رأي ومقالات

الطيب مصطفي : هل يقرأ الرئيس البشير هذا المقال؟

[JUSTIFY]من يقنع المؤتمر الوطني أنه يمتلك من مقومات البقاء والصمود ما ينبغي أن يقنعه أنه لن يكون الخاسر من أي تحوّل سلمي ديمقراطي، ومن تراه يقنعه أنه يخاطر كثيراً بمقاومته للتغيير الديمقراطي ويعرِّض نفسه لخطرٍ داهم لا يهدده وحده إنما يهدد السُّودان برمته ومن شأنه أن يغرق البلاد في حرب أهلية لن تكون أقل فتكاً من الحرب الصوماليَّة التي امتدت لما يقرب من عقدين من الزمان وتحديداً منذ السقوط المدوي للرئيس الصومالي سياد بري.؟

أقول ذلك متجاوزاً ألاعيب السياسة وتكتيكاتها الصغيرة التي تجعل من يتعاطاها يميل إلى إغاظة الخصم حتى لو بتزوير الحقائق ومغالطة الأرقام التي لا تقبل الجدال.

دعونا نقر بصدق أن هناك فرقاً كبيراً بين الاتحاد الاشتراكي الذي تلاشى كرغوة الصابون من أول اختبار حقيقي لصلابة قاعدته الجماهيريَّة وبين المؤتمر الوطني الذي انبنى على قاعدة صلبة وخبرات تنظيميَّة هائلة وإمكانات ماليَّة ضخمة في حين انعدمت تلك القدرات التي تُؤهل للصمود في مواجهة الأعاصير لدى الاتحاد الاشتراكي الذي أفاد كثيراً من مدد قواعد الحركة الإسلاميَّة بعد المصالحة مع الرئيس نميري، وما إن حدث الصراع بين النميري والحركة الإسلاميَّة حتى انكشف ظهر النظام المايوي وسقط بالانتفاضة عام 1985.

لن أُكذب بروف غندور ود. نافع وهما يتحدثان عن عضوية مسجلة للمؤتمر الوطني تتراوح بين خمسة وعشرة ملايين عضو، ذلك أن الحُكم الفيدرالي رغم مساوئه الكثيرة مكَّن المؤتمر الوطني من الانتشار الأفقي الواسع من خلال الحُكومات الولائيَّة والمعتمديات والمجالس التشريعيَّة والخدمة المدنيَّة على مستوى المركز والولايات، كما أن الأجهزة الأمنيَّة والشرطيَّة الملتزمة تقوم بدور أكثر أهمية في عملية التمكين، وذلك ما جعلني أقول إن المؤتمر الوطني أنشأ دولة عميقة تعرف كيف تحافظ على مكتسباتها من خلال الحرص على الانتماء التنظيمي للمؤتمر الوطني .

لا أقول إن الولاء للمؤتمر الوطني يقوم على مرجعية الحركة الإسلاميَّة، فذلك كان في زمانٍ مضى، لكنه يقوم في الغالب على المصالح الشخصية للجيوش الجرارة من المستفيدين أو الموظفين لدى أجهزة ومؤسسات الدولة المنتشرة على امتداد السُّودان ومن الشركات الحزبيَّة والحكوميَّة .

لم أتحدث عن أموال المؤتمر الوطني الذي نفى، ولا أريد أن أغالطه، أن يكون ممولاً من جيب الدولة، لكن عندما يتحدث الحزب عن حوالي (30) ألف مؤتمر قاعدي أقامها على مستوى السُّودان وعن مئات الدور المنتشرة في مختلف بقاع السُّودان وعندما يعمد الحزب من خلال برلمانه إلى تعديل قانون الأحزاب بحيث يلغي مادة تلزم الأحزاب بمراجعة موازناتها من قِبل المراجع العام، فإن الأمر يصبح واضحاً تماماً ولا يحتاج إلى إيضاح أكثر، فالمؤتمر الوطني يرقد على جبال من الثروة تنوء مفاتحها بالعصبة أولي القوة ولا يتأتى للأحزاب الأخرى مجتمعة واحد في الألف من حجم تلك الثروة.

أقول ذلك لكي أخاطب السيد رئيس الجمهورية، رئيس المؤتمر الوطني، بل وقيادة وقواعد ذلك الحزب، ثم لأخاطب بقيّة الأحزاب والقوى السياسيَّة حتى تتعامل مع هذه الحقائق بموضوعيَّة عندما تفكِّر في رسم خُططها واستراتيجياتها التي أرجو أن تنبني على معيار وهدف واحد هو تغليب المصلحة الوطنيَّة على المصلحة الحزبيَّة مع عدم إغفال مصلحة الحزب.

بدأت هذا المقال بتذكير المؤتمر الوطني أنه لا ينبغي أن يخشى الحوار ولا أي تغيير سلمي يمكن أن ينشأ عنه بقدر ما يخشى التغيير الثوري من خلال الانتفاضة أو أية وسيلة أخرى غير سلميَّة، ذلك أن المؤتمر الوطني سيكون له وجود فاعل في أي تغيير ديمقراطي يحدث في السُّودان بما يحمي مكتسباته ويحقق له نتائج مرضية تمنحه دوراً في مستقبل الحُكم في السُّودان.

أقول إن على الرئيس البشير والمؤتمر الوطني أن ينتهزا هذه اللحظة التاريخيَّة، ذلك أن الرياح تهب في أشرعتهما الآن بعد أن وافقت الجبهة الثورية على وقف إطلاق النَّار بدون أدنى شروط، كما أن المناخ الدولي موات تماماً لتطبيع علاقات السُّودان مع العالم لو أحسنا التعامل ووظفنا الأوراق التي بأيدينا بالصورة المطلوبة بما يضمن الحصول على الحوافز المتاحة للسُّودان.

لا زلت أذكر ذلك الخطأ الاستراتيجي الكبير الذي وقعنا فيه حين أهدرنا تلك الفرصة الغالية، فقد كان قرنق في أضعف حالاته عقب معارك صيف العبور التي ألجأته إلى آخر معاقله في نمولي، وكان الصف الإسلامي موحَّداً والجهاد على أشده والمناخ الدولي مواتياً لكن (ركوب الرأس) أهدر تلك الفرصة إلى أن اضطررنا إلى إبرام نيفاشا بعد أن تغير المناخ الدولي وحدثت المفاصلة، فرغم الانتصار العسكري في ميدان القتال انهزمنا سياسياً في مائدة التفاوض ويا لها من هزيمة نكراء لا نزال نتجرع علقمها المُر حتى اليوم.

بإمكان الرئيس البشير أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه من خلال تحقيق وفاق وطني ينقل السُّودان إلى نظام ديمقراطي حقيقي ولن يحدث ذلك إلا بإرادة سياسيَّة إن توافرت له هو وحده يستطيع أن يمضي في هذا الطريق بقوة ويندفع نحو تقديم مطلوباته واستحقاقاته وتنازلاته بعيداً عن التأثر بمعوقي الحوار من الخوارين الذين يخشون من خطرٍ يتوهمونه وما هو بخطر، إنما هي أوهام تصدر عن عقول أنانيَّة لا تريد خيراً لهذا الوطن العظيم.

إنه لما يؤسف له أن تثبت عملة أريتريا وإثيوبيا أمام الدولار ورعاياهما يعملون في دورنا، بينما تنحط عملتنا الوطنيَّة كل يوم بل أن يهرب رجال الأعمال السُّودانيون إلى إثيوبيا المجاورة، ناهيك عن الاستثمار الأجنبي، كما أنه لما يُدمي القلب أن ترعى أريتريا وتشاد حل مشكلاتنا، بل إنه لمن المؤسف ألا تقتنع بعض نخب ونافذي المؤتمر الوطني ومؤسساته أنه ما من سبيل إلى السلام والاستقرار والنهضة في السُّودان إلا بالخيار الديمقراطي مما ينقل بلادنا من دولة الحزب إلى دولة الوطن.

هذا قولي للوطني وللرئيس البشير. أما الأحزاب والكيانات السياسيَّة الأخرى، فسأتناول دورها الذي أرجو أن تتسامى به على ذاتها ومراراتها غداً بإذن الله.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]

‫4 تعليقات

  1. مؤتمر وطنى بتاع شنو . ده كلو ملاقيط وجلافيط . عصابة يحميها جهاز امن . هبة واحدة قوية كوز بفضل فى البلد مافى . التسامح الحصل فى اكتوبر وابريل تانى ما بحصل . ضبح ورمى فى الجمر . بقايا الحلب والأتراك و المغاربة نشتغل فيهم محط وزعط .

  2. نافخ الكير — لازم تفرق بين النظام الحاكم. و رأس النظام // رأس النظام عسكري رقاص. و النظام الحاكم كلهم مدنيين او ملكيه و السلطه كلها بيدهم. — اذا علمنا ان هؤلاء الملكيه او ما يعرف بصقور المؤتمر الوطني. هم اللذين يتحكمون في السودان و ليس للجيش السوداني ايه دور في حكم البلاد سوى حمايه هؤلاء الصقور — كل الحروبات في السودان أشعلها هؤلاء الصقور – و الصقور نفسهم يعطون تعليمات و اوامر للجيش بان يحارب المتمردين— السؤال هو ؟ كيف للمؤسسة العسكريه السودانيه ان تاخذ أوامرها من ناس ملكيه. ؟؟ و كيف استفاد هولاء الصقور من نظريه العسكريه بلاده و يحولوها مجرد مليشيات لحمايتهم — هل يعقل جيش دوله كامله بكل عتاده مخصص لحمايه سته أفراد ملكيه في القصر الجمهوري ؟ و كيف يتوعد عطا ريس جهاز الامن بقتل المتظاهرين و المواطنين من اجل حمايه سته أفراد مدنيين في القصر الجمهوري ؟؟ اين عقل هؤلاء العساكر ؟؟ //
    1/ البشير الرقاص 2/ابو رياله 3/بكري بنقو ديل بس عساكر في حكومه كلها من المدنيين و الملكيه و انظر الى أشكالهم التلاته كيف تم اختيارهم بعنايه فائقه // متى يصحوا الجيش السوداني و يستلم السلطه من صقور المؤتمر الوطني ؟؟

  3. صحيح الاختشو ماتوا
    عندما يتحدث الطيب مصطفي عن ( لكن (ركوب الرأس) أهدر تلك الفرصة إلى أن اضطررنا إلى إبرام نيفاشا بعد أن تغير المناخ الدولي وحدثت المفاصلة، فرغم الانتصار العسكري في ميدان القتال انهزمنا سياسياً في مائدة التفاوض ويا لها من هزيمة نكراء لا نزال نتجرع علقمها المُر حتى اليوم. ) انتهي كلام الطيب مصطفي
    يا اخي من هو اول المناديل بالانفصال وشجع عليه واصاب الاحقاد والنعرات القبلية والاثنية في مقتل اليس هو الطيب مصطفي
    من قال ان الانفصال خير للسودان من بقاء جسم مريض في داخله اليس هو الطيب مصطفي
    من نحر الذبائح في الخرطوم يوم الانفصال اليس الطيب مصطفي
    وتأتي الان وتبكي علي اللبن المسكوب
    يا اخي نحترمك وانت تقف في موقفك بثبات ولكن ان تنكر ان لك القدح المعلي في الانفصال فذلك امر مريب؟؟

  4. نصحتهم بسقط اللوي ولم يستجيبو النصح الا ضحي الغد. اني اري شجرا يسير ولكن من يسمع فالحرص على المصالح الانية اقوي من تغليب المصلحة القوميه وعندها سوف سوف نبكي كالنساء على ملك لم نحافظ عليه كالرجال ودمت يا استاذ مصطفي هناك الكثيرين الذين يضعون ايديهم على قلوبهم خوفا على مصير هذا الوطن ولكن من يستجيب