تحقيقات وتقارير
السودان: التعدين التقليدي بين ايجابيات مكافحة الفقر وسلبيات التلوث البيئ
تأثر السودان بنطاقات بنيوية إقليمية ذات أهمية، ترسب من خلالها العديد من المعادن، تحتوي هذه الاتجاهات البنيوية، علي مؤشرات لاحتمالات معدنية عديدة واعدة . هذا وتتنوع الرواسب المعدنية حسب الصخور المضيفة لها فمثلا تتركز خامات المعادن الفلزية النفيسة والأساسية في صخور معقد الأساس وتتركز المعادن الصناعية قي صخور الغطاء الرسوبي. ويحتوي السودان أيضاً علي أهمَ الصخور الصناعية وهي صخور التلك والحجر الكلسي الكاولين.كما تنتشر في السودان الرواسب البازلتية التي قد تحتوي في مناطق التغيير علي البنتونايت أو البرليت أو الزيوليت.
التعدين التقليدي في السوادان يعتبر من اهم انواع التعدين ويعود تاريخه لمملكة مروي وممالك النوبة مند الاف السنين وتقول المصادر التاريخية ان تعدين الذهب كان احد اسباب الحملات الاستعمارية علي الوطن واطماع الانجليزوالمصريين.
وتاريخيا عرف تعدين الذهب مند عهد الممالك الفرعونية في القرن الثالث قبل الميلاد وتوالت وتيرة النشاط مرورا بعهد ممالك نبتة وكوش ونشاط قبائل البجا والعرب والمهاجرين والنوبيين واستمر كذلك حتي حملة الخديوي محمد علي لجمع معدن الذهب من جبال بني شنقول ومناطق اخري في صحراء العتمور وغرب جبال البحر الاحمر.
ودخلت الالات الحديثة لتعدين الذهب عام 1965 بواسطة شركات اجنبية ووطنية ومن اهم المناجم المعروف في دلك الوقت منجم ام نباري بولاية نهر النيل وابو دويم وجبيت المعادن في ولاية البحر الاحمر ولكنها توقفت بسبب انخفاض اسعار الذهب
شهدت الاعوام الماضية انتعاش للتعدين التقليدي للذهب في كل ولايات السودان حيث يوجد اكثر من 81 موقع يتم من خلاله انتاج اكثر من 90% من انتاج السودان من الذهب فيما يبلغ عدد العاملين بالتعدين التقليدي والمهن المصاحبة له حوالي 5 مليون ممايرفع عدد المتاثرين به الي 11مليون شخص خاصة بعد الضائقة الاقتصادية علي المواطنين بعد انفصال جنوب السودان وايقاف عائدات البترول التي كانت تمثل 50%من الدخل القومي الشئ الدي اثر سلبا علي المواطن وجعله يبحث عن مصادر دخل جديد . ويقدر العاملين في التعدين الاهلي عن الذهب حاليا بحوالي مليون مواطن بثقافات متنوعةومستويات تعليمية متفاوتة علي راسهم خريجي الجامعات مما ادي لتراجع الانتاج في بعض النشاطات الانتاجية ولكنه في نفس الوقت احدث تغير ايجابي في مستوي المعيشة والحياة الاجتماعية لعدد من الاسر السودانية خاصة في القري والارياف ولكن بالرغم من الايجابيات كانت هنالك آثار سالبة للتعدين التقليدي في النواحي الصحية والبيئية علي راسها استخدام المعدنيين التقليدين لمادة الزئبق السامة في استخلاص الذهب.
سياسة الدولة تجاه التعدين تصب في الاستغلال الاقتصادي للموارد المعدنية من اجل توسيع قاعدة الدخل القومي وتنويع الصادرات تمشيا مع اهداف الخطة الاستراتيجية القومية الشاملة والبرنامج الثلاثي للاصلاح الاقتصادي وقد ادخل الذهب من ضمن الموارد الاقتصادية الهامة للدولة مند العام 2012وحدد بنك السودان المركزي كمشتري للذهب ووضع السياسات وتم التخطيط لشراء 50 طن من الذهب وتحقق ذلك فعليا بشراء البنك 700.34 طن في 2012 وفي عام 2013 تم شراء 22 طن وتدافع المواطنون علي تنقيب الذهب سعيا نحو الثراء السريع باي شكل من الاشكال الشئ الذي ادي لافراز العديد من المظاهر السالبة التي اصبحت تهدد المجتمع.
كل هده الاسباب جعلت وزارة المعادن تحشد الطاقات من الجهات دات الصلة بالتعدين التقليدي في المركز والولايات في موتمر التعدين التقليدي الدي عقد مؤخرا بقاعة الصداقة تحت شعار (تقنين -تطوير -وإنتاج) وبرعاية واشراف النائب الاول لرئيس الجمهورية بكري حسن صالح الذي أكد ضرورة التنسيق بين المركز والولايات لمجابهة التحديات وتجاوز السلبيات التي تواجه التعدين الأهلي والعمل علي تحقيق الأهداف المرجوة منه حتى يستطيع الإسهام بفاعلية من اجل النهوض بالاقتصاد القومي ووجه وزارة المعادن باستنهاض العاملين بها الدفع عجلة الإنتاج ، مؤكدا الإلتزام بتنفيذ التوصيات التي يخرج بها المؤتمر خاصة وأن الدولة تضع الشأن الاقتصادي ضمن اولوياتها للنهوض بالتنمية ، مشيرا في هذا الصدد بالإهتمام بقطاع التعدين لدوره الايجابي في بناء الأمة .
واكد النائب الأول ضرورة تفجير الطاقات والعمل علي استخراج المعادن الكامنة في الأرض وتوظيفها باعتبارها واجبا وطنيا ، معددا الميزات التي حققها التعدين الأهلي في التقليل من حدة الفقر ومكافحة العطالة باستيعابه أعدادا كبيرة من الشباب خاصة في القري والريف مما انعكس ايجابا علي مستوي المعيشة لأسرهم .
د.احمد محمد صادق الكاروري وزير المعاد ن اشار للدور الفاعل لقطاع التعدين ومساهمته في تقوية ونهوض الاقتصاد القومي بجانب توفير فرص عمل لأكثر من مليون عامل ومساهمته في انتاج 90%من الذهب السوداني بانتشاره في كل ولايات السودان .
ودعا لتضافر الجهود بين الجهات ذات الصلة مع الوزارة لمجابهة تحديات التعدين التقليدي خاصة بعد دخول شركات استثمارية عالمية للاستثمار في قطاع التعدين مؤكدا ضرورة احداث نقلة نوعية في قطاع التعدين التقليدي والحد من الآثار السالبة المصاحبة له .
من جانبه قال د. راشد احمد محمد حسين وكيل وزارة المعادن ان التعدين الأهلي اصبح واقعاً ظهرت آثاره الايجابية في المجتمع السوداني خاصة في رفع مستوى المعيشة والحد من البطالة في القرى والريف والولايات كاشفا عن وجود اكثر من 800 موقع للتنقيب عن الذهب منتشرة في كل بقاع السودان .
ودعا لأهمية استصحاب تجارب الدول الاخرى والاستفادة منها لمعالجة السلبيات خاصة وان البلاد تواجه بمقاطعة اقتصادية تتطلب تضافر جهود الجميع للخروج بتوصيات تعمل علي وضع اللبنات الاولى عبر التداول العلمي وصولا لرؤية واضحة وطموحة لتطوير التعدين التقليدي.
واشارت الجيلوجية رقية حسن بدر للاثر الاجتماعي للتعدين التقليدي مركزة علي عمالة الاطفال المحظورة وفقا للقوانين الدولية لمخاطرها علي صحة الطفل جراء العمل الشاق بمناطق التعدين مشيرة لتربع ولاية نهر النيل علي راس القائمة في عمالة الاطفال وفقا لمعلومات المجلس القومي للطفولةالشئ الدي يهدد استقرار العملية التعلمية بتسريب مئات التلاميد من المدارس كما اشارت للاثر السلبي للتعدين علي قطاعي الزراعة والرعي حيث جذبت مناطق التعدين التقليدي العديد من الرعاة والمزراعين اضافة للتعدي الدي حصل للمراعي الطبيعية في مناطق البطانة وغيرها من قبل المعدنيين وهناك معلومة تقول ان مراعي البطانة وزعت علي 16 شركة تعدين كما اشارت للمخاطر المهنية التي يتعرض لهاالمعدن التقليدي من النواحي الصحية والبيئة من تلوث الهواء ومصادر المياه وتدمير التربة والغطا ء النباتي والغابات اضافة للمخاطر المهنية للعاملين بسبب عملهم في مناطق غير مهيأة للعمل ولاتتوفر فيها ابسط متطلبات السلامة.
اما الاثر الايجابي للتعدين التقليدي علي المجتمع ينحصر في احداث حراك اقتصادي واجتماعي حيث عمل علي احياء اسواق اصابها الركود وزيادة مستوي دخل الفرد والاسهام في استقرار سعر الصرف واحياء المدن والمجتمعات والبنية التحتية ووسائل المواصلات وشق الطرق كما ازدهرت بعض المهن الجديده التي تصاحب عمليات التعدين عن الذهب مما وفر فرص عمل وقلل من البطالة.
وتاتي اهمية التعدين التقليدي في الاقتصاد باعتباره من القطاعات ذات الموارد المالية الضخمة اذ ان انتاج الذهب التقليدي يمثل تنوعا حقيقيا وقيمة مضافة للاقتصاد ويؤكد التزام القطاع بماورد في البرنامج الثلاثي للاستقرار الاقتصادي من 2012-2014 الذي ركز علي سلعة الذهب من بين ثمانية سلع لزيادة عائدات الصادرات السودانية وقد بلغت صادرات الذهب عام 2012 2.15 مليار دولار بنسبة 69.3 %من اجمالي الصادرات غير البترولية ونسبة 64%من اجمالي الصادرات الكلية. ويتضح جلياان التعدين التقليدي بشكل عام و الذهب يشكل خاص بدا يسهم في حصيلة الصادر بشكل ملحوظ مما ادي بدوره لاستقرار سعر الصرف وقد قام بنك السودان المركزي بشراء كميات من الذهب المنتج وتصديره والحصول علي عائداته من العملات الصعبة لتغطية احتياجات البلاد.
واشارد.يوسف السماني مديرعام الهيئة السودانية للابحاث الجيولوجية عن خطة وزارة المعادن التي تهدف لتطوير وتقنين التعدين التقليدي وذلك بارسال فرق من الجيلوجيين في الفترة القادمة لمواقع التعدين المنتشرة في ولايات السودان المختلفة لاجراء احصائيات عن المعدنين والوقوف علي آثار التعدين الايجابية والسلبية علي تلك المناطق وذلك لتكوين قاعدة معلومات وبيانات عن الذهب.
وقال يوسف إن الوزارة تعمل بالتنسيق مع الولايات والمحليات والوزارات الاتحادية ذات الصلة بآثار التعدين كوزارتي الصحة والبيئة علي التقليل من الآثار السالبة للتعدين الاهلي والعمل علي نشر الوعي بين المعدنين وتعريفهم بالمخاطر من استخدام مادة الزئبق والحفر العشوائي لآبار التعدين للمحافظة علي المياه السطحية والثروة الحيوانية والنباتية الموجودة في تلك المناطق من التلوث.
وأضاف أن الوزارة تبذل جهدا كبيرا في البحث عن البدائل لمادة الزئبق مشيرا لزيارة وفد من الوزارة مؤخرا للبرازيل للوقوف علي أبحاث معهد العلوم و التقانة لبدائل الزئبق والاستفادة منها في عمليات التعدين التقليدي.
واضاف أن من اهم المعالجات التي اتخدتها الوزارة منح تراخيص لحوالي 20 شركة للعمل في مخلفات التعدين الاهلي بعد ان ثبت جليا بان الذهب المستخرج لايتعدي 30% و70 تذهب كمخلفات تعدين كما سيتم منح كل معدن بطاقة وطرد الاجانب الذين يعملون حاليا في مناطق التعدين كاشفا عن انشاء شرطة خاصة بالتعدين بقرار جمهوري تم توزيعها في مناطق التعدين لمحاربة الظواهر السالبة.
وقد امن الاجتماع التنسيقى للوزراء الولائيين المعنيين بالتعدين الذي عقد نهاية الاسبوع الماض بوزارة المعادن برئاسة د.أحمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن على ضرورة تقنين وتنظيم التعدين التقليدي بما يعود بالنفع على الدولة والولاية والمحلية والمعدنين التقليديين .
واوضح الكاروري أن الهدف من الاجتماع ضرورة تقنين وتنظيم التعدين التقليدي حيث قدمت الوزارة خلاله رؤيتها التي قدمتها في مؤتمر التعدين التقليدي وقد وجدت الخطة نقاشا مستفيضا وايجابيا وفاعلا وتم الاتفاق على ضرورة تقنين التعدين التقليدي عبر خطوات تبدأ بتشكيل لجنة لتنفيذ إجراءات التقنين والتطوير وذلك بإشراك الولايات والمحليات واتحادات المعدنيين التقليديين الذين ابدوا حماسا كبيرا للخطة .
وتوقع الكاروري تنفيذ كل الخطوات المتعلقة بتنظيم النشاط بنهاية العام الحالي منوها الى أن هدف الوزارة ليس تحصيل الرسوم وانما تعظيم الايجابيات وازالة السلبيات حتى يساهم النشاط في الاقتصاد الكلى بالبلاد.
من جانبه اوضح د يوسف السماني المدير العام للهيئة العامة للابحاث الجيولوجية أن الاجتماع امن على اعطاء كل ذي حق حقه وتقليل الآثار السالبة للنشاط حيث امن على دعم الايجابيات وتقليل السلبيات وخرج بتوصيات اهمها دعم رؤية الوزارة والعمل على تنفيذها بانزال المنظور الى ارض الواقع بمشاركة الوزارة والولايات والمحليات .
من جانبه وصف على أحمد حامد نائب والى نهر النيل الاجتماع بالمهم خاصة ان الذهب اصبح يشكل اهم صادرات السودان وان التنظيم يحفظ حق الدولة والمواطن فى نفس الوقت مشيرا الى ان ولايته تنتج 60% من انتاج البلاد من الذهب ويوجد بها حوالى نصف مليون معدن.
واضاف ان الولاية تشهد استقرارا امنيا وان المشكلات العادية يتم حلها بالوسائل السلمية .
(سونا) تقرير علوية الخليفة
no coment