رأي ومقالات

عبدالباقي الظافر: وقفت أمام قسم الشرطة.. كان أكثر من شخص يريد أن يساعد امرأة جميلة وثرية

أدرت سيارتي.. انتظرت قليلا ريثما تسخن الماكينة.. دائماً انتظر بضع دقائق قبل أن انطلق.. أبي يفعل هذا دائماً.. اتبعت فعله دون أن اسأله لماذا الانتظار.. كان هذا مشواري الأول وحيدة بعد طلاقي من زوجي.. أبي وقف بجانب السيارة وبدبلوماسية تشربها من خلال عمله الطويل في وزارة الخارجية.. أدار بصره نحو ساعة يده وأخبرني أن الوقت متأخر جدا.. ابتسم بحزن لأن ساعتي كانت تقول مازال الوقت مبكرا. تجاهلت ملاحظة أبي وتحركت إلى الشارع.. كانت تلك المرة الأولى التي يضع فيها أبي قيدا على حريتي.. عملي كطبيبة وناشطة اجتماعية يجعلني دائما منفتحة على الآخرين.. كثيرا ما خرجت مبكرا أو عدت بعد منتصف الليل.. تذكرت أن والدتي ايضا علقت أمس على وضعي لمكياج غير مناسب.. والدتي كانت مباشرة في اتهامها.. قالت لي أنت الآن مطلقة.. يجب أن تحتاطي لهذا الوضع.
لم اكن اعرف إلى أين اتجه.. هذه المرة الأولى التي أبكي فيها بهذه الحُرقة.. كنت اسأل نفسي من المخطئ؟.. طليقي قابلته في مناسبة اجتماعية.. عاملني بلطف ورقة.. دخل إلى حياتي عبر انشطة جمعية مناهضة ختان الإناث.. كان يتحدث بحماس عن هذه الأزمة.. زارني اكثر من مرة في مكتبي.. وقعت في حبه باعتباره رجل أعمال يحمل أفكاراً عصرية.. لم احقق معه لماذا طلق زوجته.. اوجز كلامه أن أسرار غرفة النوم يجب أن تنتهي مع إشعال النور مرة أخرى.

تأكدت أن حريتي سلبها عمار عندما رمى بيمين الطلاق.. فكرت أن اتصل عليه استجديه أن يردني إلى عصمته كي استرد حريتي.. بدأت في الضغط على أزرار الهاتف.. قبل أن أكمل كانت مكالمة أخرى تنساب بين الرغبة والتردد.. أبو القاسم على الخط.. شعرت أن قاسما تدخل في الوقت المناسب ليحفظ كرامتي.
سألته بلهفة أين أنت؟.. فيما كان رده يحمل ذات التساؤل.. كان كلانا يستنجد بالآخر.. أخبرني أنه في حراسة القسم الشرقي بسبب تحرير شيك بدون رصيد.. هذا الاستهزاء هو الذي جعلني ارفض عرضه للزواج مني.. كنت ادرك أنه يحبني بإخلاص.. لم أبادله تلك العاطفة.. ولكن احببت حبه.. كان دائما يريد أن يسعدني.
لم افعل شيئا غير أن غيَّرت اتجاهي.. الآن ادركت إلى أين أنا ذاهبة.. وقفت أمام قسم الشرطة.. كان أكثر من شخص يريد أن يساعد امرأة جميلة وثرية.. الضابط سألني أن كنت قريبته.. عندما نفيت الاتهام.. قال لي بشكل مخيف إذن أنتِ واحدة من ضحاياه.. شعرت بالاستفزاز.. بدأت ادافع عن سجينه.. سألته هل تعرفه من قبل.. لاذ السجان بالصمت قبل أن يأمر أحدهم بإحضار قاسم.. كان ذلك من باب الكرم .
تحرج قاسم من الحديث أمام رجل غريب.. دفعته دفعا عندما سألته أن كان مازال يرغب في زوجة على سُنة الله ورسوله.. لأول مرة يبتسم السجين.. حاول الضابط أن ينسحب عندما رآنا نقترب من غرفة النوم.. قلت له مهلا ستكون أنت شاهدنا على الزواج.
عدنا ثلاثتنا إلى أبي في البيت وكل منا يحسب أنه حرر الآخر.

قلم: عبدالباقي الظافر- التيار

‫4 تعليقات

  1. [B][SIZE=5][FONT=Arial Black]قصة جميلة جداً سواء كانت حقيقية أم من الخيال[/FONT][/SIZE] [/B]