رأي ومقالات
عبدالباقي الظافر: آه حينما تقابل الشخص الصحيح في المكان الخطأ

عاد ذاك الطيف الجميل لمحاصرتي وفتاة جميلة تعبث بشعري وأنا مغمضة العينين.. كانت الفتاة تغازلني شعرك رائع يا عروسة.. فيما كنت منهمكة مع الطيف.. تعرفت على طلال المشاغب في أول أيامي في الجامعة.. دخل الشاب الوسيم إلى القاعة التي وجدنا فيها، ونحن ننتظر أول محاضرة من أستاذ الكيمياء الحيوية.. توجه طلال مباشرة إلى حيث السبورة.. بدأ محاضرته بلغة إنجليزية رصينة مستعرضاً المقرر.. دون سابق مقدمات وصل إلى حيث أجلس في منتصف القاعة.. بدا وكأنه اختارني بعناية.. طلب مني أن أتحدث عن تجربتي ولماذا اخترت هذه المهنة.. في هذه اللحظة وقعت عيني في عينه.. شعرت كأن صقعة كهربائية مستني.. بعد قليل تماسكت وأنا أقف بجانبه في مقدمة الفصل.. انساب النقاش بيننا كدفعة جديدة.. بعد مضي خمس دقائق انسحب من القاعة طالباً مني مواصلة إدارة النقاش إلى حين عودته من المكتب.
بعد دقيقة دخل رجل آخر متجهم الوجه أشيب الرأس.. خلته في الوهلة الأولى أحد العمال المسؤولين عن نظافة القاعة.. حينما أبدى الزائر اهتماماً بما أقول وجلس في مقدمة القاعة أدركت أن خطأ ما قد وقع.. تلعثمت ثم زاد ارتباكي.. تقدم الرجل إلى حيث أقف ثم أمرني بطريقة ودودة أن أعود إلى مكاني بجوار صديقتي تغريد.. ابتسم الكهل حينما نظر إلى السبورة التي حملت عناوين المقرر.. قدم الرجل نفسه باعتباره بروفيسور عباس الفضل أستاذ الكيمياء الحيوية.. حينما قرأ الدهشة على وجوهنا تحولت ابتسامته إلى ضحكة وهو يقول هذه بعض تقاليد جامعة الخرطوم أن ينتحل أحد الطلاب شخصية أستاذه.. ثم مضى قائلاً: “أغلب الظن أن صاحب المقلب هذا هو طلال رأيته يخرج من هنا.. طالب نبيه ولكنه مشاغب”.
مصحح مجاهد
من ذلك اليوم تعمقت علاقتي بطلال ..كنا من بئتين مختلفتين..أنا سليلة اسرة مغتربة وهو بن عائلة ريفية فقيرة..كنت اكثر تدينا بحكم نشاتي في المملكة السعودية ..بينما بدا هو وكانه يحتفي بالحياة ولا يخشى الموت..منذ ذلك اليوم بدأنا نرسم المستقبل ..اردت ان اجعله يخطو على درب ابي..يغترب ثم يبني قصرا..لم يختلف معي الا في تسمية أبنائنا الذين سيولدون..أصر على ان تحمل ابنته الاولى اسم ليلى..رضخت بعد تعنت حينما انهمر الدمع من عينيه .. تحول ذاك المشاغب الى شخص حزين وهو يذكر حلم امه في ان تراه طبيبا.
حينما أكملت دراستي كان طلال قد بات نائب أخصائي ..عدل من الخطة القديمة وقرر السفر الى لندن لإكمال تخصصه في طب الاطفال ..باع عربته واكملنا زواجنا على عجل .. قضيت بين أحضانه اجمل ستة اشهر في حياتي ..ودعته في المطار على ان التحق به بعد ان يرتب أحواله في مدينة الضباب..ذات مساء داهم مدمن مخدرات الشقة الصغيرة التي يسكنها..انتهت حياة طلال بدماء انسكبت حتى وصلت الى الدرج المؤدي للشقة.
في هذه اللحظة بدات ابكي بجنون..قفزت من المقعد وسط دهشة الحضور..هرولت نحو الشارع وشقيتي تجري من ورائي .. حينما وصلت البيت طلبت من الضيوف الانصراف وقلت لهم لن أتزوج رجلا بعد طلال..شعرت بالراحة وأمي تحضنني باكية.. شعرت انها تواسيني في أحلامي التي ماتت بموت حبيبي.. ظن الجميع انني أصبت بالجنون ولكن في الحقيقة كنت فقط صادقة مع نفسي .
عبدالباقي الظافر-التيار السودانية
لو خليت عالم الصحافه والسياسه واصبحت سينارست يكون احسن.بس بشرط يكون الممثلين مصرييين.ههههههههههه