سياسية

الصراع القبلي .. خطر الصراعات القبلية يتهدد بعض مناطق السودان

[JUSTIFY]في أعقاب تزايد الصراعات القبلية، وسقوط الآلاف من القتلى والجرحى في الآونة الأخيرة، أكدت القوات المسلحة أن الصراعات القبلية تُعتبر المُهدِّد الأساسي للأمن الوطني، وأشارت إلى تأثيرها السلبي على الأمن والاقتصاد والتماسك الشعبي والقبلي. ودعت سكان السودان إلى الجلوس على مائدة الحوار ونبذ القبلية، من أجل البناء والعبور بالبلاد لمراحل متقدمة.

ويقول رئيس تحرير صحيفة (الأيام) محجوب محمد صالح في مقال نشرته صحيفة (الوفد) مؤخراً، إن الصراعات القبلية الدموية أصبحت بنداً دائماً في قائمة المآسي التي تحيط بالسودان، إذ ينفجر بين حين وآخر صراع دموي بين قبيلتين متجاورتين، أو حتى بين عشيرتين من قبيلة واحدة ينتهي بمئات القتلى والجرحى، دون أن يثير ذلك كثير اهتمام، موضحاً أن ثقافة العُنف السائدة في السودان والحروب الأهلية المتواصلة، يبدو أنها قد أماتت مشاعرنا وأحاسيسنا تجاه هذه الانفجارات الأمنية التي تخلف وراءها مئات القتلى والجرحى في أماكن مختلفة من السودان.

حسناً.. رئيس هيئة العمليات المُشتركة، الفريق أول ركن مهندس عماد الدين مصطفى عدوي، قال خلال مخاطبته فعاليات ملتقى الإعلاميين والعسكريين، أمس الأول (الاثنين) إنه لا توجد عداوات مع كل دول الجوار، ونوَّه إلى أن سياسة قوات الدفاع المشتركة إيجابية، وساهمت في استقرار الحدود مع الدول، بجانب مشاريع التنمية والاستقرار، داعياً إلى ضرورة حل الجنوبيين لمشاكلهم، مشيراً إلى أن استقرار الجنوب يُساعد في استقرار البلاد. وأشار عدوي لأهمية دفع المزيد من الارتباط بين الإعلاميين والقوات المسلحة لرفعة البلاد والتنمية.

من جانبه، أمَّن العقيد بجهاز الأمن والمخابرات، المعز فاروق، على أن السودان يعد إحدى دول الصراع الأفريقي لما يحتويه من معادن استراتيجية، إضافة لموارده المتعددة التي تسعى دول الهيمنة للاستيلاء عليها، بجانب موقعه الاستراتيجي. وقال إن الاستراتيجية الأمريكية منذ التسعينيات توجهت نحو أفريقيا، خاصة السودان من أجل النيل والاستيلاء على موارده. ودعا لضرورة التكاتف الإعلامي لنشر الوعي ومحاربة الهيمنة الغربية والإسرائيلية على الموارد البلاد.

في يونيو 2013م حذَّر الرئيس عمر البشير، من خطر الصراعات القبلية التي تشهدها بعض مناطق السودان، لافتاً إلى أن البلاد تواجه مؤامرات وتحديات تحتاج إلى تعاون الجميع للوقوف ضدها. وقال البشير، في خطاب ألقاه أمام اجتماع مجلس شورى المؤتمر الوطني حينها – إن الصراعات القبلية التي تواجهها عدد من المناطق بالسودان تمثل الخطر الأكبر بالبلاد، وأضاف: “إن بعض الأشخاص داخل القبائل يعمل على تحريك الصراعات القبلية”.

ويؤكد محجوب محمد صالح في مقاله، إن الصراع القبلي في دارفور ليس ظاهرة جديدة فهي قديمة متجددة لكنها كانت محدودة وقليلة الضحايا؛ لأن معاركها كانت تدور بأسلحة تقليدية تخلف عدداً قليلاً من الضحايا، ولكنها الآن تحولت إلى معارك شرسة تدور بين متحاربين يملكون مهارات قتالية عالية وأسلحة قتالية فتاكة ومتطورة، ما يضاعف عدد الضحايا ويلحق دماراً بالممتلكات ويشرد الآلاف ويودي بحياة المئات إضافة إلى عدد الجرحى وإهدار الموارد، وأسوأ من ذلك كله أنه يؤدي إلى تشظي الإقليم وسيادة ثقافة العنف وتمزيق النسيج الاجتماعي، ما يجعل استعادة الإقليم لأمنه واستقراره أمراً بالغ الصعوبة حتى لو تم التوصل إلى اتفاق سلام، والتزمت به كل الأطراف بها.

مركز الراصد للدراسات السياسية والاستراتيجية خلال ندورة نظمها مطلع يوليو من العام 2012م بعنوان: “الصراعات القبلية والعرقية والجهوية فى السودان وكيفية المعالجة” خلص إلى ضرورة وضع المعالجة في إطار مبدئي استراتيجى يضمن عدم إعاقة المعالجات المؤقتة والإسعافية لتحقيق الأهداف بعيدة المدى، وأن يكون ذلك في إطار السودان المسلم باعتباره واحداً من شعوب الأمة الإسلامية مع حفظ الأبعاد مع الدوائر الأخرى وقبولها في إطار الانسجام مع الإطار العام من وطنية وقومية وعروبية، وترشيد الوعي القبلى وتخليصه من عصبيات الجاهلية والتناحر المدمر والظلم والعدوان، ومراعاة أن أشكال التنظيم الاجتماعي تخضع لقوانين اجتماعية تاريخية، تحدد ما هو ثابت وما هو متغير، وعدم التدخل غير الرشيد في ذلك، وتطوير النظام الأهلي وتوظيف القبيلة على نحو رشيد من أجل تحقيق الوظائف الدفاعية والاجتماعية والثقافية السياسية التي تحددها استراتيجية بعيدة المدى وفقاً لمبادئ متفق عليها، فضلاً عن تبني وتنفيذ سياسات ثقافية تعمل على تغيير القيم الثقافية والاجتماعية السالبة، خاصة في ما يتعلق بصورة الآخر، وتنفيذ سياسات اجتماعية تشمل تشجيع المصاهرات والروابط الأخرى التي تحد من عناصر الصراع القبلي والجهوي المدمرة، وتقوية ما هو موجود حالياً ويعمل بصورة طبيعية. كما أوصت الندوة بضرورة رسم استراتيجية مدروسة وسياسة فعالة جديدة تستهدف رفع وعي المواطن لتخليص الوطن من العصبية والجهوية والقبلية، فمساوئ العصبية القبلية لا تعد ولا تحصى إذ تبدأ بضعف الانتماء ولا تنتهي بالحروب فقط، لذا يجب أن تبدأ التوعية بالقبيلة وكياناتها كوحدة أساسية ينطلق منها التغيير بعد أن تتم تهيأتها لكي تعمل على تعميق وعي أفرادها بضرورة تعايشها مع القبائل الأخرى أفراداً وجماعات، وكدور أساسي وإيجابي تلعبه القبيلة في دعم وحدة الوطن، وإنهاء كافة أشكال التمييز وتمهيد الأرضية الصالحة التي تُشعر جميع أبناء الوطن بأنهم سواسية ولا فرق ولا تفريق بينهم.

بهرام عبد المنعم: صحيفة اليوم التالي
ي.ع [/JUSTIFY]