سياسية

عصابات تهاجم جنوب سودانيين بمصر.. والقاهرة صامتة

لم يتوقع الصحفي الجنوب سوداني المقيم بالقاهرة دينق ديت أيوك أن المجرمين الذين سرقوا أمواله قبل أيام سيعاودون الاعتداء عليه بشكل وحشي في شوارع القاهرة دون منقذ رغم طول استغاثته.

أيوك هو واحد ضمن أكثر من مائة ضحية من أبناء جنوب السودان المقيمين في مصر تعرضوا للسرقة أو حتى القتل في شوارع القاهرة خلال الأسابيع الماضية دون تحرك حاسم من الأجهزة الأمنية المصرية لحماية هؤلاء.

واللافت في هذه الجرائم أن مرتكبيها هم شباب من جنوب السودان أيضاً، وجاؤوا إلى القاهرة إما هرباً من العنف الدائر في بلدهم قبل سنوات وإما رغبة في الهجرة إلى دولة أوروبية متخذين من مصر محطة “ترانزيت”.

عصابات راب
ووفق ورقة بحثية أعدتها مؤسسة نظرة الحقوقية المصرية، فإن أعمار أفراد تلك العصابات تتراوح بين 15 و30 عاماً، ويتمركزون في المناطق التي يزيد بها عدد الجنوب سودانيين مثل أحياء عين شمس والزيتون والمعادى وألف مسكن.

وأشارت الورقة البحثية إلى أن عدداً من أفراد العصابات تأثر بالنموذج الأميركي مثل تكوين فرق راب، بل تمادوا إلى تسمية عصاباتهم بأسماء تلك الفرق مثل “loss boys” أي أولاد ضائعون، و”out law” أي خارجون عن القانون.

اعتداء وحشي
أيوك يعمل بالقاهرة مراسلا لإحدى الصحف الصادرة بجنوب السودان، وهاجمته إحدى العصابات يوم 11 أغسطس/آب الماضي بهدف السرقة، ثم اعتدت عليه بشكل وحشي بعدها بأسبوع بعدما كشف عن هوية أحدهم خلال عزاء أحد ضحايا تلك العصابات.

وتكفل أيوك، المقيم بالقاهرة منذ 2003، بمصاريف علاج إصاباته الخطيرة، لكنه يقول في حديثه للجزيرة نت “زارني في المستشفى سفير جنوب السودان أنطوني لويس وساعدني بشكل شخصي وليس رسميا”.

ويرى أن السلطة المصرية لا تقوم بواجبها، مشيراً إلى طلب وكيل النيابة المكلف بالتحقيق في واقعة الاعتداء بإحضار صور جوازات سفر المجرمين، وهو ما يستحيل تنفيذه، بحسب قول أيوك الذي اتهم سفارة جنوب السودان بالتواطؤ مع المجرمين.

ويرى جون دينق أحد رعايا جنوب السودان في مصر أن الأجهزة الأمنية لا تقوم بواجبها طالما أن الضحية غير مصري.

ولفت دينق -في حديثه للجزيرة نت- إلى تفكيره مع بعض أبناء الجالية في تنظيم مسيرة سلمية تنطلق من أمام سفارة دولتهم، لكنهم تراجعوا بسبب الخوف من الاعتداء عليهم.

دور السفارة
وأصدرت سفارة جنوب السودان بيانا تتحدث فيه عن جهود قامت بها في هذا الصدد، منها دعوة من سمتهم بـ”الشباب” مرات عدة بهدف إجراء المصالحة بين مجموعاتهم المختلفة.

وأكدت السفارة متابعتها للظاهرة مع السلطات المصرية، موضحة أن المتورطين في الجرائم سيتم ترحيلهم، ومعلنة أنها خصصت رقم طوارئ للاتصال في حال الاشتباه في أي شخص يشكل تهديداً لمواطني جنوب السودان في أماكن وجودهم في مصر.

تجاهل مصري
ولا يبدو الاهتمام المصري بالظاهرة كبيرا، فلم تصدر وزارة الداخلية بيانا عن العدد الحقيقي للضحايا ولم يخرج أحد مسؤوليها ليتحدث عن سبل مواجهة العصابات.

وتُرجع المدرسة بمعهد الدراسات الأفريقية الدكتورة مروة تهامي التجاهل المصري سواء الرسمي أو الجماهيري للعنف تجاه رعايا جنوب السودان إلى انشغال المصريين بما لديهم من أزمات اقتصادية وأمنية مما يجعلهم مشغولين عما لا يخصهم بشكل مباشر.

وتقول تهامي -في حديثها للجزيرة نت- إن الدور الريادي لمصر في أفريقيا انحسر بإرادة مصرية خالصة وهو ما يظهر في تعامل القاهرة مع الظاهرة الأخيرة وغيرها.

ليست ظاهرة
من جهته يرى رئيس جمعية صداقة مصر وجنوب السودان الدكتور حماد أحمد حماد أن الاعتداءات المتكررة بحق رعايا جنوب السودان لا ترقى لتسميتها بالظاهرة، لكن في الوقت نفسه يعيب على السلطات المصرية وسفارة جنوب السودان موقفهما غير الحاسم حيال الاعتداءات.

ويبدى حماد في حديثه للجزيرة نت اندهاشه من وقوع تلك الجرائم بالنظر إلى أن مواطني جنوب السودان يتسمون بالتسامح وترابط العلاقات الاجتماعية.

وعن سبب اللجوء للعنف يقول “قد يكون الفقر وصعوبة إيجاد فرصة عمل بالقاهرة التي تضيق بمواطنيها أنفسهم السبب في لجوء البعض إلى الإجرام”.

دعاء عبد اللطيف-القاهرة
المصدر : الجزيرة

‫2 تعليقات

  1. بالنظر إلى أن مواطني جنوب السودان يتسمون بالتسامح وترابط العلاقات الاجتماعية.
    بالله عليك هم ابعد شعوب العالم من ما تقول متى الجنوبين اصبح عندهم تسامح وترابط اجتماعى