تورم الركبة لدى المراهقين.. عادة ما يختفي بعد اكتمال النمو !
من الناحية التشريحية
هذا المرض يصيب جزءاً من العظام يسمى (tibial tuberosity). هذه العظيمة هي جزء في أعلى الساق تحت عظمة صابونة الركبة وهي عظيمة ترتبط بها أوتار وأربطة ما حول الركبة. ولأن الأوتار والأربطة في منطقة ما حول الركبة تكون قوية ويكون عليها عبء كبير أثناء ممارسة المشي والحركة والرياضة فإن الشد والضغط والإجهاد على هذه الأوتار والأربطة يؤدي إلى ظهور المشكلة في هذه العظيمة. وبالإضافة إلى ذلك فإنه عادةً ما يوجد كيس زلالي صغير بين الأوتار وبين العظيمة لكي يسهل حركة الأوتار وهذا الكيس هو جزء طبيعي من هذه المنطقة ولكن مع كثرة الاستخدام والاجهاد كما ذكرنا سابقاً فإن الكيس يلتهب ويمتلئ بالسائل ويؤدي إلى التورم في هذه المنطقة.
الأسباب
هذا المرض يصنف ضمن أمراض العظام التطورية (developing or growing bone). وهذا يعني أنه يحدث في العظام في فترة النمو والتطور. وفي فترة النمو والتطور هناك أجزاء متخصصة من العظام هي عبارة عن مراكز للنمو (growth centers). في هذه الأجزاء يتم صنع خلايا غضروفية ثم هذه الخلايا الغضروفية تتكلس وهي التي تكون مسؤولة عن زيادة الطول في العظام أثناء فترة النمو. وبعد انتهاء فترة النمو فهذه المراكز يترسب فيها الكالسيوم وتفقد عملها وتصبح جزءًا من العظام التي تحيطها. والذي يحدث هو أن المركز النمو الموجود في هذه العظيمة التي ذكرناها يتعرض للشد من الأوتار نتيجة الإجهاد ويحدث فيه التهاب مما يؤدي إلى أن يسحب الوتر منطقة غضروف النمو هذه ويؤدي إلى التورم والألم الذي يشعر به المريض. وهذا التورم هو نتيجة غضروف النمو أو مركز النمو الذي تم سحبه بالوتر وأيضاً نتيجة الكيس الملتهب (bursa) الذي تتجمع فيه السوائل كما ذكرنا سابقاً. والمحصلة النهائية هي الآلام والورم في مقدمة الركبة.
الأعراض
عادةً ما يشتكي المراهق أو المراهقة من ورم من منطقة أعلى الساق وتحت صابونة الركبة قد يتراوح حجمه ما بين 2 إلى 3 سم وهو ورم مؤلم وبعض الأحيان قد يكون الجلد في المنطقة محمراً. هذا الألم يحدث عند الركوع و عند السجود وأيضاً في النشاطات الرياضية مثل الجري والقفز والتسلق والركلات التي يستخدمها الطفل أثناء ممارسة الرياضة. وفي غالبية المرضى تكون الأعراض ليست شديدة وتختفي بعد فترة سنة أو سنتين. ولكن في بعض الأحيان تصبح شديدة ومزعجة ويصبح الورم مزمناً ودائماً في هذه المنطقة. ونتيجة وجود الورم فإن الجلد قد يتعرض للإجهاد والتهيج خصوصاً عند الجلوس في وضعية القرفصاء مثل ما يحدث أثناء التشهد أثناء الصلاة. وفي بعض الحالات عندما يكتمل نمو الطفل فإن الآلام تختفي لأن غضروف النمو يتكلس ويصبح جزءا من العظام المحيطة به وبالتالي يختفي سبب الالم.
التشخيص
عادةً ما يتم بعد الفحص السريري والتاريخ المرضي ويأخذ في الحسبان سن الطفل المريض ومدى نشاطه الرياضي. كما انه قد يكون هناك تاريخ لنفس الحالة في أكثر من طفل أو طفلة في العائلة نفسها. وأثناء الفحص السريري يكون هناك ألم عند الضغط على الأوتار والأربطة في المنطقة المريضة ويكون هناك ألم عند الضغط على الورم نفسه. وفي الحالات الشديدة يكون هناك ألم عند ثني الركبة وفردها. وبعد ذلك يتم عمل أشعة سينية للمنطقة وهي تبين بوضوح منطقة غضروف النمو والالتهاب الحاصل فيها وارتفاع غضروف النمو مقارنةً بالساق السليمة.
الخطة العلاجية
الغالبية العظمى من المرضى تستجيب للخطة العلاجية غير الجراحية وفي الواقع أن هذا المرض عادةً ما يستجيب مع مرور الوقت ويتحسن مع مرور الوقت عندما تنمو عظام الطفل ويصبح الهيكل العظمي له مثل الكبار. وعادةً ما يحدث هذا خلال سنة أو سنتين بعد أن ينتهي النمو في مركز النمو وعضروف النمو. وأثناء هذه الفترة يتم إرشاد الطفل والأهل إلى تجنب الرياضات العنيفة والأنشطة التي تسبب الآلام لفترات تتراوح بين أسابيع أو أيام لإعطاء الفرصة للمنطقة لترتاح ويقل الالتهاب فيها. كما انه يمكن إعطاء الطفل الأدوية المضادة للالتهابات (NSAID) سواءً عن طريق الفم أو عن طريق مراهم موضعية. بالإضافة إلى ذلك فإن العلاج الطبيعي والكمادات الموضعية سواءً الباردة أو الدافئة كلها تساعد على تخفيف الأعراض كما أن بعض الربطات الطبية تساعد أيضاً على تخفيف الألم. ومن المهم جداً نصح الطفل بعدم السجود على أرض قاسية واستخدام سجادة ذات لبادة لينة لكي يخف الضغط على المنطقة أثناء السجود. وبعض التمرينات الرياضية لإطالة وتقوية منطقة الأوتار تساعد أيضاً على تخفيف الضغط على غضروف النمو. وفي بعض الحالات القليلة يتم اللجوء إلى وضع جبيرة طبية لأربعة إلى ستة أسابيع لإراحة المنطقة وإزالة الإلتهاب ولكن هذا يكون بالحالات الشديدة فقط. والغالبية العظمى من الأطفال تستجيب لهذه الخطة العلاجية كما ذكرنا سابقاً وقد يحتاج لتكرار العلاج الطبيعي والأدوية بين فينةٍ وأخرى وقد يحتاج إلى التوقف عن ممارسة الرياضة لفترة تتراوح ما بين أيام أو أسابيع بين فينةٍ وأخرى. أما إذا فشلت جميع الخطوات التي ذكرناها سابقاً فقد يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي ولكن هذا يحدث في حالات بسيطة مثل استمرار الآلام بشكل شديد بعد اكتمال النمو. وفي هذه الحالة تتم العملية لإزالة المنطقة المرتفعة من منطقة العظمة التي تقع في المنطقة الملتهبة وأيضاً الكيس الزلالي في المنطقة المحيطة بها. ولكن كما ذكرنا سابقاً هذه العملية فقط تكون بعد إكتمال النمو وليس قبل ذلك.
النصائح والتوصيات
هذه الحالة شائعة نوعاً ما بين المراهقين وخصوصاً الذين يمارسون الرياضة بشكل كبير وهي ليست حالة مقلقة أو خطيرة وفي كثير من الأطفال تختفي بعد اكتمال النمو. والغالبية العظمى من المراهقين والأطفال الذين لديهم هذه الحالة والآلام تستجيب للخطة العلاجية غير الجراحية التي ذكرناها سابقاً ولكن يجب التأقلم مع الحالة وتفهم التشخيص وعدم القلق والتعاون مع الطبيب وأخصائي العلاج الطبيعي.
جريدة الرياض
خ.ي