الإنسان السعيد عدو اليأس وصديق الاجتهاد والحماسة
كلنا يعيش حاضراً ويحمل ماضياً ويسعى إلى مستقبل. وفي السياق هذا، تكشف الدراسات الطبية المتخصصة، أن الشخص المكتئب يعيش في بعد الماضي. أما السعيد فهو الذي ينظر إلى الماضي كونه صندوق تجارب يستفيد من صوابه وأخطائه، وإلى الحاضر كونه ميداناً للتحدي والتحفيز، وكذا إلى المستقبل كونه ممراً منيراً يحقق فيه طموحاته. ولذا، نجد أن السعيد، وطبقاً للأبحاث المعنية، هو المستفيد من ماضيه، المتحمس لحاضره، المتشوق لمستقبله.
«البيان» حاورت المتخصصة النفسية والمتدربة في فن «الجنشن جتسو»، أمينة السويدي، فحاورتها حول الموضوع، إذ وبسؤالها عن سلوكات الإنسان السعيد وغير السعيد أجابت: «مواجهة الأحداث الحياتية اليومية وطريقتها هي التي تحدد سلوكات الإنسان السعيد وغير السعيد؛ فالسعيد عندما تأتيه مشكلة ينظر إليها على أنها لن تدوم فلا ييأس، وكذلك على أنها تقف في هذا الجانب من حياته فحسب فلا يعممها، وذلك مع إيمانه بأنه مجتهد وربما يخطئ أو يصيب فلا يؤنب نفسه». وتضيف: «السعيد يستقبل الأحداث على أنها تحمل رسالة، وينظر إلى المشكلات على أنها فرص للتغيير، والسعيد يتفهم الآخرين ويعذرهم على اجتهاداتهم الخاطئة مع حرصه على نفسه وغيره».
التعامل مع نفسه
وعن كيفية تعامل السعيد مع نفسه، قالت أمينة السويدي: «لا تجد شخصاً يتسم بأنه سعيد وهو لا يحسن التعامل مع نفسه وذاته، إن الشخص السعيد هو الذي يقدر نفسه ويحترمها، فهو يقدر أن لله سبحانه، خلقه، وقد أحسن خلقه وأكرمه. وهو يعلم أنه ربما يخطئ في اجتهاداته أحياناً وفى رغباته أحياناً أخرى، لكنه سرعان ما يتوازن ويعذر نفسه ويرسم خطه».
وأوضحت أمينة أن السعيد يحترم نفسه ويقدرها ويحبها فيعطيها حقها من الراحة والمتعة، والثقافة والعلم، والصحة والرياضة، والاجتماع مع الإيجابيين، والبهجة الروحانية. وكذا فإن السعيد يكرم نفسه فليس هو بالفدائي الذي يقتل نفسه من أجل الآخرين.
التعامل مع الآخرين
وبسؤالها عن كيفية تعامل الإنسان السعيد مع غيره، قالت: «قلنا إن السعيد ليس بالفدائي الذي يهب نفسه ضحية للآخرين، لكنه أيضاً ليس بالأناني الذي لا يفكر إلا في نفسه؛ فهو جزء من أسرة ومجتمع وأمة وعالم، فلديه أعمال واهتمامات يخدم فيها أسرته ومجتمعه وعالمه، وهو بذلك يوازن بين نفسه والآخرين». وأكدت أمينة أن «السعيد لديه قبول لدى الآخرين فهو يقبل جهلهم واجتهاداتهم وطرق تعاملهم واختلاف سلوكاتهم؛ ولا يقسم شخصيات وسلوكات الناس كما يشاء، بل يقبلهم كما هم، وهو في حل في اختيار الأنسب له في المعاشرة والصداقة، كما أنه يسمح للآخرين في أن يختاروا من يناسبهم أيضاً».
السعيد هو الإيجابي
وبينت المتخصصة أمينة السويدي، أن السعيد هو الإيجابي: «إن الشخص السعيد هو الذي يتفاعل مع الحياة، فلا يجلس في بيته ينتظر سعادته وهو يتشكى، بل يبحث ويقرأ ويسمع ويشاهد ويحضر الدورات والندوات والمؤتمرات ..لا يركن إلى السماع والقراءة فحسب، بل يتفاعل ويطبق حتى يصل إلى ما يريد».
وتابعت: «السعيد يفكر بإيجابية ر له ولغيره. فهو دائما يعشق التغيير والتطور والتنمية، ولا ينفك يفعل ذلك، وهو يعلم أن الحياة تقف عندما يقف التطور والتعلم».
سمات
تشير التعاريف العلمية المتخصصة، إلى أن السعيد إنسان ينضح بالمشاعر والأحاسيس الشفيفة والقوية النابضة، وهو عندما تأتيه يتقبلها ويعطيها وقتها للتعبير، لكنه لا يرضى أن يكون آلة حزن وتنديد واضطراب، كما أنه لا يرضى أن يكون ضحية، بل هو يتقبل واقع مشاعره وأحاسيسه، وفور هدوئها يعمل على تحسينها بالعلم والعمل والإصرار.
البيان