وزارة الداخلية بدولة قطر تصدر قانون الكفالة الجديد قبل نهاية «2015»
وتطرق العميد ناصر السيد في حوار خاص أجرته الوطن إلى مشروع القانون الجديد حيث وصفه بأنه مشروع ممتاز من شأنه أن يلغي ظاهرة الاستغلال تماماً وأكد أن القانون لن يصدر إلا بعد أن يدرس بعناية فائقة لتفادي أي ثغرات قد تظهر فيما بعد، مشيراً إلى هذا القانون قد يصدر في هذا العام أو العام المقبل. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
بداية، ما هي أهم أسباب ظهور المتاجرة بالتأشيرات كإحدى صور الإتجار بالبشر في دولة قطر وما مدى حجم هذه الظاهرة؟
– إن جريمة الإتجار بالبشر منتشرة في جميع أنحاء العالم، ويقصد بها الاستغلال بكافة صوره من خلال ممارسات إجرامية ومنها العبودية وتجارة الأعضاء والخدمة القسرية والأنشطة الإجرامية والمتاجرة بالجنس بكافة أشكالها وغير ذلك وفي دولة قطر أو في باقي الدول العربية والإسلامية التي تلتزم بقيم ومبادئ إنسانية عالية، فإن هذه الحالات تعد أقل انتشاراً عن باقي دول العالم، لكن هناك ظاهرة الاستغلال من خلال المتاجرة بالتأشيرات، فدولة قطر باعتبارها من إحدى الدول التي تشهد نهضة عمرانية واقتصادية ما جعلها قبلة للوافدين من جميع أنحاء العالم والذين يرغبون بالعمل فيها لتحسين مستوى معيشتهم، تواجه اليوم تجارة عنوانها الاستغلال والنصب وهي المتاجرة بالتأشيرات مقابل مبالغ مالية طائلة مما يستدعي الجهود الكبيرة لمواجهة انتشار هذه التجارة.
تصنيف المتاجرة بالتأشيرات
هل تدخل المتاجرة بالتأشيرات لقاء مبالغ مادية طائلة، ضمن جرائم الإتجار بالبشر وكيف يتم تصنيفها؟
– عموماً عملية بيع التأشيرات لا يمكن أن نطلق عليها جريمة إتجار بالبشر، لكن يتم تصنيفها ضمن هذا العنوان في حال تم صدور حكم من المحكمة بذلك، قد يتم القبض على جهة معينة، شبكة أو شخص ما يمارس الإتجار بالبشر ولكن حكم المحكمة هو من يحدد، وإلا فإن هذا العمل يصنف تحت تسميات أخرى. ونحن لا توجد لدينا أحكام بقضايا تتعلق بالإتجار بالبشر، لكن هناك حالات استغلال للأشخاص من خلال بيعهم التأشيرة وهذا موجود على نطاق عالمي بحيث لا يخلو أي مجتمع من هذه الظاهرة وتتم عملية الاستغلال هذه خارج أراضي قطر، أي بيع التأشيرة وقبض المبلغ من الشخص الذي يرغب في القدوم إلى قطر ولكنه عندما يصل يتفاجأ بأن الشركة وهمية أو بصرف صاحب العمل له باعتبار أن لا وظائف لديه، وقد وصل عدد الشكاوى التي تم استقبالها بتهمة المتاجرة بالتأشيرات إلى 165 حالة، هذه القضايا لا يطلق عليها اسم جريمة الإتجار بالبشر ولكنها شكل من أشكاله.
لكن هناك دول تعتبر أن المتاجرة بالتأشيرات من ضمن جرائم الإتجار بالبشر؟
– أجل، هناك دول عديدة لديها قوانين تشير إلى ذلك، لكن في قطر الأمر مختلف، حيث لا بد من وجود أركان معينة تحدد نوع الفعل، فمثلاً استغلال الضحية برضاها لا يمكن تسميته جريمة ولكنه استغلال.
الوقاية من الجرائم
ما أهمية اللقاءات التشاورية ومنها اللقاء الذي أقامته المؤسسة القطرية للحماية والتأهيل الاجتماعي وغيرها التي تشاركون فيها باستمرار فيما يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر وكيف تستفيدون منها؟
– إن أهمية هذه اللقاءات التشاورية التي تعقد بين الفينة والأخرى تعتبر درعاً واقية من هذه الجرائم، فمن الملاحظ انتشار جرائم الإتجار بالبشر مؤخراً في كثير من الدول وخاصة الدول المجاورة بعد أن كانت هذه الظاهرة شبه غائبة تقريباً عنها وأخذت في التزايد، لذا فنحن نستبق احتمالات انتشار هذه الجرائم في قطر، لذا نكثر من عقد مثل هذه اللقاءات.
ما هي أكثر الجنسيات التي تتعرض لعملية الخداع في موضوع التأشيرات؟
– دائماً مواطنو الدول الفقيرة، التي تعاني من الجوع وانتشار الأمراض والتصحر والفيضانات والبراكين يسعون إلى الهروب لتحسين مستوى المعيشة لديهم ولأهاليهم، على هذا الأساس فإن هؤلاء الأشخاص يكونون مستعدين لبيع كل ما يملكون من أراضٍ ومنازل من أجل الحصول على التأشيرة والسفر إلى الخارج، حتى أن عملية بيع التأشيرات قد تحصل بين أبناء العائلة الواحدة، إذن هي ظاهرة معروفة.
العمالة السائبة
هل تعتبر مشكلة العمالة السائبة إحدى نتائج عملية المتاجرة بالتأشيرات وكيف يتم التعامل مع هذا النوع من المشاكل؟
– إن عملية بيع التأشيرات مخالفة للقانون،لأن هذه التأشيرات عادة تدفع لها مبالغ رمزية، لكن هنا يتم استغلال حاجة الأشخاص إليها، المشكلة تكمن لو وصل الوافد إلى الدولة واكتشف أن الشركة وهمية أو أن صاحب العمل قال لا يوجد لديّ عمل وطلب من الضحية أن يذهب ليعمل في أي مكان لقاء دفع الأخير نسبة من راتبه لرب العمل، هنا نحن ننتقل إلى موضوع العمالة السائبة.. فهذا الشخص لا يوجد لديه مسكن ولا مصدر ثابت ولا راتب، إذن هنا يلجأ إلى ارتكاب الجرائم مما يجرنا إلى موضوع آخر، نحن من منطلق أخلاقي نساعد هؤلاء الأشخاص باعتبارهم ضحايا تعرضوا للنصب والاحتيال ونقدم لهم كافة الرعاية التي يحتاجونها، بينما الآلية التي تنفذها دول أخرى هي معاقبتهم وإبعادهم عن البلد.
عقوبة تجار التأشيرات
ما هي العقوبات التي تنفذ بحق تجار التأشيرات عندما يتم اكتشافهم؟
– يتم بسهولة التعرف عليهم وذلك من خلال حملاتنا التفتيشية على مدى الـ24 ساعة ويتم ملاحقتهم قانونياً وإحالتهم إلى القضاء، فبمجرد أن نكتشف من خلال نقاط التفتيش الموزعة لدينا وجود عمالة لا عمل لها، يتم التأكد من الشركة التي استقدمتهم ويوجد تنسيق بين وزارة العمل وبيننا فيما يتعلق بالشركات، فهناك شركات موجودة أساساً بالحظر ويتم معرفة ذلك من خلال نظام السيتسم لدينا وبعض الشركات تقوم بالتفتيش وإذا تبين أن الأشخاص تم استغلالهم والشركة وهمية يتم نقل كفالتهم خلال أسبوع كحد أقصى وقد بلغ عدد الشركات التي تمت إحالتها إلى النيابة العامة 51 شركة وعدد القضايا المسجلة في تهمة المتاجرة بالتأشيرات بلغ 84 قضية. كما أن هناك أشخاصاً صدرت بحقهم أحكام بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعدد هذه الأحكام بلغ 43 حكماً وهم مقيمون في قطر ومن الجنسية نفسها لضحاياهم وذلك بنسبة 99 %.
وما سبب استقطاب تجار التأشيرات لأبناء من جنسيتهم تحديداً؟
– غالباً يستقدم الشخص الضحايا من أبناء بلده والسبب في ذلك يعود إلى عوامل عديدة ومنها معرفته بالبلد وسهولة إحضارهم، مع وجود سماسرة هناك يتقاسم معهم الأرباح..نحن نركز على هؤلاء الأشخاص لأنهم يسيئون إلى سمعة الدولة أمام المحافل الدولية، إضافة إلى أنهم يسببون عدم استقرار وخللا بالأمن، لأن ترك الضحايا من دون معيشة وسكن وراتب يخل بالأمن.
لو اكتشف العامل عند وصوله إلى قطر أنهم تعرض للنصب وبالتالي لا وظيفة لديه، هل يمكن أن يبادر بنفسه إلى أي جهة أمنية ليعرض حالته؟
– طبعاً، هناك عمال يذهبون إلى أقرب نقطة لإدارة البحث والمتابعة بأنفسهم ويشرحون تعرضهم للاستغلال ويتم حل قضيتهم بسرعة ومساعدتهم.
وما هي الإجراءات التي تتخذونها عند اكتشاف الضحايا، كيف يتم التعامل معهم؟
– بمجرد أن نكتشف وجود ضحايا تعرضوا للاستغلال والنصب، نعمل في غضون فترة لا تزيد على أسبوع على توفير وظائف لهم ونقل كفالتهم إلى أي جهة يرغبون فيها وفي حال عدم توفر وظيفة للضحية وقد بلغ عدد العمال الضحايا الذين صدر بشأنهم تعليمات نحو نقل كفالتهم إلى جهات عمل أخرى 1043 عاملا.
وقد نضع العامل أمام خيار المغادرة إلى بلده في حال لم يرغب بالحصول على الوظيفة التي توفرها له وزارة الداخلية، خاصة أن في قطر شركات عديدة تحتاج إلى عمالة، فعملية تدوير العمالة الموجودة في الدولة أمر ممتاز ونسعى له دائما فبدلا من أن تلجأ هذه الشركات إلى جلب يد عاملة من الخارج، تستعين بالعمالة المهنية والمتخصصة هنا وعملية إبعاد الضحايا من قطر بالقوة غير واردة لدينا، حتى أن الأشخاص الموجودين في حجز البحث والمتابعة الذين صدرت عليهم أوامر من المحاكم فهم مخيرون في المغادرة إلى أي دولة في العالم، نحن نحل الموضوع بطريقة إنسانية.
هل يمكن القول إن أغلب هؤلاء الضحايا هم من جنسيات آسيوية؟
– تقريباً، بحكم القرب الجغرافي من دول وسط وجنوب إفريقيا، آسيا وشرق آسيا، أي الدول التي تعاني من الفقر والجوع، فدائماً هؤلاء هم أكثر الأشخاص عرضة للنصب، بسبب حاجتهم الشديدة للهرب من الفقر والنزاعات داخل الدولة، البعض يهاجر إلى أوروبا وأميركا ودول الخليج.
مشروع القانون الجديد
بالحديث عن مشروع القانون الجديد، هناك من يقول إنه سيتأخر أكثر مما هو متوقع.. هل هذا صحيح؟
– لم تنته بعد الدورة التشريعية التي يمر بها مشروع القانون الجديد ولكن حين تنتهي هذه الدورة سيصدر، قد يتم ذلك هذا العام أو العام المقبل، أي بمجرد أن تنتهي الإجراءات القانونية كعرضه على مجلس الشورى وغرفة التجارة والصناعة في قطر.
هل سيقضي هذا القانون تماماً على قضية استغلال الأشخاص وينهي السلبيات التي تحدثنا عنها؟
– أؤكد أن هذا المشروع تتم دراسته بعناية فائقة وهو مشروع ممتاز سينقلنا من نظام الكفيل والمكفول الذي بدأ العمل فيه منذ عام 2009 إلى مرحلة جديدة تساوي في الحقوق بين صاحب العمل والعامل نفسه، حيث ستكون طبيعة العمل تعاقدية بين الجهتين، كما هي الحال في قوانين معظم الدول العالمية.
هناك دول خليجية تحضر لمشاريع قوانين مشابهة.. هل ستكون قطر السباقة في إصدار المشروع؟
– القضية ليست من يسبق من، نحن لا نريد أن نستعجل في إصدار القانون لتظهر فيما بعد ثغرات وسلبيات فنضطر إلى تعديله، عندما تكون نصوص ومواد المشروع جاهزة بعد مناقشتها بعناية سيتم إصدار القانون فوراً.
صحيفة الوطن القطرية
ش ص