الهندسة. اسألوا دول الخليج عن المهندسين السودانيين في البلديات كيف هو همهم وعملهم. واللَّه ليس هناك عيب أكثر من هذا.

المطار له إدارة هندسية لماذا لم لم تستقل اليوم قبل غد. ولماذا لم تحاسب على الذي يجري. واللَّه لو كان هناك سوداني خارج بلاده وسئل عن هذا لقال «ملعون أبوكي بلد».. ومعه في ذلك حق لأن يشاهد في الخارج كيف أن كل مسؤول قلبه على بلده إلا مسؤول السودان. وطن يجلس على قمته ناس غير مسؤولين وذلك في كل الحقب منذ «1968م» وذلك عندما دخلت العاصمة طالباً في وادي سيدنا الثانوية. كل عام يمر على العاصمة تغرق وتهدم المنازل… إلخ. والناس في خوف وفي جوع. وليس هذا في العاصمة وحدها بل كل أقاليم السودان.. القضارف ـ كسلا ـ همشكوريب ـ والمتمة.. والقائمة تطول. باللَّه عليكم أين الدولة.. أين المهندسون.. أين كليات الهندسة.. أين المجالس التشريعية.. أين.. أين… إلخ.

وإذا قلنا خلاص كفاية هذا ولا داعي لكثرة النقد. فإن فصل الخريف سوف يأتي السنة القادمة، ولا بد من الاستعداد له مبكراً أي عند نهاية هذا الفصل.

قبل يومين وجدت مهندساً يفتح مجرى لتصريف الرياح قلت له في سخرية يا باشمهندس هذا لا يفتح الآن وإنما يفتح في نهاية الخريف ومبكراً. وأخيراً أقول المواطن مسؤول لأنه يجعل المجاري مكباً للنفايات والأوساخ مما يدل على عدم تربيته الوطنية. فيا حكومة لا بد من تربية وطنية لكل من الموظف «المهندس» وغيره، وتربية للمواطن الذي يسهم هو الآخر في خراب السودان.
واللَّه ولي التوفيق

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. والله مافي زول مسئول – الناس دايرة ليها فرصة تهاجم الحكومة – السبب قدر الله امطار غير مسبوقة في تاريخ البلاد و بلد فقيرة بيوت اهلها من طين – اكواخ طين في العاصمة – الا اذا عايز تقول لي ليه الحكومة ما بنت الشوارع و البيوت و الكباري زي باريس و لندن – طبعا برضو واحد ح ينط يقول لي القروش في لكن اكلوها !!!